اقتصاد / ملفات خاصة اليوم, 15:05 | --

المتقاعدون أول الضحايا


بالأرقام.. الخزينة خاوية وإفلاس العراق لم يعد احتمالاً "صار أمراً واقعاً".. شدّوا الأحزمة

بغداد اليوم – بغداد
لم يعد الحديث عن أزمة مالية في العراق مجرد توقعات أو تحذيرات نظرية، بل أصبح واقعاً معاشاً بأدق تفاصيله اليومية. فالدولة التي اعتادت أن تغطي التزاماتها اعتماداً على ريع النفط، تجد نفسها اليوم مكشوفة تماماً أمام شعبها: خزينة شبه فارغة، إيرادات تذوب في بند الرواتب، وأجهزة حكومية عاجزة عن دفع الاستحقاقات في مواعيدها. هذا الواقع يعني أن العراق لا يقف عند حافة الإفلاس فحسب، بل يعيش أعراضه المباشرة؛ من طوابير المتقاعدين الذين ينتظرون ساعات طويلة صرف معاشاتهم، إلى إحساس عام بالقلق والخذلان بعد أن تحولت عوائد النفط، بكل ضخامتها، إلى مجرد أداة لإدامة الاستهلاك بدل أن تكون رافعة للتنمية أو حصناً للاستقرار المالي.

وإذا كان العراقيون قد خبروا مشاهد تأخر الرواتب في سنوات سابقة، مثل أزمة 2020 حين انهارت أسعار النفط، فإن تكرار الصورة اليوم يكشف أن المشكلة لم تُعالج جذرياً. فما بين الموازنات الثلاثية المثقلة بالإنفاق، وسياسات التوظيف الواسع التي جعلت أكثر من نصف القوى العاملة معتمدة على الدولة، أصبح العجز نتيجة حتمية مع أي خلل في تدفق العائدات.

في هذا السياق، نشر السياسي العراقي حامد السيد مؤشرات وصفها بأنها لا تأتي من "جهات معادية للنظام"، بل من داخل الحكومة العراقية نفسها. فإجمالي الرواتب المدفوعة بأنواعها كافة للنصف الأول من عام 2025 بلغ 44.946 تريليون دينار، فيما وصل إجمالي صادرات النفط الخام إلى 45.283 تريليون دينار، بنسبة تغطية بلغت %99.2. هذه الأرقام تكشف أن الصادرات النفطية تكاد تذهب بالكامل إلى تغطية الرواتب، دون أن تترك للحكومة أي مجال للتحرك في ملفات الاستثمار أو الخدمات أو التنمية، وهو ما دفع السيد إلى التحذير الصريح: "الخزينة فرغت.. شدوا أحزمتكم زين.. الإفلاس قادم".

تحليل هذه المعطيات يشير، وفق مختصين، إلى أن الموازنة الثلاثية التي أُقرت بأرقام ضخمة لم تعد تملك غطاءً فعلياً سوى أسعار النفط. فأي هبوط في السوق العالمية – ولو بمقدار بضعة دولارات للبرميل – يكفي لخلخلة التوازن المالي وتعطيل بند الرواتب ذاته، الذي يُفترض أن يكون أكثر البنود حصانة. والمفارقة أن حتى في ظل أسعار مستقرة نسبياً، تكاد العوائد تذوب بالكامل في سد أجور الموظفين والمتقاعدين، وهو ما يجعل الدولة عاجزة عن الإيفاء بوعودها الاستثمارية.

الانعكاسات الاجتماعية لهذه الأزمة بدت واضحة خلال الأشهر الماضية؛ فالمتقاعدون وجدوا أنفسهم في قلب المعاناة بعد تأخر صرف رواتبهم لأيام طويلة، ترافقها حالة بكاء وغضب، لتتحول المسألة من أزمة مالية مجردة إلى مأساة إنسانية تعصف بأكثر الفئات هشاشة. ويؤكد محللون أن هذه المشاهد لم تعد مؤشرات ظرفية، بل علامات بنيوية على دخول العراق مرحلة "الإفلاس الواقعي" الذي يتجلى في العجز عن أداء أبسط الالتزامات تجاه المواطنين.

إن ما تكشفه هذه الأرقام يتجاوز مجرد خلل مالي، ليؤكد أن العراق يواجه أزمة بنيوية متراكمة: اقتصاد ريعي معتمد كلياً على النفط، موازنات مثقلة بالتوظيف والإنفاق الجاري، ونظام مالي هش عاجز عن بناء احتياطيات كافية لتأمين الاستقرار. والنتيجة أن الخزينة لم تعد تحتمل صدمات السوق، وأي تراجع في الصادرات أو الأسعار سيعني مزيداً من الاختناق.

الخروج من هذه الحلقة يتطلب، بحسب مختصين، مقاربات جذرية تبدأ بتقليص النفقات الجارية عبر إصلاح ملف الرواتب والدعم، وتنويع الإيرادات من خلال تنشيط القطاعات الإنتاجية كالزراعة والصناعة والخدمات، فضلاً عن بناء صندوق سيادي يحفظ الفوائض في سنوات الوفرة ليوازن العجز في سنوات الشح. ومن دون هذه الإجراءات، سيبقى العراق عالقاً في دوامة "الإفلاس المعلن"، حيث كل رواتب موظفيه ومتقاعديه مرهونة ببرميل نفط واحد، وكل أزمة في السوق العالمية تتحول إلى كارثة محلية.

المصدر: بغداد اليوم+ موقع أكس+ وكالات

أهم الاخبار

ألونسو يُجهز ريال مدريد لـ"عاصفة" الـ 7 معارك

بغداد اليوم - رياضة يواصل تشابي ألونسو، مدرب ريال مدريد، اليوم الثلاثاء (9 أيلول 2025)، إدارة الفريق بأسلوب مرحلي، مركزاً حالياً على رفع وتيرة العمل حتى 5 أكتوبر مع التوقف الدولي المقبل. وسيخوض الفريق 7 مباريات صعبة خلال 23 يوماً، تشمل ديربي

اليوم, 19:25