اقتصاد / ملفات خاصة اليوم, 23:11 | --

المخاوف مبالغ فيها


"بغداد اليوم" تحاور المستشار الاقتصادي للسوداني: الحديث عن "خطر الديون" سياسي لا مالي

بغداد اليوم – بغداد

في حوارٍ خاص أجرته وكالة "بغداد اليوم"، أكد مستشار رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية الدكتور مظهر محمد صالح، أن ملف الدين العام في العراق يُدار وفق أعلى المعايير الفنية وبكفاءة مؤسسية رفيعة، موضحاً أن المخاوف التي تُثار بشأن تفاقم المديونية مبالغ فيها ولا تستند إلى معطيات واقعية.

بدايةً، ما هو الحجم الفعلي للديون الخارجية المستحقة على العراق حالياً؟

قدر تعلق الأمر بالديون الخارجية الواجبة السداد، فإن مجموعها لا يتجاوز 13 مليار دولار، ويُستحق نصف هذا المبلغ فقط حتى عام 2028. وقد خُصصت في الموازنة العامة الاتحادية أبواب صرف سنوية لتسديدها، ولم يتخلف العراق إطلاقاً عن السداد في أي موعد، وذلك بفضل آليات فنية دقيقة وتنسيق حكومي متكامل بين وزارة المالية والبنك المركزي العراقي.

ويُعدّ موقف العراق تجاه الدائنين الخارجيين من أفضل المواقف في المنطقة، إذ يتمتع بسمعة مالية طيبة ومصداقية عالية في الوفاء بالتزاماته.

وماذا عن الديون القديمة العائدة إلى مرحلة النظام السابق؟

هناك دينٌ يخص النظام السابق، وليس للحكومة العراقية الحالية أي مسؤولية راهنة في تحمله، ومقداره بنحو 40 مليار دولار، يعود إلى مجموعة دول يفترض إطفاؤه بموجب اتفاقية نادي باريس لعام 2004 بنسبة 80% أو أكثر.

هذا الدين يتعلق بتمويل الحرب العراقية – الإيرانية، ولم يخدم التنمية مطلقاً، لذلك يُعد في الأعراف الدولية من الديون البغيضة، أي التي تُستثنى من السداد لأنها ارتُكبت ضد مصالح الشعوب.

وهو اليوم مجمد دولياً ولا قيمة اعتبارية له خارج إطار الترتيبات التي نصّت عليها اتفاقية نادي باريس في شطب ديون العراق للنظام السابق قبل عام 1990.

وماذا عن الدين الداخلي؟ هناك من يصفه بالعبء الأكبر على الاقتصاد العراقي؟

أما ما يُثار من حديث حول الدين العام الداخلي البالغ نحو 91 تريليون دينار، فهو في معظمه بحوزة الجهاز المصرفي الحكومي حصراً، حيث إن أقل من نصفه موجود حالياً في المحفظة الاستثمارية للبنك المركزي العراقي.

هذا الدين يُدار بمستوى فني ومالي عالٍ، وتُشرف عليه الدوائر الاقتصادية والمالية المختصة لضمان استقراره واستدامته.
لذلك لا مبرر للقلق إطلاقاً، ما دامت هناك آليات واقعية قيد البحث والتنفيذ تعمل عليها كلٌّ من السياسة النقدية والمالية لإطفاء الدين الداخلي بطرق موضوعية ومبتكرة.

هل يمكن توضيح الآليات التي تعمل الحكومة من خلالها لإدارة هذا الدين؟

من أبرز هذه الآليات تحريك ما يقابل الدين الداخلي من ثروات وطنية حقيقية قابلة لإعادة الاستثمار والتملك، وذلك ضمن صندوق وطني متكامل يُعَدّ نموذجاً جديداً لإدارة الدين، يهدف إلى تحويله إلى حقوق استثمارية في مشاريع إنتاجية تُسهم في تنشيط الاقتصاد الحقيقي، وتعمل في الوقت ذاته كضامنٍ ومسددٍ للدين.

وقد انتهت لجان مختصة، بمساعدة شركات استشارية دولية، من إعداد خطة متكاملة منذ أشهر، تتضمن الانتهاء من تحويل ديون داخلية تقدر بأكثر من 20 تريليون دينار إلى أدوات استثمارية إنتاجية تمثل مرحلة أولى من برنامج وطني لإدارة الدين الداخلي بطريقة تنموية، تُحوّل الالتزامات المالية إلى روافد اقتصادية جديدة.

البعض يربط الحديث عن الديون بمخاوف سياسية وانتخابية.. ما تعليقكم؟

إثارة خطر الدين العام، وبخاصة الخارجي، تُستعمل غالباً في سياقات سياسية أو انتخابية، ولا تعكس الوضع المالي الحقيقي للبلاد.
العراق يمتلك احتياطات نقدية أجنبية تتجاوز 100 مليار دولار لدى البنك المركزي، وهي تغطي الدين الخارجي أضعافاً مضاعفة من حيث مؤشرات الكفاءة المالية المعتمدة عالمياً.

كما أن الدين الداخلي تراكم تاريخياً بسبب الميل إلى الاعتماد على الاقتراض الداخلي بالدينار بدلاً من الاقتراض الخارجي بالدولار، نتيجة تقلبات أسواق الطاقة العالمية خلال السنوات العشر الماضية.

وكيف تقيّمون العجز الممول في السنوات الأخيرة؟

العجز الذي جرى تمويله خلال السنوات الثلاث المنصرمة لم يشكل سوى نسبة جزئية مقدارها لا تزيد على 37% من سقف العجز المخطط أو التحوطي، كما جاء في قانون الموازنة العامة رقم 13 لسنة 2023 (موازنة السنوات الثلاث) المعمول بها حالياً.

وبذلك يبقى إجمالي الديون الداخلية والخارجية نسبةً إلى الناتج المحلي الإجمالي في النطاق العالمي الآمن، ولا يتعدى 30%، بينما المعيار الدولي الآمن يبلغ 60%.

في ضوء ما تقدم، كيف تصفون الموقف المالي العام للعراق اليوم؟

بكل وضوح، يمكن القول إن العراق اليوم يمتلك ثروات اقتصادية تفوق حجم ديونه بكثير، ويدير ملف الدين بمسؤولية وكفاءة عالية. ما يجري حالياً ليس تراكم مديونية خطرة، بل إعادة هيكلة ذكية للالتزامات المالية باتجاه تحويلها إلى فرص استثمارية منتجة.

لذلك، يمكن القول إن موقف العراق المالي مستقر وسمعته الائتمانية ممتازة، وهو ما يؤهله لأن يكون نموذجاً في إدارة الدين ضمن المنطقة، لا استثناءً فيها.

المصدر: وكالة بغداد اليوم الإخبارية

أهم الاخبار

وزير الخزانة الأمريكي: سيتم إعلان عقوبات كبيرة وقوية على روسيا

بغداد اليوم – متابعة أعلن وزير الخزانة الأمريكي، مساء اليوم الأربعاء (22 تشرين الأول 2025)، أن الرئيس دونالد ترمب يشعر بخيبة أمل إزاء وضع محادثات إنهاء الحرب في أوكرانيا. وقال الوزير إن البيت الأبيض سيعلن اليوم أو غدًا الخميس فرض عقوبات جديدة على روسيا،

اليوم, 23:25