بغداد اليوم – النجف
يمثل الشباب في محافظة النجف الكتلة الأكثر تأثيراً في أي استحقاق انتخابي، لكن دوافعهم وتوجهاتهم ليست على مسار واحد، بل تتوزع بين الرغبة في الإصلاح، والبحث عن مصالح معيشية مباشرة، والالتزام بالتوجهات الدينية والاجتماعية. ومع اقتراب موعد الانتخابات المقبلة، يثار التساؤل حول أي من هذه الاتجاهات سيكون الأبرز في رسم خريطة التصويت داخل المحافظة.
عدوية الشبلي، الباحثة في قضايا اللغة السياسية والقانونية بجامعة الكوفة، أوضحت في حديث خاص لـ"بغداد اليوم"، أن دوافع الشباب النجفي تتجه إلى ثلاثة اتجاهات رئيسية، تعكس تنوع الوعي الاجتماعي والسياسي والاقتصادي لديهم.
وقالت الشبلي إن "الاتجاه الأول يتمثل في رغبة حقيقية لدى الشباب النجفي في الإصلاح والتغيير، انطلاقًا من وعي ثقافي وسياسي وديني يطمحون من خلاله إلى أن تبقى المحافظة ذات طابع ديني وثقافي واجتماعي متميز عن سائر المحافظات الأخرى". هذا التوجه، وفق متخصصين، يجد جذوره في إرث النجف كمركز ديني وعلمي، حيث يشكّل البعد الثقافي والديني إطارًا عامًا لحركة الشباب نحو المشاركة السياسية.
أما الاتجاه الثاني، كما بيّنت الشبلي، "فهو مرتبط بالدوافع المصلحية المباشرة، إذ يسعى الشباب – نتيجة ارتفاع معدلات البطالة وضياع فرص العمل – إلى اختيار المرشحين الذين يمنحونهم وعودًا بالحصول على وظيفة أو تعيين". وأضافت أن هذه الظاهرة "وصلت إلى حد المساومة العلنية بين بعض الشباب والمرشحين"، مشيرةً إلى أنها لم تكن بهذا الوضوح في السابق، لكنها تفاقمت مؤخراً حتى شملت خريجي المجاميع الطبية والتخصصات العلمية التي كانت تحظى تقليدياً بفرص أسرع في سوق العمل. ويرى باحثون أن هذا الاتجاه يعكس أزمة بنيوية في الاقتصاد المحلي، حيث أصبح الصوت الانتخابي أداة للتفاوض المعيشي.
أما الاتجاه الثالث، بحسب الشبلي، "فيتجسد في الالتزام الديني والاجتماعي للشباب النجفي، كون المحافظة تمثل مركز المرجعية الدينية، ما يجعل فئة الشباب من الذكور والإناث حريصة على الانسجام مع التوجيهات الدينية العامة الداعية إلى المشاركة السياسية الواعية والحفاظ على الطابع الديني والاجتماعي للمحافظة". وتؤكد أن "فئة الشباب تمثل الكتلة الأكثر تأثيراً في الانتخابات، مقارنة بالفئات العمرية الأخرى التي تتمتع باستقرار اقتصادي واجتماعي ونفسي ولا تمارس التأثير نفسه".
وختمت الشبلي بالإشارة إلى أن "وعي المرشحين بظروف الشباب ومعالجة هذه التحديات على أرض الواقع يمكن أن يعزز ظهور اتجاه انتخابي قائم على الوعي الثقافي والسياسي والديني، بعيدًا عن المصالح الضيقة أو الالتزامات الدينية البحتة". وهو ما يراه متخصصون إشارة إلى أن مستقبل السلوك الانتخابي في النجف مرهون بقدرة الطبقة السياسية على قراءة واقع الشباب والتجاوب معه، لا الاكتفاء بالشعارات العامة.
ووفقا لما قد سبق، يبقى شباب النجف بين ثلاثة خيارات: الإصلاح والتغيير، أو البحث عن مكاسب معيشية مباشرة، أو الانسجام مع التوجهات الدينية والاجتماعية. وبين هذه المسارات، يظل ثقلهم الانتخابي العامل الأبرز في رسم ملامح الاستحقاق المقبل، وسط ترقّب لما إذا كانت صناديق الاقتراع ستترجم وعيهم إلى واقع ملموس.
المصدر: بغداد اليوم + وكالات
بغداد اليوم -