بغداد اليوم – بغداد
تتصاعد ردود الفعل على حكم الإعدام الصادر عن محكمة جنايات النجف بحق الشاب السوري محمد سليمان أحمد حسن، لتتكشف خيوط قضية تهزّ الرأي العام العراقي والسوري على حد سواء، بعدما تبيّن أن الحكم استند إلى صور ومقاطع قديمة في هاتفه تُظهر الرئيس السوري الحالي أحمد الشرع ومقاطع من الحرب السورية، دون أي دليل على مشاركة فعلية في عمل إرهابي.

مصدر حكومي رفيع أكّد لـ"بغداد اليوم" أن اتصالات تجري على أعلى المستويات في بغداد للوقوف على تفاصيل القضية بعد الضجة التي أثارتها المنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام السورية، مشيراً إلى أن رئاسة الوزراء والجهات القضائية فتحت تحقيقاً عاجلاً للتحقق من صحة الوثائق التي نُشرت، في ظل حديث عن احتمال صدور بيان رسمي لتوضيح الملابسات خلال الساعات المقبلة.
في المقابل، وجّه المحامي السوري عروة سوسي نداءً عاجلاً إلى الحكومة السورية، مطالباً بـ"وقف تنفيذ الحكم فوراً" وفتح تحقيق قنصلي وقانوني في العراق، مذكّراً بوجود معتقلين سوريين آخرين، من بينهم عمر معن هرموش المحكوم بالسجن خمس عشرة سنة، وناشد المجتمع الدولي التدخل لوقف "الأحكام التي تُصدر على أساس الانتماء السياسي لا الفعل الجرمي".
القضية لا تبدو معزولة عن واقع أوسع. فبحسب تقارير منظمات حقوقية دولية، منها هيومن رايتس ووتش، شهدت الأشهر الماضية موجة اعتقالات وتضييق على السوريين المقيمين في العراق، شملت لاجئين وعمّالاً وحتى طلاباً يحملون وثائق من مفوضية اللاجئين.
وتشير تلك التقارير إلى أن بعض الاعتقالات طالت مؤيدين للرئيس السوري الحالي أحمد الشرع، في وقت تحدثت فيه مصادر أمنية عراقية عن نشاط "خلايا نائمة" مرتبطة بجماعات سورية مسلّحة، ما أضفى على الملف بعداً سياسياً وأمنياً متشابكاً.
في آذار الماضي، وثّقت وسائل إعلام عربية اعتداء مجموعة ملثّمين على سوريين في بغداد والأنبار بدعوى "تأييدهم للنظام السوري"، بينما أعلنت الحكومة العراقية حينها عن تشكيل لجنة تحقيق وتعهدت بـ"عدم التسامح مع أي استهداف قائم على الانتماء السياسي أو القومي".
لكن مراقبين يرون أن "الإجراءات الأمنية المتزايدة تُستخدم أحياناً كغطاء لعمليات تضييق ذات طابع سياسي"، خصوصاً بعد تصاعد التوترات بين بغداد ودمشق بشأن ملفات أمنية وحدودية، وتبادل الاتهامات حول تسلل عناصر متطرفة عبر الحدود المشتركة.
مصادر قانونية عراقية قالت لـ"بغداد اليوم" إن قضية محمد سليمان قد تُحال إلى محكمة التمييز الاتحادية خلال الأيام المقبلة، وأن تنفيذ الحكم لن يتم قبل استكمال المراجعات القانونية، مشددة على أن قانون مكافحة الإرهاب في العراق (رقم 13 لسنة 2005) يمنح المحاكم سلطة تقديرية واسعة في توصيف "الدعم الإعلامي أو المعنوي" كجريمة إرهابية، وهو ما قد يفتح باباً خطيراً على تأويلات سياسية.
المرصد العراقي للحقوق والحريات دعا في بيانٍ عاجل إلى "وقف تنفيذ الحكم فوراً وضمان محاكمة عادلة وفق المعايير الدولية"، مشيراً إلى أن القوانين العراقية لا تتيح الحكم بالإعدام لمجرد حيازة صور أو مقاطع سياسية، "ما لم يُثبت وجود نية أو مساهمة فعلية في عمل إرهابي".
القضية أثارت كذلك ردود فعل دبلوماسية، إذ تداولت مصادر عربية أن دمشق طلبت رسمياً من بغداد توضيحات حول الحكم ومصير المواطن السوري، وسط خشية من أن تتحول القضية إلى أزمة سياسية بين البلدين، خاصة بعد تزايد شكاوى السوريين من "استهدافهم على أساس سياسي" داخل الأراضي العراقية.
ويرى محللون أن هذه القضية تعكس التوتر الخفي بين بغداد ودمشق منذ بروز النظام السوري الحالي برئاسة أحمد الشرع، حيث تحاول بعض القوى داخل العراق الموازنة بين ولاءاتها الإقليمية ومصالحها السياسية، ما يجعل الملفات الإنسانية والقضائية أحياناً وقوداً لصراعات أكبر من أصحابها.
في بلد ما زال يعلن تمسكه بسيادة القانون، تبرز صورة واحدة في هاتف شاب سوري لتتحول إلى رمز لصراع سياسي ممتدّ من دمشق إلى النجف. فالقضية لم تعد قضية "هاتف وصورة"، بل اختباراً لمدى قدرة الدولة العراقية على الفصل بين العدالة والانتقام، بين القضاء والسياسة، بين الإنسان والمعادلة الإقليمية، بحسب مراقبين.
المصدر: قسم الرصد والمتابعة – بغداد اليوم
بغداد اليوم – بغداد قدّمت السفارة الأمريكية في بغداد، اليوم الثلاثاء (28 تشرين الأول 2025)، التهاني لشركة إكسيليريت إنرجي الأمريكية بمناسبة توقيعها الاتفاقية التاريخية مع وزارة الكهرباء العراقية لإنشاء محطة جديدة عائمة للغاز المسال الطبيعي، مؤكدة، بحسب