آخر الأخبار
عراقجي بشأن المفاوضات مع أمريكا: جاهزون والنافذة الدبلوماسية مفتوحة مصدر إيراني: رسالتنا لم تتضمن عدم اتخاذ إجراءات ضد ترامب الداخلية تنفي فتح باب التقدم بصفة عقد يوم 18 تشرين الثاني إلقاء قنبلة مضيئة باتجاه منزل نتنياهو في قيساريا توضيح جديد من الداخلية بشأن حظر التعداد السكاني

بعد تجاوزها الخط الأزرق.. مواجهات بلا ضوابط على الحدود اللبنانية- الإسرائيلية

عربي ودولي | 16-02-2024, 11:16 |

+A -A

بغداد اليوم - متابعة

تدهورت الضوابط العسكرية والأمنية في جنوب لبنان وتوسعت المواجهة بين الجيش الإسرائيلي و"حزب الله" في الأيام الأخيرة بشكل تصعيدي وسريع، اتسعت معه دائرة الاستهدافات في شمال إسرائيل، وتحديداً في الجليل الأعلى إذ قُصفت صفد التي تبعد أكثر من 15 كيلومتراً عن الحدود اللبنانية، للمرة الأولى منذ الثامن من نوفمبر (تشرين الأول) 2023، تاريخ اندلاع الحرب في غزة وطوفان الأقصى.

وتجدد استهداف مستوطنة "كريات شمونة" المرة تلو الأخرى، وبالمقابل خرجت الاستهدافات الإسرائيليّة عن "ضوابطها" التي استمرت نحو ثلاثة أشهر، إلى خارج "الحزام الأمني" الذي رسمه قرار الأمم المتحدة رقم 1701، بعد حرب عام 2006، والمعروف بجنوبي نهر الليطاني، إلى مناطق عميقة في الداخل اللبناني وشمالي النهر، وصلت إلى مدينة النبطية، وقبلها إلى منطقة الشوف الواقعة بين عاصمة الجنوب صيدا وعاصمة لبنان بيروت، وطاولت أخيراً حدود قضاء جزّين ومنطقة إقليم التفاح.


صفد والنبطية

وشكلت كل من صفد في شمال إسرائيل، والنبطية في وسط جنوب لبنان، أبرز العناوين "الخطرة" في هذا التصعيد الملحوظ، إذ أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل "السرجنت" عومر سارة بينجو (20 سنة) يوم الأربعاء 14 فبراير (شباط) الحالي، بعد "إصابة قاعدة عسكرية في شمال إسرائيل بصاروخ أُطلق من لبنان"، وأصيب جنود آخرون بجراح متوسطة. وأشار إلى أن القاعدة تعرضت لقصف صاروخي أحدث أضراراً جسيمة بها. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن هذا الهجوم الصاروخي هو "الأخطر منذ اندلاع الحرب على الجبهة الشمالية".

أما النبطية فتعرضت لقصف مسيّرات إسرائيلية مرتين في غضون أقل من أسبوع، استهدفت المرة الأولى سيارة تقل عناصر من "حزب الله"، بينما ضربت في المرة الثاني شقة سكنية في وسط المدينة الجنوبية، فسقطت بصاروخ موجّه عائلة كاملة بين قتيل وجريح (7 قتلى). وأفيد عن مقتل 4 عناصر من "حزب الله" في شقّة تقع تحت الشقة المستهدفة، بينهم مسؤول عسكري في الحزب نجا من ضربة إسرائيلية استهدفت سيارته في المدينة في الثامن من الشهر الحالي. هذا الرقم من الضحايا المدنيين لم تصل إليه النبطية طوال فترة حرب يوليو (تموز) 2006، أي طوال 33 يوماً من القصف المتواصل.

ولم يتبنَّ حزب الله عملية صفد بشكل رسمي ولم يقدم أي مبررات توضح أنه هو من نفذ هذا القصف الذي تجاوز للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب، هذا العمق الاستراتيجي في الشمال الإسرائيلي.

في المقابل، ذكرت مصادر إعلامية إسرائيلية "إن الغارات على الجليل استهدفت قاعدة ميرون الجوية وقاعدة صفد العسكرية، مركز القيادة الشمالية".

وعلى الرغم من عدم صدور بيان عن الحزب يؤكد تنفيذه هذه العملية أو ينفيها، أو عرض فيلم عن الاستهداف على غرار ما يجري بعد عملياته العسكرية وإطلاقه الصواريخ على المواقع الإسرائيلية، ذكرت وسائل إعلام محلية أن "الحزب استخدم صواريخ دقيقة في قصفه على صفد". وأوضحت أن القبة الحديدية فشلت في اعتراض الصاروخ الأخير الذي أصاب الموقع وأدى إلى سقوط مجنّدة وإصابة آخرين. وكشف موقع "والا" الإسرائيلي عن وجود انتقادات حادة في الجيش الإسرائيلي لفشل منظومة الدفاع الجوي في اعتراض الصاروخ.

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية كذلك، أن المنطقة المستهدفة في صفد تحظى بحماية واسعة، حيث تتواجد فيها عدة منشآت استراتيجية". وأضافت، "في الأسابيع الأخيرة اخترقت طائرة تابعة لحزب الله المنظومة الدفاعية وأصابت القيادة الشمالية وألحقت أضراراً". ولفتت الى أن "حزب الله يمتلك ما بين 150 إلى 200 ألف صاروخ، بمعدل قدرة إطلاق تصل إلى 1500 صاروخ يومياً".

في موازاة هذا الإقرار الإسرائيلي بخطورة الاستهداف الذي تعرضت له صفد ومركز القيادة العسكرية فيها، لم يتضح بعد حجم الرد الذي ستذهب إليه إسرائيل تجاه "حزب الله" بعدما حمّلته المسؤولية عن الهجوم، مع أن الوزير في مجلس الحرب الإسرائيليّ بيني غانتس اعتبر أن "المسؤول عن إطلاق الصواريخ من لبنان ليس حزب الله فقط، بل الدولة اللبنانية. وتوعّد بأن "الرد سيأتي قريباً وبقوة".

اتساع دائرة المواجهات

من جهته، طالب وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير بتغيير التعاطي مع المواجهات مع "حزب الله". وقال "إن إطلاق صواريخ من جنوب لبنان يعد حرباً على إسرائيل". وبعد ساعات قليلة من إعلان وسائل إعلام إسرائيلية أن مجلس الحرب الإسرائيلي يبحث كيفية الرد على قصف صفد"، كانت المقاتلات الإسرائيلية تلقي الصواريخ على أهداف عدة في جنوب لبنان. وأغار الطيران الحربي الإسرائيلي على مجموعة أهداف خارج منطقة الليطاني الجنوبية، قالت مصادر إسرائيلية "إنها مراكز لحزب الله"، وتنقلت بين عدشيت التي تبعد نحو 12 كيلومتراً (جنوب غرب) عن مركز قضاء النبطية، حيث استهدفت غارة منزلاً من ثلاث طبقات وسوّته بالأرض، بالإضافة إلى مواقع قريبة من قريتي عدشيت والصوّانة. ثم توالت استهدافات سلاح الجوّ لأطراف جباع في إقليم التفاح وأحراج وخراج قرى زحلتي، وبصليا، وسنيا قرب جزّين.

كما ذكرت مصادر متابعة أن الهجوم على قاعدة صفد لم يكن الأول من نوعه، إذ استُهدفت في التاسع من يناير (كانون الثاني) الماضي بمسيرات للحزب "رداً على اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي في حركة حماس، صالح العاروري" في الضاحية الجنوبية لبيروت.

الرد.. والرد المعاكس

وارتفعت وتيرة التهديدات بين الرد والرد على الرد، وكشفت صحيفة "يديعوت أحرنوت" أن الجيش الإسرائيلي يستعد لـ"رد كبير" في لبنان على عملية صفد، دون الاكتفاء باستهداف "مصادر النيران" كالعادة. وأضافت الصحيفة "إن الجيش الإسرائيلي كان حريصاً في السابق على الردّ بشكل متناسب على إطلاق الصواريخ من الشمال، من خلال مهاجمة مصادر النيران وأهداف حزب الله المختلفة في جنوب لبنان".

سبق هذا التوعّد الإسرائيلي كلام للأمين العام لـ "حزب الله" حسن نصرالله، قال فيه إن "على وزير الحرب الإسرائيلي الذي يتوعد بتوسيع العمليات ضد لبنان أن يدرك أنه إذا شنّ حرباً على لبنان فإن عليه تهيئة الملاجئ لمليوني مهجّر إسرائيلي من الشمال لا مئة ألف فقط". وأكد أن "إطلاق النار من جنوب لبنان لن يتوقف إلا بانتهاء العدوان على غزة".

وتوعد نائب الأمين العام للحزب نعيم قاسم أمس الخميس، في حفل تأبين ثلاثة من عناصر الحزب سقطوا في معارك الجنوب، "لن نترك عدواناً على مدنيين إلا وسنرد عليه بالطرق المناسبة، وسنعلن ذلك وسنعرف أننا ردينا من أجل المدنيين، حتى ولو كانت القواعد التي نعمل عليها الآن باختيارنا وبقرارنا، أن تكون المواجهة محدودة في دائرة الجنوب، بما يؤدي إلى فائدة غزة من دون استخدام كل القوة التي لدينا لندخرها للوقت المناسب. وإذا جاء هذا الوقت المناسب بغير إرادتنا وفي أي وقت من الأوقات، سنكون جاهزين تماماً لكل مواجهة مهما كانت كبيرة،

وسنلقن الإسرائيلي دروساً لن ينساها أبداً، وسيكون درس عام 2006 درساً ابتدائياً أمام الدروس التي سيراها في المواجهة المقبلة".

ولم تمضِ ساعات قليلة على وعيد قاسم حتى انهمرت الصواريخ على كريات شمونة.

 وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي "إن 14 صاروخاً استهدفت مدينة كريات شمونة". أما الحزب فقال في بيان، إنه "وفي رد أولي ‌‏على مجزرتي النبطية والصوّانة، هاجمنا مستعمرة كريات شمونة بعشرات صواريخ الكاتيوشا".

قلق شعبي ونزوح

هذا التصعيد بالتهديدات المتبادلة، والتفجير المتصاعد أمنياً وعسكرياً لم تعد أصداؤه تتردد أو تنحصر في المنطقة الحدودية من جنوب لبنان، التي كانت تعرف بمنطقة المواجهات جنوبي نهر الليطاني فحسب، بل تعدته اليوم إلى مناطق الجنوب كلها وعواصمها الثلاث: صيدا، والنبطية، وصور.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذه المدن الجنوبية الكبيرة تستقطب اليوم حيزاً كبيراً من اللبنانيين النازحين منذ أكثر من أربعة أشهر من المناطق الحدودية، ويفوق عددهم المئة ألف نازح، ناهيك عن الكثافة السكانية من أبناء هذه المدن الذين يقطنونها بشكل دائم، ما يوسع بالتالي دوائر القلق والخوف من انتشار شعاع التفجير العسكري وشعاع النزوح.

وذكرت وزارة الدفاع الأمريكية أن "الولايات المتحدة تشعر بالقلق إزاء ما يحدث على الحدود اللبنانية الإسرائيلية وتكثف جهودها لمنع توسع النزاع خارج   قطاع غزة".

المصدر: اندبندنت