سياسة / ملفات خاصة اليوم, 17:00 | --

شخصية توافقية ولكن!


معركة الولاية الثانية: إصلاحات السوداني لا تبدد المخاوف.. صراع النفوذ يضعف فرص التجديد

بغداد اليوم – بغداد

تشهد الساحة السياسية العراقية جدلاً متصاعداً حول مستقبل رئاسة الحكومة مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية المقبلة. فمسألة تجديد الولاية الثانية لرئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني لم تعد محض نقاش داخلي، بل تحولت إلى ملف استراتيجي يختبر قدرة الإطار التنسيقي على الحفاظ على وحدته. تشير المداولات الدستورية إلى أن الدورات الحكومية في العراق، وإن كانت محكومة بآليات الأغلبية داخل البرلمان، إلا أنها ترتبط مباشرة بالتوازنات داخل البيت الشيعي، الذي يمثل الثقل الأكبر في عملية تشكيل الحكومات.

ضمن هذا السياق، أوضح الباحث في الشأن الاستراتيجي جاسم الغرابي أن "الانقسام الحاصل داخل الإطار التنسيقي بشأن منح الولاية الثانية لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني يعكس حجم التباينات في الرؤى والمصالح داخل البيت الشيعي". وفق مقاربات سياسية حديثة، هذه التباينات ليست وليدة اللحظة، بل تعكس تراكمات مرتبطة بإدارة الحكم منذ عام 2003، حيث غالباً ما تُدار التحالفات على قاعدة تقاسم النفوذ أكثر من الالتزام ببرامج سياسية موحدة.

كما بيّن الغرابي أن "بعض قوى الإطار ترى في السوداني شخصية توافقية قادرة على إدارة المرحلة المقبلة وكسب ثقة الشارع بعد جملة الإصلاحات التي أطلقها، فيما تخشى أطراف أخرى من تكريس نفوذه السياسي وتراجع حضورها في المشهد". تُظهر التجارب المقارنة في الأنظمة التوافقية أن شخصية رئيس الحكومة تلعب دوراً محورياً في إعادة إنتاج التوازنات الداخلية، وهو ما يجعل موقف السوداني مثيراً للجدل داخل الإطار بين من يعتبره ضمانة للاستقرار ومن يخشى تحوله إلى مركز ثقل يضعف بقية الأطراف.

وفي تفصيل أعمق، أشار الغرابي إلى أن "الخلاف لا يتعلق فقط بأداء السوداني الحكومي، بل يمتد إلى حسابات مرتبطة بالانتخابات المقبلة، وتوازن القوى داخل الإطار، إضافة إلى علاقات العراق الإقليمية والدولية، واستمرار هذا الانقسام قد ينعكس على استقرار العملية السياسية برمتها، ما لم يتم التوصل إلى تفاهمات جديدة تضمن وحدة الموقف داخل الإطار وتمنع انتقال الخلاف إلى مؤسسات الدولة". بحسب قراءات قانونية، هذه الإشارة تؤكد أن الخلاف حول الولاية الثانية يتجاوز تقييم السياسات الحكومية ليشمل مستقبل التوازن بين أجنحة الإطار، خصوصاً في ظل الضغوط الإقليمية وتبدل مواقف القوى الدولية من المشهد العراقي.

وفي ختام تحليله، لفت الغرابي إلى أن "حسم موضوع الولاية الثانية للسوداني سيعتمد في نهاية المطاف على موازين القوى داخل الإطار التنسيقي، وعلى مدى قدرته في استثمار الدعم الشعبي والدولي لتعزيز موقعه". وفق تقديرات بحثية مستقلة، هذا يعكس طبيعة النظام السياسي العراقي القائم على التوافق، حيث تُبنى القرارات المصيرية على مزيج من التوازن الداخلي والغطاء الخارجي، وهو ما يجعل موقف السوداني محكوماً بمدى نجاحه في استثمار الاعتراف الدولي بإدارته وتوسيع رصيده الشعبي.

المشهد الحالي يكشف أن الانقسام داخل الإطار التنسيقي حول ولاية السوداني الثانية ليس مسألة شخصية أو تقنية، بل تعبير عن تنازع استراتيجيات داخل البيت الشيعي. بعض الأطراف ترى في استمرار السوداني ضمانة لإعادة إنتاج الاستقرار وإرضاء الشارع، فيما تعتبره أطراف أخرى تهديداً لمعادلات النفوذ التقليدية. الأبعاد الانتخابية والإقليمية والدولية جعلت الخلاف أكثر تعقيداً، خاصة مع الضغوط المتزايدة على العراق لموازنة علاقاته بين طهران وواشنطن.

يبدو أن حسم المسألة سيتوقف على مزيج من قدرة السوداني على استثمار شعبيته، ومقدار ما يمكن أن يقدمه من ضمانات للأطراف المترددة داخل الإطار، فضلاً عن مدى تماهي المعادلات الإقليمية والدولية مع بقائه لولاية ثانية. في ظل هذا الوضع، يبقى مستقبل العملية السياسية العراقية معلقاً على نجاح الإطار التنسيقي في تجاوز خلافاته الداخلية قبل أن تتحول إلى أزمة تضعف مؤسسات الدولة وتفتح الباب أمام مزيد من الانقسامات، بحسب مراقبين.

المصدر: بغداد اليوم+ وكالات

أهم الاخبار

مكتب السيد السيستاني يعلن الأربعاء غرة شهر ربيع الآخر

بغداد اليوم - مكتب المرجع الاعلى السيد السيستاني في النجف الأشرف يعلن أن يوم غدٍ الثلاثاء هو المكمّل لشهر ربيع الأول ويوم الأربعاء المقبل هو الأول من شهر ربيع الآخر لعام ١٤٤٧ للهجرة

اليوم, 18:58