محليات اليوم, 19:03 | --


سد الموصل يحتضر بصمت وخزينه الحي يلفظ أنفاسه الأخيرة خلال شهر

بغداد اليوم - بغداد

حذر الخبير في مجال المياه عادل مختار، اليوم الإثنين (7 تموز 2025)، من احتمالية جفاف سد الموصل خلال شهر واحد فقط، في حال عدم زيادة الإطلاقات المائية من تركيا، مؤكدًا أن السد يمر حاليًا بأسوأ حالة له منذ إنشائه.

وقال مختار في حديث خص به "بغداد اليوم"، إن "الإطلاقات القادمة من أنقرة عبر نهري دجلة والفرات ما تزال ضمن حدود الزيادة الطفيفة"، مشيرًا إلى أن "تصريحات بعض السياسيين العراقيين حول وصول الإطلاقات إلى 420 مترًا مكعبًا في الثانية لا تتطابق مع الواقع".

وأضاف أن "وزير الموارد المائية نفسه، وهو الجهة المختصة، لم يحدد حتى الآن مقدار الزيادة بشكل رسمي، بل أشار قبل 3 أيام فقط إلى أن الإطلاقات ارتفعت من 60 إلى 130 مترًا مكعبًا في الثانية، وهي زيادة غير كافية لرفد الأنهر العراقية بحاجتها الفعلية".

وأوضح مختار، أن "تركيا أيضًا تعاني من أزمة جفاف، وهي لم تحدد حتى الآن حجم الإطلاقات نحو العراق، ما يعني أن الوضع لا يزال غير مستقر ولا يمكن بناء قرارات عليه في الوقت الحالي".

وبين، أن "سد الموصل يضم حاليًا ثلاثة مليارات متر مكعب من المياه، منها ملياران يُعرفان بالخزين الميت، والمتبقي فعليًا هو مليار متر مكعب فقط"، محذرًا من أن "هذا الوضع غير مسبوق، وقد يؤدي إلى جفاف السد خلال شهر لأول مرة في تاريخه"

وشدد الخبير على أن "ما يحصل هو نتيجة سوء إدارة ملف المياه على مدار السنوات الماضية"، داعيًا رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني إلى "تشكيل خلية أزمة عاجلة تضم خبراء ومختصين لرسم خارطة طريق واقعية بعيدة عن الحلول التقليدية التي أثبتت فشلها".

وفي ذات السياق علّقت لجنة الزراعة والمياه النيابية، الأربعاء (2 تموز 2025)، حول إعلان تركيا الأخير بشأن زيادة الإطلاقات المائية لنهري دجلة والفرات، مؤكدة أن العراق ما يزال يواجه أزمة “حرجة للغاية” مع دخول أكثر من 70 منطقة في دائرة الخطر المائي.

وقال عضو اللجنة، النائب ثائر الجبوري لـ"بغداد اليوم" ، إن "الحديث عن إطلاق أكثر من 400 متر مكعب في الثانية من قبل أنقرة سُمع عبر وسائل الإعلام وبيانات بعض النواب، لكن حتى اللحظة لم تُرصد أي تغييرات فعلية في مناسيب المياه داخل الأراضي العراقية".

وأضاف الجبوري أن "في حال صدقت هذه الزيادة، فإن نتائجها الأولية ستبدأ بالظهور خلال 24 إلى 48 ساعة”، مشيراً إلى أن "الإطلاقات الحالية من تركيا لا تمثل سوى 15% من الكميات المتفق عليها مع العراق خلال فصل الصيف، وهو ما يعكس حجم الكارثة التي تواجهها البلاد، خصوصاً في الجنوب ومناطق الفرات الأوسط".

وبيّن أن "أكثر من 70 منطقة مترامية دخلت فعلياً مرحلة الخطر الأحمر نتيجة شح المياه، وتدهورت الأوضاع في الأنهار الرئيسية والمتفرعة على حد سواء، ما ينذر بموسم زراعي هش ومخاطر بيئية متفاقمة".

وأوضح الجبوري أن "أزمة المياه لا تقتصر على تدفقات الأنهر فحسب، بل تتفاقم بسبب انحسار كبير في قدرات التخزين لدى السدود الرئيسية، والتي وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ عقود، ما يجعل الأمن المائي مهدداً بشكل غير مسبوق".

وختم بالقول: "إذا ما ثبتت نية أنقرة في الالتزام بإطلاقات مائية حقيقية وفق ما تم الإعلان عنه، فقد نكون أمام بداية حل جزئي لأزمة الجفاف، لكنه لن يكون كافياً ما لم ترافقه خطوات تفاوضية استراتيجية وضمانات دائمة لحصة العراق المائية".

ورغم عقد العديد من اللقاءات والمفاوضات الثنائية بين العراق وتركيا، إلا أن نتائجها غالباً ما تكون مؤقتة أو مرتبطة بظروف سياسية، دون التوصل إلى اتفاقية ملزمة بشأن الحصص المائية. وتزداد المشكلة تعقيداً مع غياب سياسة مائية وطنية متكاملة، وتراجع الاستثمارات في تحديث شبكات الري والزراعة، إضافة إلى الهدر الكبير في استخدام المياه.

وتُعد مناطق الجنوب والفرات الأوسط الأكثر تضرراً، حيث بدأت تظهر تداعيات الجفاف بشكل واضح من خلال الهجرة القسرية للسكان، وانخفاض الإنتاج الزراعي، وتهديد مصادر مياه الشرب.

وتشير تقارير دولية إلى أن العراق من بين الدول الخمس الأكثر عرضة للجفاف خلال العقود القادمة، ما لم يتم تبني استراتيجية مائية عاجلة تتضمن التفاوض الإقليمي، وتنظيم الاستهلاك المحلي، وتطوير البنية التحتية المائية، وزيادة الاعتماد على تقنيات التحلية والمعالجة وإعادة الاستخدام.

أهم الاخبار