بغداد اليوم – بغداد
بينما يواصل الجيش العراقي أداء مهامه في مواجهة التحديات الأمنية على الأرض، تواجه المؤسسة العسكرية هجمة من نوع آخر، أشد خفاءً وأكثر خطورة: حملة تشويه ممنهجة عبر الجيوش الإلكترونية، تستهدف ضباطًا وقيادات معروفة بكفاءتها واستقلاليتها، وفق ما يراه خبراء عسكريون ومختصون في الأمن السيبراني.
تُشير "بغداد اليوم" إلى أن هذه الحملة ليست بجديدة، فقد بدأت ملفاتها تظهر منذ حقبة وزير الدفاع السابق. فكانت بعض الصفحات الوهمية والمأجورة تنشر أكاذيب وأساليب "حقيرة" للابتزاز والضغط على اكفى الضباط العراقيين الذين قدموا الكثير فداء للوطن، فقط لرفضهم تلبية "الرغبات السيئة" لأصحاب نفوذ، في حين يعتز كل بلد بمؤسسته العسكرية وفي العراق على وجه الخصوص يضحون الضباط الاكفاء بأغلى ما يملكون وتأتي هذه الصفحات "المأجورة" لتشوه سمعته.
وتقول التحليلات إن هذه الحملات لا تنطلق من فراغ، بل تُدار وفق استراتيجية تهدف إلى إضعاف العمود الفقري للمؤسسة العسكرية من الداخل، عبر الضغط النفسي والتشويه الإعلامي ضد الضباط المهنيين الذين رفضوا الانخراط في دوائر الفساد أو الخضوع لإملاءات بعض الجهات النافذة.
يرى مراقبون أن الحرب الإلكترونية الموجهة ضد الجيش العراقي ليست منفصلة عن الصراع على النفوذ داخل الدولة، بل هي انعكاس لتقاطع المصالح بين جهات سياسية ومراكز قوى تحاول التأثير على القرار الأمني، حتى لو تطلّب الأمر إسقاط قيادات عسكرية مهنية عبر حملات تسقيط افتراضية.
ويؤكد خبراء في الأمن الرقمي أن الكثير من هذه الصفحات المجهولة يتم تمويلها من داخل البلاد، وتدار من غرف تحكم تتبع لمستشارين مرتبطين بمؤسسات رسمية، هدفهم تفريغ المؤسسة العسكرية من عناصرها الأقوى والأكثر مهنية.
الضباط الذين يشكّلون العصب المهني للمؤسسة العسكرية – أولئك الذين لم يساوموا على الواجب، ورفضوا الانخراط في شبكات التواطؤ – أصبحوا في مرمى نيران التشويه والافتراء. وبحسب خبراء عسكريين، فإن الأسماء المستهدفة ليست عشوائية، بل تنتمي إلى سلك الضباط المعروفين بالنزاهة والانضباط، وغالبيتهم شغلوا مواقع حساسة خلال مراحل مفصلية من الحرب ضد الإرهاب.
المفارقة أن هذه الحملة لا تأتي من أعداء العراق التقليديين، بل تُدار بأدوات داخلية ترتدي ثوب الوطنية، لكنها تسعى لإقصاء من لا يخضع لمنطق الولاء الشخصي على حساب الكفاءة المهنية.
يحذّر مختصون من أن الأثر النفسي والسياسي لحملات التشويه قد يفوق أحيانًا وقع المعارك العسكرية، خاصة عندما تُستخدم هذه الحملات لإبعاد ضباط أكفاء واستبدالهم بأسماء طيعة.
كما أن هذه الجبهات الرقمية، بحسب وصف محللين، تحاول تقويض ثقة المجتمع بالمؤسسة العسكرية، عبر التشكيك في قياداتها والتشويش على أدائها، تمهيدًا لإضعاف دورها كأداة لحماية الدولة لا لحماية المصالح.
ورغم كل محاولات التشويه، يواصل الجيش العراقي الحفاظ على انضباطه المؤسسي، ويقدّم نموذجًا في الثبات المهني وسط فوضى سياسية وإعلامية. ويؤكد مراقبون أن كثيرًا من الضباط والجنود يدركون تمامًا أن المعركة اليوم لم تعد فقط في الصحراء أو على الحدود، بل على الشبكة، حيث يتحرك "عدو داخلي" بأسماء مستعارة وأجندات واضحة.
المؤسسة العسكرية العراقية، التي ما زالت تمسك بخط الدفاع الأول عن الدولة، تُستهدف اليوم من جهة أخرى: جهات لا تريد لها أن تبقى مستقلة أو قوية، بل خاضعة ومنكسرة.
ومع استمرار هذه الحملات، تبرز الحاجة إلى حماية الجيش ليس فقط من الإرهاب، بل من منصات التشويه التي تحاول كسر رموزه وتفريغه من مهنييه باسم حرية التعبير، وهي في الحقيقة حرية "الاستهداف الممنهج".
3 عوامل وراء محاولات الإساءة للجيش
الخبير في الشؤون الأمنية صادق عبد الله من ناحيته، يرى أن هناك ثلاثة عوامل رئيسة تقف وراء محاولات الإساءة لقوة الجيش العراقي، مشدداً على أهمية اعتماد مسارات واضحة وحازمة للتعامل مع ما يعرف بـ"الصفحات الصفراء" التي تبث الأكاذيب والشائعات.
وقال عبد الله في حديث لـ"بغداد اليوم"، الأحد (13 تموز 2025)، إن "الجيش يمثل دعماً لقوة القانون وتحقيق الاستقرار، واستهداف المؤسسة العسكرية في أي دولة هو محاولة لإضعاف القانون والنظام، وفتح المجال للفوضى والاختراقات لخدمة أجندات معينة".
وأضاف أن "العراق رغم الاستقرار الأمني النسبي، إلا أنه يقع في قلب الشرق الأوسط الذي يعج بالتحديات، وهناك جهات خارجية تسعى لإضعاف الجيش عبر صناعة الأكاذيب في الصفحات الصفراء وبطرق مخابراتية متعددة الأبعاد تتناسب مع أجندتها".
وأشار إلى وجود "قوى فاسدة داخلية تسعى للإساءة لقادة معينين إذا شعروا أنهم يشكلون تهديداً لمصالحها في محافظات أو مدن معينة".
ولفت عبد الله إلى أن "بعض الناس يتفاعلون مع الشائعات دون التحقق، ما يزيد من الإساءة للمؤسسة العسكرية التي تمثل خطاً أحمر في كل دول العالم".
وأكد ضرورة "وضع حد لهذه الظاهرة من خلال تطبيق القوانين بحزم ضد من ينشر الشائعات أو الأكاذيب التي تمس المؤسسة العسكرية، لأن الإساءة لها تعني إضعاف النظام وإثارة الفوضى وعدم الاستقرار".
كشف ممولين لحملات التسقيط
وبعد اتخاذ الجهات المختصة الإجراءات القانونية بحق الصفحات التي قادت حملات تسقيط ممنهجة ضد الجيش العراقي وعدد من قياداته، بينهم وزير سابق، تمكّنت التحقيقات من كشف الجهات الممولة والداعمة لتلك الصفحات، وفق ما أبلغ مصدر مطلع.
وأفاد المصدر في حديث لـ "بغداد اليوم"، بأن “من بين الداعمين ضابطاً كبيراً تابعاً لمسؤول بارز سابق في إحدى السلطات التشريعية، حيث جرى رصد تواصله المباشر وتمويله لتلك الحملات بهدف الإساءة إلى المؤسسة العسكرية”.
وأضاف أن “الجهات الأمنية والرقابية تواصل متابعة خيوط القضية، تمهيداً لاتخاذ الإجراءات القانونية الكاملة بحق جميع المتورطين، سواء من داخل المؤسسة العسكرية أو من خارجها".
المصدر: بغداد اليوم + وكالات
بغداد اليوم – ديالى في مبادرة بيئية هي الأولى من نوعها في العراق، نجح الخبير الزراعي عدي الربيعي بإنشاء حديقة متخصصة بالنباتات الصحراوية العطرية والطبية قرب منطقة الغالبية شمال غرب بعقوبة، بهدف تسليط الضوء على الكنوز النباتية المحلية وفوائدها المتعددة.