بغداد اليوم – بغداد
يتحول مشروع مجمع دار السلام السكني على طريق مطار المثنى في بغداد من حلمٍ سكني راقٍ إلى كابوسٍ عمراني، بعدما خرج العشرات من السكان اليوم الخميس (23 تشرين الأول 2025) في تظاهرة احتجاجية أمام بوابات المجمع، مطالبين الحكومة بالتدخل العاجل لوقف ما وصفوه بـ"الانهيار التدريجي" في المباني والخدمات.
يقول الأهالي إنهم تسلّموا شققهم بعد عامين من الموعد المحدد في العقد، إذ كان يفترض تسليمها عام 2023، لكن إدارة المشروع أجّلت التسليم حتى منتصف 2025، بحجة استكمال أعمال الإنهاء. غير أن الصدمة كانت في نوعية التنفيذ.
ويؤكد أحد الساكنين أن "الشقق التي بيعت بأسعار تجاوزت 250 ألف دولار، كانت دون المواصفات المنصوص عليها في التندر، حيث أُلغيت بعض التفاصيل الإنشائية والتشطيبية دون أخذ موافقة المالكين".
خلال الأسابيع الماضية، ظهرت تشققات في الجدران والأرضيات وتسربات مياه في الأساسات، رافقها طفح متكرر في شبكات الصرف الصحي، وفقا لفيديوهات متداولة.
ويقول السكان إن بعض البنايات "تعاني من هبوط أرضي جزئي بسبب ضعف الأساسات، فيما تحولت المساحات الخضراء إلى مواقع بناء عشوائية"، محذرين من انهيار وشيك في بعض الأجنحة السكنية إن لم تُعالج المشكلة فورًا.
تسببت هذه المشاكل بانخفاض حاد في أسعار الوحدات داخل المجمع. وبحسب وسطاء عقاريين تحدثوا إلى "بغداد اليوم"، فإن سعر المتر السكني في المجمع انخفض بنسبة تفوق 40% خلال عام واحد، بعد أن كان المجمع من المشاريع التي استقطبت الطبقة المتوسطة العليا في بغداد.
ويؤكد أحد الوسطاء أن "حالة الهلع بين المالكين دفعت بعضهم لبيع شققهم بأقل من كلفتها الفعلية، فيما توقفت حركة الشراء الجديدة تمامًا منذ منتصف الصيف".
ويشير سكان المجمع إلى أن الخدمات الأساسية شبه معدومة: انقطاع متكرر في الماء والكهرباء، طفح المجاري، وانتشار الكلاب السائبة، فضلًا عن غياب فرق الصيانة والإدارة الدائمة للمجمع.
ويضيف أحد المحتجين أن "إدارة المشروع تفرض أجور خدمات غير منطقية دون أي مقابل فعلي"، مشيرًا إلى أن "محاولات السكان لتقديم شكاوى قوبلت بالتجاهل، بل تعرض بعضهم للتهديد بعدم تجديد بطاقات الدخول للمجمع".
يتحدث الأهالي عن "شبهات فساد في عقود التنفيذ" وعن تغييرات تمت في التصاميم الأصلية دون علم دائرة الاستثمار أو الجهات الرقابية. ويؤكد عدد من الساكنين أن "المشروع الذي يفترض أنه بإشراف مباشر من هيئة الاستثمار، تحوّل إلى نموذج للفوضى الإدارية"، مطالبين رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ووزارة العمل والبلديات بـ"فتح تحقيق شامل حول أسباب الانهيار الخدمي والمالي في المجمع".
ويحذر سكان دار السلام من أن "الوضع الحالي ينذر بكارثة إنشائية حقيقية"، داعين الجهات المختصة إلى إرسال لجان فنية هندسية لفحص الأبنية. ويؤكد أحد السكان: "هناك تصدعات ظاهرة في بعض الجدران الخارجية، وصوت التصدع يُسمع ليلًا في بعض البنايات، ما يجعلنا نعيش في خوف دائم من انهيار مفاجئ."
يبدو أن مشروع دار السلام، الذي كان يفترض أن يكون نموذجًا للتخطيط العمراني الحديث في بغداد، تحول إلى مرآة لأزمة الرقابة على المشاريع الاستثمارية.
فبين وعود الشركات، وصمت الجهات الرقابية، ومعاناة السكان اليومية، تتكشف مأساة أكبر تتعلق بثقة المواطن في مشاريع الدولة الاستثمارية.
المصدر: قسم الرصد والمتابعة في "بغداد اليوم" + وكالات + مواقع التواصل الإجتماعي
بغداد اليوم – بغداد التعليم في العراق لم يعد أزمة مناهج أو مدارس فحسب، بل أزمة وعي كامل بدور المعرفة في بناء الإنسان. فبينما يتجه العالم نحو "التعلّم القائم على التجربة"، ما زال الطالب العراقي حبيس الورقة والقلم والدرجة النهائية. لهذا يكتسب