عربي ودولي / ملفات خاصة اليوم, 15:30 | --


147 دولة تعترف بفلسطين.. الاعترافات الغربية تكسر السردية الإسرائيلية

بغداد اليوم – متابعة

شهدت الساحة الدولية خلال الأيام الماضية تحولا نوعيا في المواقف تجاه القضية الفلسطينية، بعدما أعلنت بريطانيا وكندا وفرنسا انضمامها إلى قائمة الدول التي اعترفت رسمياً بدولة فلسطين، لترتفع الحصيلة إلى ما يقارب 147 دولة من أصل 193 عضواً في الأمم المتحدة. وفق مقاربات سياسية حديثة، هذا التحول يمثل ضغطاً دبلوماسياً غير مسبوق على إسرائيل، ويضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية إعادة تفعيل حل الدولتين بعد سنوات من الجمود. كما أن رمزية الموقف البريطاني تحديداً تحمل دلالة خاصة، كونها الدولة التي أطلقت وعد بلفور عام 1917 وأسست لقيام إسرائيل، ثم عادت اليوم لتقرّ بحق الفلسطينيين في دولة مستقلة.

في هذا الإطار، أوضح المختص في القانون الدولي حبيب القريشي أن "الاعتراف بدولة فلسطين استحقاق قانوني والتزام أخلاقي على الدول خاصة التي تقول إنها تتمسك بحل الدولتين، فضلا عن تأكيدها على أن السلام يبنى على القانون الدولي وليس بالدبابات والجرافات والقصف وجرائم الإبادة والتهجير والضم". بحسب قراءات قانونية، فإن هذا الاعتراف يعزز مبدأ المشروعية الدولية، ويُحوّل الدعم النظري للفلسطينيين إلى التزامات عملية تلزم الدول باحترام القانون الدولي الإنساني.

وتشير بيانات رقابية إلى أن التحركات الفلسطينية تهدف الآن إلى استثمار هذه الاعترافات المتراكمة من أجل الوصول إلى عضوية كاملة في الأمم المتحدة، وهو ما أشار إليه القريشي بقوله إن "فلسطين ستعمل على هذه الاعترافات حتى تحصل على عضوية كاملة بالأمم المتحدة بدل (عضو مراقب) وتعمل على تعظيم الجهود السياسية والدبلوماسية والقانونية والدولية لتحقيق عدة أهداف". تُظهر التجارب المقارنة أن الانتقال من صفة مراقب إلى صفة عضو كامل يمنح الدولة مجالاً أوسع للمشاركة في القرارات الدولية والتقاضي أمام المحاكم الجنائية والدولية.

كما لفت القريشي إلى أن "من بين تلك الأهداف مساءلة ومحاسبة الاحتلال على جرائمه، إضافة الى استكمال إنهاء جميع إجراءات الاحتلال أحادية الجانب وصولا لتطبق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، مع تعزيز الشخصية القانونية والولاية المعترف بها لدولة فلسطين ريثما يتم تجسيدها على الأرض". وفق تقديرات بحثية مستقلة، هذا الطرح يعني أن الاعترافات ليست خطوة رمزية فقط، بل أداة لتقويض السياسات الإسرائيلية أحادية الجانب، ولإعادة إدماج مبادرة السلام العربية ضمن السياق الدولي بعد تراجع الاهتمام بها خلال السنوات الأخيرة.

البعد الآخر يتمثل في المكاسب المؤسسية، وهو ما أوضحه القريشي حين قال إن "الاعتراف بفلسطين دولة من قبل دول العالم، سيعمل أيضا على تعزيز وتطوير علاقات دولة فلسطين سواء مع تلك الدول وفي مختلف المجالات". يُفسر خبراء في الشأن المؤسسي هذا الجانب باعتباره مدخلاً للحصول على تمويلات من البنوك الدولية، والانضمام إلى منظمات متخصصة، وتوقيع اتفاقيات تجارية باسم "دولة فلسطين"، ما يحوّل الاعتراف إلى رافعة اقتصادية وتنموية.

وفي مقابل هذا المسار القانوني والسياسي، يقدّم الصحفي الاستقصائي السعودي مالك الروقي رؤية أكثر التصاقاً بالواقع الميداني. فهو يعتبر أن الخريطة التي تظهر اللون الأخضر لمناطق السيطرة الفلسطينية في غزة والضفة مهددة بالزوال، موضحاً أن إسرائيل أحكمت سيطرتها على غزة وتسعى لتهجير سكانها عبر البحر، فيما يخطط قادة اليمين الإسرائيلي لضم الضفة الغربية بالكامل وتحويل سكانها إلى مقيمين تمهيداً لطردهم. وفق مقاربات سياسية حديثة، هذا التحليل يربط الاعترافات الدولية بخطورة التوسع الإسرائيلي الذي يهدد بإنهاء أي وجود فلسطيني فعلي على الأرض.

ويمضي الروقي في تحليله محذراً من أن نجاح هذا المخطط يعني تهجير سكان غزة كلاجئين، وإنهاء السلطة الفلسطينية، وتحويل جوازها إلى عبء على حامليه. تقديرات بحثية تشير إلى أن مثل هذا السيناريو سيقود إلى شتات فلسطيني جديد، ويمنع المنظمات الأممية من تقديم الدعم بحكم غياب ممثل معترف به، ويمنح إسرائيل تفوقاً قانونياً في إدارة الأراضي المحتلة.

ويربط الروقي بين هذه التطورات والتحرك السعودي الذي ضغط على فرنسا ودول أخرى للاعتراف بفلسطين، باعتبار ذلك خطوة تجمد المخطط الإسرائيلي وتؤسس لحق قانوني يصعب التراجع عنه. تشير المداولات الدبلوماسية إلى أن هذا التحرك مثّل أكبر إخفاق لإسرائيل على المستوى الخارجي، خاصة مع الاعتراف البريطاني الذي عكس تحولاً تاريخياً في السردية الغربية تجاه القضية الفلسطينية.

المساران القانوني الذي عرضه القريشي، والميداني الذي طرحه الروقي، يلتقيان في أن الاعتراف بدولة فلسطين لم يعد خياراً سياسياً بل ضرورة استراتيجية لوقف مشروع الإلغاء الإسرائيلي. الاعترافات الأخيرة من دول كبرى مثل بريطانيا وكندا وفرنسا أظهرت أن السردية الإسرائيلية تواجه تراجعاً حقيقياً، وأن المجتمع الدولي بدأ يعيد تعريف الأراضي الفلسطينية على أنها "أراضٍ محتلة" لا "متنازع عليها".

الخلاصة أن الاعتراف الدولي المتصاعد بدولة فلسطين يشكّل حجر الزاوية في تثبيت الحقوق الفلسطينية، ويمنح الفلسطينيين أدوات قانونية ودبلوماسية واقتصادية جديدة، فيما يجعل إسرائيل أمام أكبر تحدٍ دبلوماسي في تاريخها، بعدما تحولت الاعترافات المتراكمة إلى مظلة قانونية تقي الشعب الفلسطيني مخاطر التهجير والاقتلاع.

المصدر: بغداد اليوم+ أكس+ وكالات

أهم الاخبار

موعد امتحانات التلاميذ والطلبة المتغيبين عن الدور الثاني (وثيقة)

بغداد اليوم- بغداد أعلن النائب الأول لرئيس لجنة التربية النيابية، محمود القيسي، اليوم الإثنين، (22 أيلول 2025)، عن موعد امتحانات التلاميذ والطلبة المتغيبين عن امتحانات الدور الثاني للعام الدراسي الماضي 2024 -2025. وقال المحمودي في بيان، تلقته "بغداد

اليوم, 17:02