القوانين العراقية وممارسات الجشع عند بعض الأطباء
محليات | 25-11-2021, 11:52 |

بغداد اليوم – تقرير : محمود المفرجي الحسيني
رغم نبل وإنسانية مهنة الطب، الا ان هذه المهنة لا تخلو من شوائب كان ضحيتها أناس فقراء فقدوا صحتهم وربما حياتهم، وافرغت جيوبهم نتيجة جشع الكثير منهم الذين ركنوا الإنسانية جانبا ووجهوا نصب اهتمامهم على جمع الأموال السحت، ليتحولوا الى وحوش كاسرة لا يمتون الى الإنسانية باي صلة.
الان ان هذه الصورة السوداوية، لا يمكن ان تغطي الإنسانية العالية التي يتمتع أطباء نذروا حياتهم وعلمهم لخدمة الناس.
الا ان مرض الجشع الذي أصاب عدد كبير من الأطباء، كانت له أسبابه، أهمها انحدار الواقع الصحي الحكومي بشكل عام، وشبه فقدان للعلاجات التي من المفترض ان تقدمها المستشفيات الحكومية مجانا للمواطنين الفقراء الذين لا يستطيعون مراجعة عيادات الأطباء، فوجد هؤلاء الفقراء انفسهم امام طريق واحد وهو التعامل مع العيادات الخاصة وعدم مواجهة تكاليفها الكبيرة جدا.
الامر لم يتوقف عند هذا الحد، بل تعلم هؤلاء الأطباء أساليب معيبة بحقهم وبحق مهنتهم الإنسانية منها عدم سماحهم بشراء الدواء الا من صيدلية عائدة لنفس الطبيب الذي يكشف على المريض بعيادته، او صيدلية معينة يتفق معها في مقابل نسبة معينة له، وهذا بحد ذاته يجبر الصيدلية على رفع أسعار الدواء الذي يحتاجه المريض.
وهذا الامر يتم بطريقة معينة، وقائم على اتفاق بين الطبيب والصيدلي المتفق معه، بان يكتب الطبيب وصفة الدواء "راجيتة" برموز وطلاسم لا تستطيع أي صيدلية أخرى فكها الا الصيدلية التي تتعامل مع الطبيب.
هذه المصورة المؤلمة، تقابلها صورة اكثر ايلاما من الأخطاء الكارثية التي يرتكبها عدد من الأطباء الذين يعملون بمستشفيات أهلية ربحية، نتيجة العمليات الجراحية التي ينفذوها، بقصص خيالية تنم عن عدم اكتراث او اهتمام لحياة المواطنين الذين دفعوا أموالا طائلة من اجل الشفاء من امراضهم.
ومن ضمن هذه القصص ما جرى في احدى المستشفيات الاهلية، والتي ينقلها شقيق احد المريضات التي اجرت عملية قص معدة.
وقال المواطن في فيديو مصور حصلت عليه (بغداد اليوم)، ان "شقيقتي اجرت عملية قص معدة، وبدأت بمضاعفات كبيرة، منها خروج "خراج الجراحة" بشكل غير معقول".
وأضاف، ان "الطبيب ذهب ولم يسأل على المريضة، وعند اتصالنا به يؤكد بان العملية ناجحة مائة بالمائة، الى ان وصلت المضاعفات الى مستوى لا يمكن تحمله مع ازدياد الألم عند المريضة".
اطلع على القصة الكاملة لهذه العملية بالضغط على الرابط التالي: https://www.youtube.com/watch?v=fzfhYm6kIF4
ويبدو ان القانون العراقي، منح الجانب الإنساني لمهنة الطب، مساحة جدا واسعة، تفوق مساحة العقوبات على بعض الممارسات التي يرتكبها الطبيب بحق المرضى عن طريق الخطأ.
وهذا ما اوضحه الخبير القانوني المعروف طارق حرب لـ (بغداد اليوم)، الذي بين، ان "القانون العراقي يجرم الطبيب بالإهمال في حال ارتكابه خطأ غير مقصود يؤدي الى موت او إصابة مريض بعاهة مستدامة".
وأضاف "الا ان القانون لا يجرم الطبيب في حال ممارسته بعض الممارسات مثل كتابة طلاسم معينة في وصفة الدواء، او منح دواء معين ليس له اثر".
الا ان حرب اكد ، ان "هذه الممارسات هي مسألة أخلاقية، وقانونية في نفس الوقت ، مشيرا الى ان هناك قوانين في بعض الدول لا تسمح للطبيب بمثل هكذا ممارسات، والا لماذا لا تحصل هذه الممارسات مع أطباء عراقيين في الأردن والامارات على سبيل المثال".
الا ان الطبيب سعد الخزاعي (عضو سابق في مجلس نقابة الأطباء)، دافع عن الأطباء، ولفت الانتباه على بعض الأمور التي ربما تكون خافية على المواطنين.
وقال الخزاعي في تصريح لـ (بغداد اليوم)، ان "مهنة الطب هي مهنة كباقي المهن، وهي تخضع أيضا لمفهوم العرض والطلب، اذ ان هناك مصروفات كبيرة جدا يتحملها الطبيب".
وأوضح، انه "من الصحيح القول ان مهنة الطب هي مهنة إنسانية قبل كل شيء، لكن ان المؤجر عندما يؤجر العيادة للطبيب بأموال طائلة لا يقول ان مهنته مهنة إنسانية، وصاحب الكراج الذي يركن الطبيب به سيارته، لا يقول ان مهنة صاحب اليارة مهنة إنسانية، وعندما تجني بعض الدوائر الضرائب من الطبيب لا تقول ان مهنته مهنة إنسانية ".
وأضاف، ان "هذه المسائل هي مسؤولية الدولة وليس الطبيب، فعلى الدولة ان تفتح المستشفيات الكبيرة، وان تصنع ضمان صحي للمواطن .. الخ من الإجراءات التي يجب ان تنطلق بها".
وأشار الى، ان "أجور الأطباء في العراق تعتبر من الأجور المتدنية قياسا الى دول الجوار، فمثلا ان أجور الكشفية للطبيب في الأردن او تركيا تصل الى 50 دولار، وان العملية التي تجرى بمليونين في العراق، يمكن ان تصل في هذه الدول الى 5 الاف دولار".