سياسة / ملفات خاصة اليوم, 16:10 | --


رسائل المرجعية تُحرك المزاج الشيعي.. انتخابات تشرين تتهيأ لعودة الجمهور الصامت

بغداد اليوم – بغداد

في 11 تشرين الثاني 2025، يستعد العراق لإجراء الانتخابات البرلمانية في لحظة مفصلية من مسار الدولة والمجتمع. تتزامن هذه الانتخابات مع تحدّيات كبرى: ضعف الثقة الشعبية في النتائج، استياء المواطنين من تكرار الوجوه السياسية، وتحالفات مكوكية بين النخب. أمام هذا المشهد، يطرح عضو اللجنة القانونية النيابية مرتضى الساعدي قراءة لتفاوت المشاركة الانتخابية بين المكونات العراقية، ويرجّح ارتفاعاً نسبياً في المناطق الشيعية بفعل "المتغيرات الإيجابية" التي بدأت تلوح في الأفق.

قال الساعدي لـ"بغداد اليوم": "مشاركة المكونات العراقية الأساسية ستختلف في نسبها وفقاً للقراءات الراهنة، فالمؤشرات الحالية تُظهر أن معدلات المشاركة ستكون مرتفعة في المناطق الغربية التي يقطنها المكون السني، وكذلك في المحافظات الشمالية ذات الغالبية الكردية". وأضاف: "الوضع في المناطق الشيعية يختلف نسبياً، إلا أن هناك متغيرات لاحت في الأفق… أهمها رسائل المرجعية والنخب السياسية للمشاركة".

هنا، يحاول الساعدي رصد ما يمكن وصفه بـ "تفاوت مكوني". ففي المناطق السنية والكردية – بحسب قراءته – يمكن أن تشهد مشاركة أكبر، ربما بسبب حماسة محلية أو رغبة في اقتناص مساحات تمثيلية. أما في المناطق الشيعية، فيشير إلى أن التعاطي لا يزال متفاوتاً لكن هناك مؤشرات تفاؤل.

في الانتخابات القادمة، ليس الفوز بالمقاعد فقط هو المعيار، بل نسبة المشاركة نفسها أصبحت مؤشّراً لوضع النظام السياسي والمجتمع العراقي. كما تشير دراسة لـ Chatham House "إن الانتخاب بالأساس سيكون اختباراً لصحة النظام ذاته". 

وبينما أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أن أكثر من 21 مليون ناخب عراقي يحقّ لهم الانتخاب، مع نحو 7,754 مرشحاً يتنافسون على 320 مقعداً، فإن الاشتراك الشعبي يبقى مفتتحاً للتساؤل: "هل سيحضر المواطنون بنكـافح للاعتياد؟" 

ترافق ذلك مع تحذيرات من أن ضعف المشاركة قد يُضعف الشرعية ويقوّض نتائج الممارسة الانتخابية. من هذا المنطلق، ما قاله الساعدي بشأن ارتفاع محتمل للمشاركة في المناطق الشيعية، إذا تحقّق، لن يكون مجرد رقم إحصائي، بل رسالة سياسية ومجتمعية.

تحليل الساعدي يستند إلى نقطتين أساسيتين:

أولاً: دعوات المرجعية والنخب

يُشير الساعدي إلى أن "رسائل المرجعية والدعوات من النخب والقيادات السياسية للمشاركة بدأت تُحدث تأثيراً ملموساً في توجيه الرأي العام نحو صناديق الاقتراع". هذه الدعوات – لو صحت – يمكن أن تعمل كحافز في مناطق شيعية كانت تميل إلى الحذر أو الامتناع، خصوصاً بعد موجات الاحتجاجات والسياسات المجتمعية التي سادت السنوات الأخيرة.

ثانياً: تغيّرات محلية وإقليمية

من جهة أخرى، المشهد الانتخابي العراقي يشهد تغيرات: تخصيص عدد ضخم من المرشحين، تدخل الطبقة الاقتصادية والسياسية بوجوه جديدة، نظام انتخابي معدل. مثال: نحو 100 من كبار التجار والمستثمرين يشاركون في الانتخابات، ما قد يحفّز مشاركة اقتصادية وتنشيطاً محلياً. كذلك، النظام الانتخابي الحديث والإجراءات اللوجستية تُظهر أن المنظومة تسعى إلى تقديم صورة مشاركة محكمة أكثر مما سبق. 

إذا كان الشرق الأوسط والضغط الإقليمي والداخل العراقي يضعان الانتخابات في سياق "لحظة محورية" للعراق، فإن نسب المشاركة تُعدّ بنداً جوهرياً في معادلة الشرعية والدينامية الاجتماعية. وبالنظر إلى تصريحات الساعدي، فإنه يُرشّح أن تكون المناطق الشيعية أكثر تقبّلاً للمشاركة بسبب تغيرات في الخطاب والمبادرة المجتمعية، ما قد يؤدّي إلى تجاوز نسب المشاركة السابقة في انتخابات مجالس المحافظات لعام 2023. لكن هذا التوقع يظل معتمداً على ما يمكن أن يحصل في الأسابيع المتبقية قبل التصويت.

إن يوم 11 تشرين الثاني سيُعدّ "الفيصل الحقيقي" كما يقول الساعدي، لتحديد نسب المشاركة النهائية. لكن من المهم ملاحظة أن التوقع بارتفاع المشاركة في المناطق الشيعية لا يزال محفوفاً بعدة مخاطر: استمرار شعور الإحباط الشعبي، مقاطعات محتملة، إعادة إنتاج الوجوه القديمة.

في الوقت نفسه، إذا تحقّق هذا الارتفاع، فإن ذلك لن يكون مجرد رقم، بل يعكس تثبيتاً لآلية "اقتناص المشاركة" من قبل مكونات كانت أقل حماسة، ويعطي دفعاً سياسياً واجتماعياً لتمثيل أكثر فعالية.

بالتالي، يتوقف النجاح ليس فقط على من سيفوز أو كم مقعداً سيفوز به، بل على من سيذهب إلى الصناديق، وفي أي مقياس تتوزّع المشاركة بين المكونات. ولهذا، فإن قراءة الساعدي تشكّل مفتاحاً لفهم مجريات الانتخابات قبل أسبوعين من انطلاقها.

المصدر: قسم الرصد والمتابعة - بغداد اليوم

أهم الاخبار

توجيه بمنح اجازة للطلبة المصابين بالإنفلونزا لحين تماثلهم للشفاء

بغداد اليوم - تربية ميسان توجه بتعطيل الدوام للطلبة المـ صـ ـابيين بالإنفلونزا، ومنحهم إجازة مرضية لحين تماثلهم للشفاء؛ حرصاً على سلامة بقية الطلبة ومنع العدوى داخل المدارس

اليوم, 18:43