كهرباء لا تنقطع وجيوب تستنزف.. مشروع "روناكي" يشعل الجدل في كردستان

بغداد اليوم – كردستان

لا يخلو حديث أي اثنين في السليمانية وباقي مدن إقليم كردستان عن مشروع "روناكي" الذي صوت عليه مجلس الوزراء في إقليم كردستان، والذي من المفترض أن يوفر الكهرباء لمدة 24 ساعة للمواطن.

وشمل المشروع الجديد أكثر من 43 حيًا في عموم كردستان، مستفيدًا منه أكثر من 600 ألف مواطن، مما عزز من استقرار التيار الكهربائي وساهم في تحسين نوعية الحياة.

ولكن، بدأت علامات الخوف تظهر على المواطن الكردي، حتى ضجت مواقع التواصل الاجتماعي برفض كبير للمشروع، قائلين إنه سيسبب كوارث كبيرة للمواطن، ويضطره لدفع مبالغ طائلة للكهرباء في ظل أزمة الرواتب التي يعيشها منذ سنوات.

وابتسمت التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي بنوع من الطرافة الناقدة للمشروع الجديد، الذي تبنته حكومة كردستان. فمنهم من كتب "وداعًا للسبالت"، ومنهم من كتب "المواطن لن يتحمم شتاءً، بسبب خشيته من تشغيل السخان"، ومنهم من كتب "راح نترحم على المولدات"، ومنهم من كتب "الجميع صار مؤجر، حتى اللي بيته ملك".

تأثيرات سلبية على أصحاب المولدات ومطالب بالدعم
كشف رئيس جمعية المولدات الأهلية في محافظة السليمانية عثمان محمد، اليوم الأحد (25 أيار 2025)، عن تأثيرات سلبية واسعة خلفها مشروع "روناكي" الذي أطلقته حكومة إقليم كردستان مؤخرًا، مشيرًا إلى توقف عشرات المولدات الأهلية عن العمل وتكبد أصحابها خسائر مالية كبيرة.

وقال محمد في تصريحات صحفية تابعتها "بغداد اليوم" إن "المشروع أدى إلى إيقاف تشغيل 17 مولدة، سبع منها في مركز سوق السليمانية، و10 في المناطق السكنية"، مشيرًا إلى أن "في السليمانية وحدها هناك 531 مولدة مجازة رسميًا، فضلًا عن وجود أكثر من 70 مولدة تعمل حاليًا، بعضها دون ترخيص".

وأوضح أن "بعض أصحاب المولدات يملكون إجازة واحدة فقط، بينما يشغلون مولدتين، وهو ما ضاعف من حجم الضرر الواقع عليهم بعد تطبيق المشروع".

وأضاف أن "أصحاب المولدات قدموا ثمانية مطالب إلى الجهات المعنية، أبرزها السماح باستمرار عمل المولدات لمدة سنتين كمرحلة انتقالية، مع إلغاء الرسوم والضرائب المفروضة على أصحاب المولدات، وتوفير دعم مالي وفني في حال حدوث أعطال، خاصة مع تراجع الإيرادات وعدم كفايتها لتغطية نفقات الصيانة".

وختم محمد بالتأكيد على أن الخسائر المادية التي لحقت بأصحاب المولدات في عموم إقليم كردستان، ويقدر عددهم بنحو خمسة آلاف، قد بلغت مليار دينار عراقي، داعيًا الحكومة إلى تحمل تبعات المشروع السلبية، تمامًا كما تنسب لنفسها الإيجابيات.

خبير اقتصادي يطالب بأسعار "مقبولة" وبرلمانيون يطعنون في المشروع
أكد الخبير في الشأن الاقتصادي عثمان كريم أن، تطبيق مشروع الكهرباء وتوفيرها لمدة 24 ساعة، حالة إيجابية، لكن بأسعار مقبولة.

ولفت خلال حديثه لـ "بغداد اليوم" أن "المواطن في كل دول العالم يدفع ضرائب للكهرباء، لكنه بذات الوقت يستلم راتبه الشهري بانتظام، وراتبه مرتفع، ودخله مناسب لدفع الضرائب".

وأشار إلى أنه "يجب مراعاة أصحاب الدخل المحدود من الكسبة والمتقاعدين في عملية احتساب أجور الكهرباء الخاصة بمشروع روناكي".

وأعلنت حكومة كردستان عن إجراء تخفيضات للمواطن بنسبة 50% للشهر الأول و25% من الشهر الثاني، و15% من الشهر الثالث، من انطلاق مشروع روناكي، كي يعتاد المواطن على الأجور الجديدة.

وكان وزير كهرباء حكومة إقليم كردستان، كمال محمد قد أعلن أن الإقليم أحرز تقدمًا كبيرًا في تحسين منظومة الكهرباء. وأشار محمد في تصريح لوسائل إعلام كردية، تابعته "بغداد اليوم"، إلى "إضافة 1800 ميغاواط جديدة إلى الشبكة، وتشغيل 30 محطة توزيع كهرباء جديدة". وأضاف محمد، أن "95% من المستفيدين من نظام الكهرباء المستمر راضون عن الخدمة، مما يعكس نجاح استراتيجية الحكومة في تحسين البنية التحتية الكهربائية".

تعرفات مشروع "روناكي" للكهرباء:
وبحسب القرار الذي أقر بأغلبية الأصوات خلال اجتماع مجلس الوزراء، ستطبق تعرفة "روناكي" وفقًا لحجم استهلاك الأسر شهريًا:

من 1 إلى 400 ك.و.س: 72 دينارًا (0.05 دولار)
من 401 إلى 800 ك.و.س: 108 دنانير (0.08 دولار)
من 801 إلى 1200 ك.و.س: 175 دينارًا (0.12 دولار)
من 1201 إلى 1600 ك.و.س: 265 دينارًا (0.19 دولار)
أكثر من 1600 ك.و.س: 350 دينارًا (0.25 دولار)
ووصف رئيس الوزراء في إقليم كردستان مسرور بارزاني المشروع بأنه من أبرز إنجازات حكومته، معتبرًا أنه يلبي مطلبًا شعبيًا طال انتظاره، ويعد من الحقوق الأساسية للمواطنين. وقال بارزاني إن "المشروع وطني بالكامل، ويدار من قبل وزارة الكهرباء، وينفذ عبر كوادر محلية من القطاع العام. كما يسهم في تحسين البيئة والصحة العامة عبر تقليل الاعتماد على المولدات".

من جهة أخرى، قال رئيس كتلة الموقف في برلمان إقليم كردستان علي حمه صالح، إن الأسعار الجديدة "مرتفعة بشكل غير مقبول"، مضيفًا "نرفض هذه التعرفة تمامًا". ونشر لاحقًا على فيسبوك "نبدأ الليلة حملة واسعة ضد هذه الزيادات يجب أن تراعي الحكومة الظروف المعيشية للناس".

إلى ذلك أكد عضو برلمان إقليم كردستان أنهم تقدموا بشكوى إلى القضاء، وتحديدًا محكمة استئناف السليمانية، لرفض هذا المشروع، كونه يضر بالمواطن. وذكر في حديثه لـ "بغداد اليوم" أن "الأسعار التي سيدفعها المواطن لهذا المشروع خيالية، وأكثر حتى من أسعار المجمعات السكنية، ولم تراع وضع المواطن، والأزمات الاقتصادية التي يعيشها". وتابع أن "حكومة إقليم كردستان لم تستند إلى أي قانون في زيادة أسعار الكهرباء بحجة توفير الكهرباء على مدار 24 ساعة، وهو ما يعد مخالفة صارخة لنص الفقرة الأولى من المادة 28 من الدستور، لأن التصويت على المشروع يحتاج إلى موافقة برلمان الإقليم".