كتب.. معن بن علي الدويش الجربا/ باحث في الشأن العربي والإسلامي
أمريكا لا تفاوض ضعيفًا، إنما تأمر وتنفذ: افعل ولا تفعل، هذا مسموح وهذا ممنوع، من دون أي نقاش؛ أما التفاوض والحوار فهما مع الأقوياء فقط.
تُشكّل الجمهورية الإسلامية الإيرانية اليوم الجزء الأساسي في محور المقاومة العربي الإسلامي الذي أرعب الغرب وإسرائيل. هذا المحور، الذي يتمثل بإيران من جهة والجبهات العربية المقاومة في فلسطين ولبنان واليمن من جهة أخرى، خاض معركة مباشرة مشرفة مستمرة حتى الآن. وقد حقق المحور في هذه المعركة انتصارات كثيرة، وفي نفس الوقت قدّم تضحيات كبيرة وهو المتوقع في اي حرب مع عدو يملك تكنولوجيا وأسلحة متطورة.
لذا، فالجمهورية الإسلامية كجزء رئيسي في محور المقاومة هي الهدف اليوم أمام أمريكا وحلفائها بعد الأحداث التي أعقبت معركة السابع من أكتوبر.
فكلا الطرفين استعرضا أسلحتهما وصبرهما وقوتهما، وقد اقتنع الطرفان أن الاستمرار في المواجهة يعني الانتقال من معركة محدودة إلى حرب كبرى قد تتحول إلى حرب عالمية ثالثة.
من هذا المنطلق، بدأ كل طرف يلوح بنظرية العصا والجزرة للطرف الآخر، فليس كما يعتقد العامة من الناس وغير المتخصصين أن أمريكا هي التي رفعت العصا والجزرة لإيران، بل الحقيقة أن الجمهورية الإسلامية أيضًا قد رفعت العصا والجزرة لأمريكا، حيث إن كل مصالح أمريكا في المنطقة تحت مرمى الصواريخ الإيرانية. بل إن الجمهورية الإسلامية كشفت عن أسلحة حديثة جعلت العدو الأمريكي يفكر ألف مرة قبل أن يقدم على مهاجمتها، وفي نفس الوقت عرضت الجزرة لأمريكا من خلال استثمارات مغرية يسيل لها اللعاب.. فهل ما فعلته الجمهورية الإسلامية يعتبر تخليًا عن شعار مواجهة "الشيطان الأكبر"؟
الحقيقة أن المعارك والحروب ليست هدفًا بحد ذاتها، بل وسيلة لتحقق بها الدول أهدافها عند الجلوس على طاولة المفاوضات. لذلك، يجب علينا مراقبة ما ستحققه الجمهورية الإسلامية ومحور المقاومة العربي الإسلامي قبل الحكم عليهم بأنهم تخلوا عن شعار "أمريكا الشيطان الأكبر".
من خلال البحث والمتابعة، وجدنا أن هدف الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومحور المقاومة العربي الإسلامي هو تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية من الجولة العسكرية الأخيرة (بعد السابع من أكتوبر). أما الهدف الأول فهو إثبات أن إسرائيل حليف فاشل للغرب وغير قادرة على حماية مصالحهم في المنطقة، وذلك من خلال إبراز فشل الآلة العسكرية الإسرائيلية في تحقيق أغلب أهدافها العسكرية التي أعلنت عنها، وهذا ما حدث بالفعل. الهدف الثاني هو إرسال رسالة للغرب بأن مصالحكم معنا ستكون أكثر فائدة من مصالحكم مع إسرائيل، لذلك ينبغي عليكم (أي الغرب) إعادة النظر في دعمكم المطلق وغير المحدود لإسرائيل، وهذا ما رأيناه يتحقق فعلاً من خلال تصريحات الرئيس الأمريكي ترامب حول انفتاحه على لقاء المرشد الأعلى والرئيس الإيراني، كذلك لاحظنا التزامه أيضًا بالخطوط الحمراء للجمهورية الإسلامية من حيث التفاوض غير المباشر واقتصار النقاش على المفاعلات النووية العسكرية، مما أزعج إسرائيل وجعلها تدور حول نفسها.
أما الهدف الثالث فهو عودة القضية الفلسطينية إلى الواجهة الإعلامية العالمية، وخسارة إسرائيل التأييد الشعبي العالمي، وانتهاء فكرة السلام بين إسرائيل ودول المنطقة دون قيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، وهذا ما تحقق إلى حد بعيد.
يبقى أن نسقط كل ما ذكرناه على التكييف الشرعي في الإسلام. فهل يجوز الإقدام على خطوة التفاوض هذه مع أكبر قوة ظالمة على هذا الكوكب (الشيطان الأكبر)؟ الحقيقة أن أي فقيه وباحث سيعرف بسهولة أن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم قد فاوض المشركين وعقد صلح الحديبية وأعلن الهدنة مع قبائل مشركة في الجزيرة العربية، وهذا ما يعرف بالسياسة الشرعية التي تهدف إلى حقن دماء البشرية بشرط ألا يتنازل المسلمون عن مبادئهم الأساسية، وهذا ما نراه إلى الآن في المفاوضات الإيرانية الأمريكية الى حد كبير.. وما النصر إلا صبر ساعة بعد التوكل على الله سبحانه وتعالى.
بغداد اليوم- بغداد كشفت اللجنة الأمنية في مجلس محافظة البصرة، اليوم الخميس، (1 أيار 2025)، عن ملابسات حادثة مقتل عميد متقاعد في البصرة بوقت سابق اليوم. وأوضح رئيس اللجنة، عقيل الفريجي في تصريح صحفي، تابعته "بغداد اليوم"، ان "منطقة (ياسين