سياسة / ملفات خاصة اليوم, 16:35 | --

الجفاف والوعود


بين الأمن المائي والتجارة.. معادلة تُنهك العراق وتنعش تركيا

بغداد اليوم – بغداد
لا يقتصر ملف المياه في العراق على كونه قضية خدمية مرتبطة بالزراعة أو الاستهلاك اليومي، بل يشكل جزءا من جوهر الأمن القومي للدولة، كما عبّر عنه عضو لجنة الزراعة والمياه النيابية، النائب ثائر الجبوري، حين أكد في حديثه لـ"بغداد اليوم" أن "ملف المياه يمثل ركيزة أساسية في الأمن القومي العراقي، وبالتالي فإن استمرار حالة الجفاف والارتدادات الخطيرة دون أي تغيير سيؤدي إلى انفجار الشارع بمظاهرات واسعة، لاسيما مع بلوغ الأزمة في الوسط والجنوب مستويات غير مسبوقة".

هذه الإشارة إلى احتمالية "انفجار الشارع" لا تأتي في فراغ، بل تعكس إدراكاً بأن العطش يتحول سريعاً من أزمة طبيعية إلى عامل تفجير سياسي، كما يؤكد مختصون في الشأن المائي.

الجبوري مضى أبعد من توصيف الكارثة، ليلفت إلى مفارقة صارخة بقوله: "أنقرة لم تتفاعل مع وعودها بزيادة الإطلاقات المائية، لكنها لا تزال تحظى بمئات الفرص الاستثمارية في العراق، وهو ما يثير الكثير من علامات الاستفهام". هنا يتبدى التناقض الذي يثير حيرة المراقبين؛ فالعراق يمنح تركيا امتيازات اقتصادية هائلة في قطاعات الطاقة والتجارة والبنى التحتية، في حين أن ملف المياه يظل مجمداً عند حدود الوعود. محللون يرون أن هذا التباين يعكس غياب رؤية استراتيجية لدى بغداد، حيث تتقدم الاعتبارات التجارية على أولويات الأمن المائي.

ومن منطلق المعالجة، دعا الجبوري إلى "ضرورة اتخاذ سلسلة من الإجراءات لحماية حقوق العراق المائية، أبرزها إيقاف التعاملات التجارية مع تركيا، وتجميد عمل الشركات، فضلاً عن بلورة موقف دولي عبر المنظمات المعنية لتثبيت حقوق العراق في الأنهار المشتركة". غير أن هذا الطرح يفتح الباب على تساؤلات صعبة: هل تملك بغداد الأدوات الكافية لمثل هذه المواجهة الاقتصادية والدبلوماسية، أم أن الاعتمادية الكبيرة على الواردات التركية تجعل من هذه التهديدات ورقة ضغط غير قابلة للتنفيذ؟ مراقبون يربطون هذا الجدل بتاريخ طويل من التردد العراقي في تحويل ملف المياه إلى ورقة سياسية ضاغطة، حيث ظل الخطاب الرسمي أسير المجاملات واللجان المشتركة.

وختم الجبوري حديثه بالتأكيد أن "العراق يدفع ثمن صمت الجهات ذات العلاقة عن التفاعل مع ملف الجفاف، متسائلاً عن سبب غياب موقف وطني موحد إزاء أزمة المياه مع تركيا، على الرغم من خطورتها الكبيرة على محافظات الوسط والجنوب". هذا السؤال يختصر جوهر الأزمة: الانقسام الداخلي وغياب الصوت الموحد يمنح أنقرة مساحة أوسع لمواصلة سياساتها المائية دون كلفة سياسية أو اقتصادية تُذكر. وهنا تتقاطع كلمات الجبوري مع ما يشير إليه محللون من أن الخطر الحقيقي لا يكمن في ندرة المياه فقط، بل في العجز البنيوي للدولة عن التعامل مع التحدي بوصفه قضية سيادة، لا مجرد ملف خدمات.

العراق أمام معادلة معقدة، فالماء يتراجع، والمواطن يزداد عطشاً، والاستثمارات التركية تتوسع. وبين صمت المؤسسات وتباين المواقف، يظل السؤال معلقاً: هل يجرؤ العراق على تحويل أزمة المياه إلى ورقة ضغط حقيقية، أم سيبقى يتعامل معها كقدرٍ لا يُرد، كما يحذر مختصون؟

المصدر: بغداد اليوم+ وكالات

أهم الاخبار

الأولمبي يباشر تدريباته استعداداً لملاقاة كمبوديا

بغداد اليوم- بغداد باشر المنتخب الأولمبيُّ تدريباته، اليوم الأحد، (7 أيلول 2025)، في ملعبِ AIA stadium في العاصمةِ الكمبودية بنوم بنه استعداداً لمواجهةِ المنتخب الكمبودي ضمن اختتام تصفيات المجموعة G، يوم الثلاثاء، والمؤهلة إلى نهائياتِ كأس آسيا لمنتخبات

اليوم, 19:13