سياسة / ملفات خاصة اليوم, 22:05 | --

المرجعية - الولاية - الدولة


من يحسم البيت الشيعي في الانتخابات المقبلة.. قداسة النجف - نفوذ قم - براغماتية البصرة؟

بغداد اليوم – النجف 

منذ قرون، والنجف الأشرف تشكل قلباً نابضاً للفكر الشيعي ومركزاً عابراً للزمن في موازنة الدين والسياسة. فالمكان ليس مجرد مدينة عراقية تحتضن مرقد الإمام علي (ع)، بل هو فضاء تراكمت فيه طبقات من الرمزية العقدية والحضارية حتى صار حجر الزاوية في تشكيل الوعي الشيعي الحديث.

وهنا، كما يشير عميد كلية العلوم السياسية في جامعة الكوفة، الأستاذ الدكتور حيدر زاير العامري، لا تُقاس المكانة بعقود أو عصور متلاحقة، بل بالقداسة التي صاغت هوية النجف وأبعدتها عن دوامة الصراع المباشر.

العامري أوضح في حديثه لـ"بغداد اليوم" أن "المرجعية الدينية في النجف تستمد شرعيتها من كونها الامتداد الطبيعي لفكر الإمامة، حيث يُنظر إلى المرجع باعتباره وكيلاً عن الإمام الغائب".

هذه الصياغة، كما يرى مختصون، توضح أن المرجعية لم تُختزل في السياسة اليومية، بل حافظت على دورها الأبوي والإرشادي الذي يعمل على تهدئة النزاعات، وتوجيه القوى بروح العطف بعيداً عن الانحيازات الحزبية. ومن هنا، يؤكد العامري أن النجف "تفردت بقداستها التي منعتها من أن تتحول إلى ساحة تنازع بين القوى الشيعية"، لتصبح محصّنة بقدسيتها، لا بفيتو سياسي محلي أو إقليمي.

لكن الصورة لا تكتمل دون النظر إلى البصرة، حيث تتخذ السياسة بعداً مختلفاً. العامري يبين أن "البصرة تمثل ثغر العراق الجنوبي بثقلها الاقتصادي والسكانـي وموقعها الجغرافي، فضلاً عن كونها خط الدفاع الأول في مواجهة الأطماع الخارجية".

هذه المكانة، بحسب محللين، جعلت البصرة ساحة مفتوحة لنشاط سياسي متصاعد، إذ تتحرك فيها الأحزاب بموازين المصالح والثروات، بعيداً عن الغطاء القدسي الذي يحمي النجف. ومن هنا جاء التمايز: النجف رمز روحي عصيّ على الانقسام، بينما البصرة فضاء تنافسي يحكمه النفط والموانئ والكتلة الديموغرافية.

هذا التباين يفتح الباب على الصراع الأوسع بين النجف وقم. العامري يشير إلى أن النجف "تعكس تقليداً شيعياً يميل إلى الحياد والابتعاد عن السلطة المباشرة"، بينما تمثل قم نموذجاً آخر يرى في ولاية الفقيه امتداداً للحاكمية الدينية داخل السياسة.

هذا الاختلاف البنيوي، كما يوضح محللون، جعل النجف عصيّة حتى اليوم على أن تكون نسخة من قم، وحافظ على خصوصيتها كمرجعية روحية لا كسلطة سياسية.

وفي المقابل، فإن محاولات بعض القوى الإقليمية لاختراق هذا التوازن تواجه بجدار من القبول الشعبي والقداسة التاريخية.

ومع اقتراب موعد الانتخابات المقبلة، تزداد هذه الثنائية وزناً سياسياً. النجف، بقداستها ورمزيتها، ستظل بعيدة عن المساومات الانتخابية المباشرة، لكنها تبقى مصدر شرعية لا غنى عنها لأي طرف شيعي يسعى لترسيخ موقعه.

في المقابل، فإن قم تحاول عبر حلفائها السياسيين استثمار لحظة الانتخابات لتقريب العراق أكثر من نموذج ولاية الفقيه. وهنا، كما يرى مراقبون، يتحول التوتر الصامت بين النجف وقم إلى متغير خفي قد يحدد شكل الاصطفافات الانتخابية، ويؤثر على طبيعة الخطاب الذي ستتبناه القوى الشيعية بين "ولاية وطنية" تتكئ على النجف، و"ولاية عابرة" تستمد زخمها من قم.

التحليل يقود إلى استنتاج: النجف ستبقى حجر الزاوية الروحي للبيت الشيعي، لكنها ليست بمنأى عن ارتدادات السياسة. ومع كل استحقاق انتخابي، يُطرح السؤال نفسه بصيغة جديدة: هل تستطيع النجف أن تحافظ على حيادها التاريخي، أم أن ضغوط الداخل والخارج قد تدفعها يوماً إلى لعب دور مباشر في معادلة السلطة، كما دفعت البصرة من قبل إلى واجهة التنافس؟

المصدر: بغداد اليوم+ وكالات

أهم الاخبار

الأردن يطلق سراح 8 جنود إسرائيليين اجتازوا الحدود بالخطأ

بغداد اليوم- متابعة أفاد مصدر رسمي أردني، اليوم الخميس، (4 أيلول 2025)، بأن السلطات أعادت ثمانية جنود إسرائيليين بعد توقيفهم إثر اجتيازهم الحدود الأردنية يوم 27 آب الماضي. وكانت وسائل إعلام محلية قد أفادت في وقت سابق نقلا عن مصدر مطلع إن عملية اجتياز

اليوم, 23:54