سياسة / ملفات خاصة اليوم, 16:10 | --


تحول انتخابي في ديالى: نساء "ريفيات" يدخلن السباق البرلماني لأول مرة منذ 2003

بغداد اليوم - ديالى

ظل حضور المرأة في الحياة السياسية العراقية مقيدًا بقوانين الكوتة والضمانات الدستورية أكثر مما كان نتاجًا لوعي مجتمعي واسع. الدستور العراقي نصّ بوضوح على تخصيص 25% من مقاعد البرلمان للنساء، وهو ما شكل قاعدة قانونية ثابتة، لكن في محافظات مثل ديالى ظل التمثيل محدودًا، وغالبًا ما ارتبط بعوامل حزبية أو مجتمعية حالت دون بروز مرشحات مستقلات أو قادمات من بيئات ريفية. وفق تقديرات قانونية، فإن هذا القيد لم يكن نابعًا من النصوص بقدر ما كان نتيجة واقع اجتماعي وأمني معقد، حيث تداخلت القيود العشائرية مع النزاعات الطائفية لفرض حضور شكلي للمرأة.

في حديثها لـ"بغداد اليوم"، كشفت رئيسة منظمة محلية تُعنى بحقوق المرأة في ديالى، إلهام قدوري، أن "مشاركة المرأة في العمل السياسي داخل ديالى بعد 2003 كانت محدودة للغاية بسبب القيود المجتمعية، كما كانت نسب التصويت منخفضة، إلا أن الصورة بدأت تتغير تدريجيًا". هذا التغيير، وفق مقاربات سياسية حديثة، يعكس تحولات في المزاج العام سمحت بإزالة بعض الحواجز التقليدية أمام المرأة، وفتح المجال أمام جيل جديد من المرشحات القادرات على خوض المنافسة دون الاتكاء على الكوتة وحدها.

من أبرز مظاهر التحول أن جزءًا كبيرًا من المرشحات المسجلات لانتخابات تشرين الثاني المقبل ينحدرن من مناطق ريفية، وهو ما وصفته قدوري بأنه "أمر نادر لم يُسجّل من قبل، ويعكس زوال القيود المجتمعية وتشجيع النساء على المشاركة والتصويت". بحسب قراءات قانونية، فإن دخول المرأة الريفية إلى العملية السياسية لا يعني فقط كسر العادات الاجتماعية الصارمة، بل يشير أيضًا إلى توسع دائرة التمثيل النيابي بما يغطي شرائح أوسع من الناخبين.

أما على مستوى البرامج السياسية، فقد أشارت قدوري إلى أن "الكثير من المرشحات يقدمن برامج مميزة تميزهن عن برامج المرشحين من الرجال، ونتوقع أن تحصل بعضهن على أصوات تتجاوز نسبة الكوتة". هذا التوقع، بحسب تقديرات بحثية مستقلة، يفتح الباب أمام تغيير نوعي في موقع المرأة داخل البرلمان، حيث تتحول من موقع "الملء القانوني" إلى موقع "التنافس الحر" الذي يمنحها شرعية أكبر في التأثير.

التجارب المقارنة في انتخابات 2018 و2021 تُظهر أن النساء تمكنّ من الفوز بمقاعد بأصوات مباشرة فاقت نسبة الكوتة، ما يعكس مسارًا تصاعديًا. تشير بيانات رقابية من المفوضية العليا للانتخابات إلى أن أكثر من 90 مرشحة في دورة 2021 تمكنّ من كسب مقاعدهن بأصوات فعلية، وهو مؤشر يتقاطع مع ما يحدث اليوم في ديالى. ويفسر خبراء في الشأن المؤسسي هذا التحول بأنه نتاج تراكم تدريجي للتجربة الديمقراطية وتوسع أدوار منظمات المجتمع المدني في رفع وعي الناخبين.

من هذه المؤشرات أن انتخابات ديالى المقبلة لن تكون مجرد تكرار لدورات سابقة، بل قد تمثل نقطة انعطاف في موقع المرأة داخل المعادلة السياسية. فالمشاركة النسائية التي بدأت من الكوتة تتحول الآن إلى مشاركة فعلية تنطلق من الريف كما من المدن، وتُظهر أن المجتمع المحلي بات أكثر استعدادًا لمنح المرأة دورًا تشريعيًا فعّالًا. وفق المداولات الدستورية، فإن هذا التطور يعزز مبدأ المساواة ويضع العملية السياسية على مسار أكثر شمولية، بينما يرى مراقبون أن تجاوز الكوتة سيكون بمثابة اختبار حقيقي لمدى نضج التجربة الديمقراطية في العراق بعد عقدين من التغيير.

المصدر: بغداد اليوم+ وكالات

أهم الاخبار