سياسة / ملفات خاصة اليوم, 16:05 | --

سطوة الطوائف تهيمن


المقدّس في مواجهة السياسة.. الدين يرسم مسار الناخب العراقي منذ 2003

بغداد اليوم – بغداد

منذ أول اقتراع جرى في العراق بعد عام 2003، كان حضور الواعز الديني لافتًا في تشكيل السلوك الانتخابي، حتى غدا جزءًا من المشهد السياسي والاجتماعي معاً. فالدين لم يكن مجرد بعد روحي في لحظة التحول الديمقراطي، بل تحوّل إلى دافع سياسي مباشر حشد الجمهور نحو صناديق الاقتراع. ويشير محللون إلى أن هذا البعد ظل حاضرًا ومتجددًا مع كل دورة انتخابية، وإن بدرجات متفاوتة.

المحلل السياسي علي هادي الشريفي قال في حديث خاص لـ"بغداد اليوم"، إن "الواعز الديني كان حاضراً بقوة منذ الانتخابات الأولى بعد 2003، حين دعت المرجعية الرشيدة المواطنين إلى المشاركة من دون تحديد قائمة بعينها، الأمر الذي جعل الدافع الديني عاملاً رئيسياً في التوجه نحو صناديق الاقتراع". هذا التوصيف ينسجم مع قراءة تاريخية تؤكد أن خطاب المرجعية آنذاك أعطى شرعية واسعة للممارسة الانتخابية، من دون أن يُقيد الناخب بمرجعية سياسية محددة.

ومع توالي الدورات، تعمّق أثر الواعز الديني عبر اصطفافات طائفية وقومية واضحة. ويبين الشريفي أن "الناخبين توزعوا على خانات طائفية ومذهبية؛ فالشيعة اصطفوا إلى حد كبير خلف قائمة الائتلاف الوطني العراقي الموحد (المعروفة بقائمة الشمعة)، فيما انتخب السنة جبهة التوافق السنية، أما الأكراد والتركمان فاصطفوا خلف هوياتهم القومية، وكذلك المسيحيون ضمن القوائم المسيحية". هذه الخلفية، بحسب مختصين، أظهرت كيف تحولت الهوية الدينية أو القومية إلى آلية انتخابية أكثر من كونها مجرد انتماء ثقافي.

في هذا السياق، برز التيار الصدري كنموذج بارز لتأثير رجل الدين على الناخب، حيث امتزج الخطاب العقائدي مع التعبئة الشعبية. ويقول الشريفي إن "غياب التيار الصدري عن الانتخابات الحالية قد يؤدي إلى تراجع في حدة الطابع الديني والعقائدي داخل العملية السياسية"، غير أن المشهد لا يخلو من أحزاب أخرى تستمد مرجعيتها من مدارس دينية مختلفة كـ"ولاية الفقيه" أو مرجعية الشيخ محمد اليعقوبي.

ويرى مراقبون أن الشحن الطائفي لم يغادر الساحة السياسية، خاصة في مناطق الفرات الأوسط، حيث تظل المرجعية العليا تتابع الأحداث عن كثب. ويشير الشريفي إلى أن المرجعية "غاضبة من الأداء السياسي للأحزاب، وتؤكد أن الكرة الآن في ملعب المواطن لاختيار شخصيات نزيهة وكفوءة بعيدة عن الفساد والولاءات الحزبية الضيقة". هذه الإشارة تعكس التداخل بين الدور الديني كمرجعية أخلاقية وبين خيارات المواطن في العملية الانتخابية.

الحشد الشعبي يمثل بدوره بعدًا آخر للواعز الديني، إذ تحولت بعض تشكيلاته إلى قوة عقائدية ذات وزن سياسي، تستثمر انتخابياً تحت شعار حماية المكون الأكبر وضمان تمثيله في الحكم، بحسب محللين في الشأن السياسي. وهنا يظهر مجدداً كيف يتشابك البعد الديني مع الحسابات الانتخابية، ليعيد رسم الخريطة السياسية وفق معادلة الدين والسياسة معاً.

بالنتيجة، الواعز الديني لم يتراجع بعد عقدين من التجربة الانتخابية، لكنه يواجه اليوم تحديات جديدة تتعلق بمدى قدرة المواطن على التمييز بين الدين كقيمة عليا وبين استخدامه كأداة سياسية. والخاتمة، كما يراها مختصون، مرتبطة بالوعي الشعبي في المراحل المقبلة: هل يستمر الدين في كونه محركًا أولياً للتصويت، أم أن التحولات الاقتصادية والاجتماعية ستنتج معايير جديدة تقود الناخب نحو خيارات مغايرة؟

المصدر: بغداد اليوم + وكالات 

أهم الاخبار

المرور: جميع السيارات بما فيها إقليم كردستان مشمولة بتسجيل المخالفات

بغداد اليوم- بغداد أكدت مديرية المرور العامة، اليوم الخميس (28 آب 2025)، شمول جميع السيارات بتسجيل المخالفات بما فيها حاملة لوحات اقليم كردستان. وقال مدير شعبة الإعلام في مديرية المرور العامة العقيد حيدر شاكر محمد للوكالة الرسمية، تابعته "بغداد

اليوم, 17:16