مقالات الكتاب اليوم, 14:44 | --


الفساد المالي والإداري سرقة لأحلام المجتمع العراقي

كتب: الدكتور نبيل العبيدي / خبير الدراسات الأمنية والاستراتيجية

الفساد المالي والإداري ليس مجرد مشكلة في العراق، بل هو جرح ينزف، يسرق أحلام جيل بعد جيل. في بلد غني بالموارد الطبيعية، كان من المفترض أن يكون العراقيون من أغنى الشعوب وأكثرها رفاهية، لكن الفساد الممنهج حوّل هذه الثروات إلى كابوس، وأسهم في تدمير البنية التحتية، وتراجع الخدمات، وضياع الفرص.

ولهذا عندما نسال كيف يسرق الفساد أحلام العراقيين؟

فان السرقة تكون من خلال سرقة مستقبل الشباب، اذ يجد الشاب العراقي نفسه أمام خيارين أحلاهما مرّ: إما أن يظل عاطلاً عن العمل رغم مؤهلاته وقدراته، أو أن يسعى للحصول على وظيفة عن طريق "الواسطة" والمحسوبية. هذا الواقع يقتل الطموح والإبداع، ويدفع بالكفاءات إلى الهجرة بحثاً عن فرص تُقدر جهودها. الفساد يسرق من الشباب حقهم في بناء مستقبلهم بكرامة، ويتركهم عرضة لليأس والإحباط. وهو يسرق ايضا الخدمات الأساسية ولهذا يتبادر الى الاذهان سؤال أين تذهب أموال النفط التي يفترض أن تُستخدم في بناء العراق؟ تذهب في صفقات مشبوهة وعقود وهمية، تاركة المواطن العراقي يصارع من أجل الحصول على أبسط الخدمات. المستشفيات الحكومية تفتقر إلى الأجهزة والمستلزمات، والمدارس تعاني من الاكتظاظ وسوء المباني، وشوارع المدن تغرق في مياه الأمطار بسبب سوء مشاريع الصرف الصحي. الفساد يسرق من العراقيين حقهم في حياة كريمة، ويجعلهم يعيشون في بيئة لا تليق بهم. كما ان الفساد المالي والاداري هو سرقة الثقة والأمان فالفساد الإداري والمالي يضعف ثقة المواطن بالدولة ومؤسساتها. عندما يرى المواطن أن الفاسدين يفلتون من العقاب، وأن القوانين تُطبق على الضعيف دون القوي، فإنه يفقد إيمانه بالعدالة. هذا الفقدان للثقة يولد حالة من الاحتقان الشعبي، ويؤدي إلى انهيار المنظومة الاجتماعية والأخلاقية، مما يجعل المجتمع أكثر عرضة للتطرف والصراعات.

ويعد اجتهاد الموظف حقيقة مؤلمة يواجهها المجتمع العراقي، حيث تحول مفهوم "اجتهاد الموظف" من أداة لخدمة الصالح العام إلى غطاء لممارسات فاسدة. هذا التوسع في صلاحيات الموظف دون رقابة كافية هو أحد الأسباب الرئيسية لانتشار الفساد المالي والإداري.

ولهذ يمكن أن يتحول اجتهاد الموظف الإداري إلى فساد في الحالات التالية:

•عندما يكون الهدف تحقيق مصلحة شخصية: إذا استخدم الموظف سلطته أو موقعه لاتخاذ قرارات أو تفسير لوائح بطريقة تخدم مصالحه الشخصية، أو مصالح أفراد عائلته أو أصدقائه، فهذا يعد فسادًا صريحًا. على سبيل المثال، أن يقوم موظف بموافقات سريعة على معاملات معينة دون غيرها لأنه يحصل على رشوة أو منفعة من ورائها.

•عندما يتجاوز الصلاحيات بشكل متعمد: إذا كان الموظف على علم بالأنظمة والتعليمات الواضحة لكنه يتعمد تجاوزها بحجة "الاجتهاد" بهدف خدمة جهة معينة أو منحها ميزة غير مستحقة، فهذا يُعد فسادًا إداريًا. هذا الاجتهاد ليس سوى ذريعة لإخفاء سوء النية والتجاوز على القانون.

•عندما يؤدي إلى هدر المال العام: إذا أدى اجتهاد الموظف إلى اتخاذ قرار غير رشيد يتسبب في خسارة للمال العام أو يمنع تحصيل إيرادات كان من المفترض أن تعود للدولة، فهذا يُعتبر شكلاً من أشكال الفساد.

إن مكافحة الفساد في العراق ليست مهمة سهلة، لكنها ليست مستحيلة. تتطلب جهداً وطنياً شاملاً، تبدأ بإصلاح جذري في المؤسسات الحكومية، وتعزيز دور القضاء، وتفعيل قوانين صارمة لمكافحة الفساد.

لكن الأهم من ذلك، هو دور المواطن العراقي. يجب على الجميع أن يرفض الفساد بكل أشكاله، وأن لا يكون جزءاً منه، وأن يطالب بالشفافية والمساءلة، وأن يدعم كل جهد يهدف إلى تطهير البلاد من هذا الوباء. فالفساد هو أكبر عدو للعراق، والقضاء عليه هو الخطوة الأولى نحو استعادة الأحلام المسروقة، وبناء دولة قوية، عادلة، ومزدهرة.

اللهم عليك بالفاسدين والمجتهدين بسوء من الموظفين اصحاب النفوذ والمصلحة الشخصية.

أهم الاخبار

كتائب حزب الله تتمسك بسلاح المقاومة وتدعو لتعزيزه بالأسلحة المتطورة

بغداد اليوم - بغداد أكدت كتائب حزب الله، اليوم الجمعة (15 آب 2025)، بتمسكها بسلاح المقاومة، فيما دعت لتعزيزها بالأسلحة المتطورة ورفع قدراتها الدفاعية والتدميرية. وقالت الكتائب في بيان تلقته "بغداد اليوم"، إنّ "التطوّرات الأخيرة، من سقوط

اليوم, 15:57