آخر الأخبار
مبابي يتسبب بسقوط ريال مدريد أمام ليفربول قطع الطريق المؤدي الى الكرادة داخل من جهة الجسر المعلق لغرض الاكساء السعودية.. افتتاح مشروع قطار الرياض بتكلفة تتجاوز الـ 5 مليارات دولار موقف حكومي جديد بشأن إجراءات مجابهة التهديدات الخارجية وجدلية استقطاع الـ 1% هيئة استثمار الإقليم تفصّل خارطة توزيع المشاريع والجهات الممنوحة الإجازات لها

بعد انقضاء عام "التضخم".. أسعار النفط والفائدة في 2023 تقلق خبراء الاقتصاد

عربي ودولي | 25-12-2022, 20:44 |

+A -A

بغداد اليوم - متابعة

كان التضخم الاقتصادي خلال العام 2022 الشغل الشاغل لصانعي السياسات، فانهمك القادة في لقاءاتهم، لاسيما مجموعة العشرين، بالبحث عن حلول للأزمة العالمية التي تتزامن مع تباطؤ اقتصادي. فجاء تقرير أكتوبر لصندوق النقد الدولي بعنوان، "مجابهة أزمة المعيشة" في دلالة على الجهود العالمية بوجه موجة التضخم الحادة.

وتفاوتت التقارير الاقتصادية التي تتوقع آفاق الاقتصاد العالمي للعام 2023 والسنوات اللاحقة، بين التشاؤمية بشدة، والأقل تشاؤما. وكل ذلك بسبب "عدم اليقين" الذي كان سائدا هذا العام، والذي طبع 2022 حتى قال البنك أن العام الجاري هو عام "عدم اليقين".

فالأبواب هذه السنة كانت مفتوحة على كل الاحتمالات، أكان بالنسبة إلى سياسة صفر كوفيد في الصين وتأثيرها على استهلاك النفط وحركة الإنتاج في البلاد، أم حيال قرارات أوبك بلاس بشأن إنتاج النفط، وكذلك الحرب الروسية على أوكرانيا، واستمرار تصدير المواد الغذائية، وأيضا موقف روسيا من عقوبة سقف السعر على صادرتها النفطية.

هذه الأمور العالقة، وغيرها العديد، تحدد وجهة الاقتصاد العالمي في السنوات المقبلة.

أرقام التراجع الاقتصادي

وتشير التنبؤات إلى تباطؤ النمو العالمي من 6,0 في المئة خلال عام 2021 إلى 3,2 في المئة في عام 2022 ثم 2,7 في المئة في عام 2023، في ما يمثل أضعف أنماط النمو على الإطلاق منذ عام 2001 باستثناء فترة الأزمة المالية العالمية والمرحلة الحرجة من جائحة كورونا، حسب تقرير "آفاق الاقتصاد العالمي" الصادر عن صندوق النقد الدولي خلال أكتوبر 2022.

وحسب التنبؤات عينها، سيرتفع التضخم العالمي من 4,7 في المئة في 2021 إلى 8,8 في المئة في 2022 ليتراجع لاحقا إلى 6,5 في المئة في 2023 و4,1 في المئة في 2024.

وعلى السياسة النقدية أن تواصل العمل على استعادة استقرار الأسعار، مع توجيه سياسة المالية العامة نحو تخفيف الضغوط الناجمة عن تكلفة المعيشة، على أن يظل موقفها متشددا بدرجة كافية اتساقا مع السياسة النقدية. ويمكن أن يكون للإصلاحات الهيكلية دور إضافي في دعم الكفاح ضد التضخم من خلال تحسين الإنتاجية والحد من نقص الإمدادات، بينما يمثل التعاون متعدد الأطراف أداة ضرورية لتسريع مسار التحول إلى الطاقة الخضراء والحيلولة دون التشرذم، حسب قول صندوق النقد.

أشار البنك الدولي إلى أن الاقتصاد العالمي يشهد الآن أشد معدلات التباطؤ في أعقاب تعاف ما بعد الركود منذ عام 1970. وتمر أكبر 3 اقتصادات في العالم، وهي الولايات المتحدة الأميركية والصين ومنطقة اليورو، بتباطؤ حاد للنمو. وفي ظل هذه الظروف، فإن مجرد وقوع صدمة خفيفة للاقتصاد العالمي خلال العام المقبل قد تهوي به إلى الركود.

ويلاحظ صندوق النقد أن زيادة توقعات التضخم كبيرة بصفة خاصة في حالة الاقتصادات المتقدمة التي يتوقع ارتفاع معدلات التضخم فيها من 3,1 في المئة في 2021 إلى 7,2 في المئة في 2022 ثم تتراجع إلى 4,4 في المئة بحلول عام 2023. والزيادات الكبيرة في توقعات معدل التضخم الكلي في الاقتصادات الرئيسية مثل الولايات المتحدة الأميركية ومنطقة اليورو هي المحرك الدافع لزيادة التضخم في مجموعة البلدان.

متى تنتهي أزمة التضخم؟

تشير الخبيرة في الاقتصاد النقدي، ليال منصور، في حديث صحفي، إلى أن "الأزمة الاقتصادية العالمية الناتجة عن التضخم وارتفاع أسعار الوقود والغاز وهي جراء الحرب الروسية على أوكرانيا، البلدان المصدران من للقمح والغذاء والبترول والعديد من المواد الأولية".

وفي حين تشير منصور إلى أن "الإجراءات والحلول معروفة، وهي تكون من خلال تدخل المصرف المركزي عبر سياسة رفع الفوائد كي يتمكن من الحد من التضخم، وهذا ما دفع البنك المركزي الأميركي بشكل مستمر نحو رفع الفوائد إلى حين الوصول لمستوى التضخم مستهدف وهو 2 في المئة"، إلا أن منصور تؤكد أن "التضخم الحاصل حله جيوسياسي بتوقف الغزو الروسي لأوكرانيا، فالسياسات النقدية والضريبية وحدها غير كافية".

وقالت منصور إن "التضخم الاقتصادي العالمي لديه تأثير سلبي على الفئات المجتمعية كافة"، ودفع المستهلك نحو استبدال الكماليات بالأساسيات، بعد أن أدى إلى انخفاض القوة الشرائية".

وأوضحت منصور أن كل المؤشرات الاقتصادية والمالية مبنية حاليا على استمرار التضخم".

مصدر قلق مستمر

من جهته، يقول الخبير الاقتصادي مدحت نافع، في حديث صحفي، أن" التضخم سيبقى يقلق العالم بأسره خلال العام المقبل، نظرا لاستمرار الحرب الروسية الأوكرانية، وعدم ظهور أفق لنهايتها، وما يستتبع ذلك من تداعيات متصلة باضطراب سلاسل الإمداد والتأثير على إمدادات الغاز لأوروبا، وتأثيرها على أسعار النفط، ومشتقاتها، وكل ذلك سيشكل صدمات متباينة على المستوى العالمي.

وتابع نافع أن "جانبا كبيرا من الاستهلاك في البلدان النامية، سواء أكان بالنسبة للمستهلك النهائي، أو بالنسبة للمنتجين، يعتمد على الاستيراد بشكل كبير، ويقابل ذلك تحديات إضافية تتمثل في ندرة الدولار، الذي يضغط عليه أيضا تبعات الدين العام في تلك الدول، وبخاصة الدين الخارجي الذي أرهقه الارتفاعات المتتالية في أسعار الفائدة على الدولار الأميركي".

وشرح نافع أن "رفع أسعار الفائدة هو محاولة للحاق بالدولار الأميركي الذي تزداد قيمته مقابل عملات البلدان النامية، نتيجة الزيادة المستمرة في أسعار الفائدة على الدولار. وكل ذلك يضغط على الدين العام، ويضغط على معدلات التضخم ومستويات التشغيل نتيجة ارتفاع تكلفة التمويل بشكل كبير، وتاليا إذا استمر الأمر كما هو الآن، فسيكون العام 2023 صعبا".

ولفت إلى أن "أكثر المتضررين من التضخم هم الطبقة الوسطى، والطبقات التي على هامش خط الفقر التي تنزل مباشرة إلى ما دون خط الفقر جراء زيادة الأسعار وتدهور قدرتها الشرائية".

أسعار النفط خلال 2023

يتخوف العالم، مع اقتراب فصل الشتاء، من ارتفاع أسعار الوقود خلال العام 2023، بخاصة أن برميل النفط سجل ذروة خلال العام الحالي وصلت إلى 139 دولارا مقابل خام برنت.

وكانت الولايات المتحدة الأميركية قد عملت خلال الصيف الماضي على مدى أسابيع من أجل التوصل إلى وضع حد أقصى لسعر النفط الروسي، ضمن إطار خطة منعت من خلالها الاتجاه نحو انفجار الأسعار بعد بدء سريان عقوبات الاتحاد الأوربي لجهة حظر شراء النفط الخام الروسي وقطع التأمين والتمويل عن شحناته.

وخفض بنك غولدمان ساكس توقعاته لأسعار النفط لعام 2023، متوقعا فائضا في السوق في أوائل العام المقبل، ما يخفف من أخطار ارتفاع الأسعار في الشتاء. وخفض البنك توقعاته لسعر خام برنت للربعين الأول والثاني من 2023 إلى 90 و95 دولارا للبرميل من 115 و105 دولارات للبرميل على الترتيب.

لكن وكالة الطاقة الدولية قالت إن أسعار النفط قد ترتفع خلال العام المقبل مع ضغط العقوبات على الإمدادات الروسية وتفوق الطلب على العرض خلافا للتوقعات السابقة.

وأمام هذا التناقض في التوقعات، يوضح المستشار في مجال الطاقة الدولية عامر الشوبكي، في حديث لموقع "الحرة" أن عدم اليقين في الأسواق جعل التوقعات مختلفة ومتناقضة بين المؤسسات الدولية.

وتابع أن توقعات غولدمان ساكس المتشائمة بما يتعلق بتباطؤ الاقتصاد العالمي، يستند على رؤية صندوق النقد الدولي وَجِهات دولية عدة أن هناك تباطؤا سيحدث في الاقتصاد العالمي خلال العام 2023، ويتزامن ذلك مع استمرار البنوك المركزية في رفع أسعار الفائدة، في أوروبا، التي بلغ التضخم فيها 10,6 في المئة، وبريطانيا التي بلغ التضخم فيها 10,7 في المئة، وكذلك الاحتياطي الفدرالي الأميركي، الذي أعلن أنه سيستمر برفع أسعار الفائدة، واتخاذ التدابير لمعالجة معدلات التضخم.

وكانت توقعات غولدمان ساكس عكس وكالة الطاقة الدولية التي ترقبت أن توقف الصين سياسة صفر كوفيد. وتوقعت تجاوز الطلب في الأسواق المستويات المعروضة من النفط مع استمرار تخفيضات أوبك بلاس، ووضعت بالاعتبار أيضا أي إجراء قد تتخذه روسيا للتأثير على الأسواق العالمية.

ومن جهته، شرح غولدمان ساكس أن أخطار ارتفاع أسعار النفط هذا الشتاء أقل مع تراجع استهلاك الصين مقارنة بما كان متوقعا في السابق وتصدير روسيا لمستويات قريبة من تلك المسجلة قبل الحرب وتراجع مشكلات الإنتاج في كازاخستان ونيجيريا.

وبالنسبة لأسعار الطاقة خلال العام 2023، قال الشوبكي إنها "تتوقف على المتغيرات المختلفة في الأسواق، من المعروض الروسي للنفط، وصولا إلى الطلب العالمي، وتباطؤ الاقتصاد الصيني خلال العام 2023، وغيرها العديد".

وتابع أن "عودة النشاط الاقتصادي في الصين سيدفع أسعار النفط للارتفاع مع بقاء تخفيضات أوبك بلاس".

سياسة رفع الفائدة.. هل تنجح؟

سلطت ذي إيكونوميست الضوء على نجاح خطة الفدرالي الأميركي، تشديد السياسة النقدية، في لجم التضخم، إلا أنها حذرت من اختلاف تطلعات صانعي السياسات والمستثمرين للمرحلة المقبلة، الأمر الذي يدخل الاقتصاد في سنة جديدة من عدم اليقين.

وذكرت المجلة الأسبوعية البريطانية، في وقت سابق، إن صدمة أسعار الفائدة هيمنت على الأسواق المالية خلال العام 2022. فلا عجب في أن يرغب المستثمرون في وضع حد لارتفاعها.

لكن ذلك يبقي المناقشات بشأن التضخم وأسعار الفائدة من دون حل. وفي حين تبدو آمال المستثمرين في النمو والأرباح وردية للغاية؛ فإن آثار ارتفاع أسعار الفائدة لم تنتشر بعد في جميع أركان النظام المالي، وتعتبر ذي إيكونوميست أن أيا كان ما يختار المستثمرون تصديقه، فإن فوضى 2022 الاقتصادية يمكن أن تستمر خلال العام الجديد.

شمس