سياسة / ملفات خاصة اليوم, 17:10 | --

صفحة نفوذ جديدة


شعار ترامب يصل بغداد.. سافايا: سأجعل العراق عظيما مرة أخرى! - عاجل

بغداد اليوم – بغداد

في خطوة تحمل إشارات أبعد من حدود الدبلوماسية، أطلق المبعوث الأمريكي إلى العراق مارك سافايا سلسلة تصريحات لافتة، قال فيها إن واشنطن "ستعمل مع كل الأطراف العراقية لضمان عراق قوي يمكنه أن يكون شريكا حقيقيا للولايات المتحدة بعيدا عن الصراعات الإقليمية"، مؤكداً في جملة أخرى أنه "يريد أن يجعل العراق عظيماً مرة أخرى"، وأن "زيارة بغداد المقبلة ستحمل رسالة واضحة بأن واشنطن ملتزمة بدعم عراق قوي وموحد".

تلك التصريحات التي جاءت بلهجة ودية ومباشرة، فسرت في الأوساط العراقية على أنها مقدمة لمرحلة جديدة من الانخراط الأمريكي في الملف العراقي، لكنها في الوقت نفسه أثارت تساؤلات حول طبيعة الدور الذي سيؤديه المبعوث القادم من عالم الأعمال لا من البيروقراطية الدبلوماسية.

يقول الباحث والاكاديمي نبيل العزاوي لـ"بغداد اليوم" إن "المبعوث مارك سافايا يحاول إرسال رسائل اطمئنان ورسائل عمل مشترك، ليبدد المخاوف من أن وجوده قد يؤزم نوع وشكل العلاقات العراقية الأمريكية"، مضيفاً أن "قوله إننا سنعمل مع كل الأطراف لضمان عراق قوي ومتافٍ يعني أن واشنطن تريد تمتين العلاقات السياسية والأمنية والاقتصادية، بحثاً عن بيئة آمنة للاستثمارات المستدامة".

ويرى العزاوي أن وجود مبعوث خاص للرئيس الأمريكي "سيعزز مكانة العراق دولياً، ويمكّنه من تفعيل اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقعة عام 2008، والتي لم يُنفذ منها سوى أقل من 20 بالمئة"، مشيراً إلى أن هذه الخطوة "تفتح الباب أمام علاقة ثنائية تقوم على مبدأ الشراكة لا التبعية، وتمنح واشنطن فرصة لتصحيح صورتها بعد سنوات من الفتور الدبلوماسي".

جاءت تصريحات سافايا بعد أيام من الاتصال الهاتفي بين رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني ووزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، الذي أعاد بدوره تسليط الضوء على التباين بين الخطابين العراقي والأمريكي.
فبينما ركّز بيان بغداد على مفردات "السيادة والشراكة والاحترام المتبادل"، شدّد البيان الأمريكي على "ضرورة نزع سلاح الفصائل وتقليص النفوذ الإيراني وضمان أمن الشركات الأمريكية".

يقول الخبير في الشؤون الاستراتيجية محمد التميمي إن "الاختلاف بين البيانين يعكس اختلافاً في زاوية النظر؛ بغداد تحاول تثبيت خطاب السيادة الداخلي، فيما تسعى واشنطن إلى ضبط الإيقاع الأمني في المنطقة عبر العراق". ويضيف أن "كلا الطرفين يختبر حدود العلاقة من جديد، بين رغبة العراق في الحفاظ على استقلال قراره، ورغبة واشنطن في تقليص نفوذ الفصائل المسلحة".

تعيين مارك سافايا مبعوثاً خاصاً إلى العراق، بدلاً من سفير تقليدي، لا يُقرأ كإجراء إداري بل كتحول في طريقة إدارة ترامب للملفات الخارجية. فالرجل من أصول عراقية كلدانية ويُعرف في الولايات المتحدة بـ"ملك القنب في ديترويت"، وهو نموذج لـ"الدبلوماسية التنفيذية" التي تجمع بين القرار السياسي والبعد الاقتصادي.

ويرى مراقبون أن اختيار سافايا يشير إلى انتقال العلاقة مع العراق من الدبلوماسية إلى الإدارة المباشرة، فالمبعوث يحمل تفويضاً خاصاً من البيت الأبيض للتحرك بحرية في ملفات الطاقة والاستثمار والأمن. ويقول الباحث ياسين عزيز إن "إرسال مبعوث بهذه الصفة يعكس اقتناعاً أمريكياً بأن الوضع في العراق هش، وأن الاستقرار قد يختل في أي لحظة، لذلك جاء الخيار بيدٍ تنفيذية قادرة على الحركة خارج المسار التقليدي للخارجية الأمريكية".

تُظهر تجربة ترامب أن هذا الأسلوب لم يعد استثناءً؛ فمبعوثوه في لبنان وغزة وشرق المتوسط لم يكونوا دبلوماسيين محترفين، بل رجال أعمال يملكون شبكة علاقات تمتد بين المال والسياسة. ويبدو أن العراق سيكون التجربة الأهم لهذا النموذج الجديد، حيث يختلط الأمن بالنفط، والسياسة بالاقتصاد، في ملف واحد تتعامل معه واشنطن بعقلية الصفقة لا التحالف.

تتزامن هذه التحركات مع استعداد بغداد لانتخابات تشرين الثاني المقبل، ما يجعلها ساحة اختبار حقيقية للعلاقة مع واشنطن. فالإدارة الأمريكية تحاول أن تضبط المشهد من بعيد عبر أدوات ناعمة؛ مبعوث خاص، ضغوط مالية، ومراقبة دقيقة للقوى السياسية، بينما تسعى الحكومة العراقية للحفاظ على توازنها بين الانفتاح على واشنطن وتجنب استفزاز طهران.

ويرى الباحث أحمد الشريفي أن العقوبات ما تزال خياراً مطروحاً وقد تستخدم كأداة ضغط في الأيام الأخيرة قبل الاقتراع، بينما يؤكد المحلل عدنان التميمي أن واشنطن "تفضّل مراقبة الوضع قبل اتخاذ قرارات حاسمة". وبهذا، تبقى المعادلة قائمة على الترقب والاختبار، لا على المواجهة المباشرة.

يرى الباحث لقمان حسين أن "إقليم كردستان قد يكون المستفيد الأول من السياسة الأمريكية الجديدة"، موضحاً أن واشنطن لطالما استخدمت الإقليم بوصفه منصة ضغط متوازنة في الملفات العراقية والإقليمية. ويضيف أن "أي انفتاح اقتصادي يقوده سافايا سيعيد تفعيل العلاقة بين أربيل وواشنطن، خصوصاً في مجالات الطاقة والنفط والاستثمارات المشتركة".

تتجه الولايات المتحدة اليوم نحو مرحلة يمكن تسميتها بـ"التحكم الناعم"، حيث يجري استبدال النفوذ العسكري بالأدوات الاقتصادية والمالية. ويقول باحثون في العلاقات الدولية إن "الولايات المتحدة لم تعد بحاجة إلى قواعد عسكرية لتؤثر في القرار العراقي، بل يكفيها أن تمسك بخيوط التمويل والمشاريع الاستراتيجية".

بهذا المعنى، يمثل سافايا واجهة سياسية واقتصادية في آنٍ واحد، يجمع بين رخصة الاستثمار وحق الوصول إلى مراكز القرار، ويختبر مدى استعداد بغداد لاحتضان النمط الجديد من النفوذ الأمريكي.

ويرى مراقبون، أن تحركات واشنطن الأخيرة، من تصريحات سافايا إلى اتصال روبيو بالسوداني، تكشف عن عودة منظمة للولايات المتحدة إلى قلب المشهد العراقي، لكن بأسلوب مغاير لما بعد 2003. فالعراق اليوم لم يعد ملفاً أمنياً صرفاً، بل مساحة نفوذ اقتصادي وسياسي تُدار من البيت الأبيض مباشرة.

ومع كل التصريحات عن "عراق قوي وموحد"، يدرك المراقبون أن الطريق نحو تلك الشراكة سيبقى مرهوناً بقدرة بغداد على الموازنة بين سيادتها ومصالحها، وبين شراكتها مع واشنطن وارتباطها الإقليمي، في مشهد تتقاطع فيه كل الخيوط، وتُعاد فيه كتابة قواعد اللعبة من جديد.

المصدر: قسم الرصد والمتابعة – بغداد اليوم

أهم الاخبار

المرور تنفي فرض "فحص البواسير" لتجديد إجازة السوق وتؤكد: شائعة مثيرة للسخرية - عاجل

بغداد اليوم – بغداد نفت مديرية المرور العامة، اليوم السبت (25 تشرين الأول 2025)، الأنباء التي تداولتها بعض صفحات التواصل الاجتماعي بشأن نيتها إضافة ما يسمى بـ"فحص البواسير" إلى فحصي المخدرات والنظر ضمن متطلبات تجديد إجازة السوق مقابل مبلغ 50

اليوم, 19:26