اقتصاد / ملفات خاصة اليوم, 15:10 | --

بلا أثر محلي


3 ملايين برميل نفط يوميا و100 ترليون دينار سنويا.. والبصرة بلا ماء ولا كهرباء ولا عائدات

بغداد اليوم - بغداد

في وقت يزور فيه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني محافظة البصرة، أطلق الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي تصريحا لاذعا لخص فيه مفارقة كبرى تعيشها المحافظة الاغنى في العراق.

قال المرسومي في منشور له اليوم السبت (25 تشرين الأول 2025): "البصرة التي تنتج ثلاثة ارباع نفط وغاز العراق، وتمول الموازنة بأكثر من 100 ترليون دينار سنويًا، لم تستلم هذا العام دينارا واحدا من تنمية الأقاليم او البترودولار، وحتى إيرادات منافذها الحدودية لم تتسلمها منذ آب الماضي... البصرة التي تنتج النفط وتستنشق السموم وتشرب الماء المالح، هي ذاتها التي تمثل العاصمة الاقتصادية للعراق".

تصريح المرسومي لم يكن توصيفا ماليا فحسب، بل تشخيصا لبنية اختلال اعمق بين المركز والمحافظات المنتجة، حيث تتحول الثروة الى لعنة محلية بدل ان تكون فرصة تنمية.

ينص قانون البترودولار على منح المحافظات المنتجة للنفط والغاز نسبة 5% من العائدات تضاف الى مخصصات تنمية الأقاليم، لكن تطبيق القانون تعثر منذ اقراره عام 2010. وبحسب بيانات وزارة النفط، تنتج البصرة نحو 3 ملايين برميل يوميًا، أي ما يعادل ثلاثة ارباع انتاج العراق الكلي، فيما تشكل إيراداتها نحو 80% من الموازنة الاتحادية المقدرة بأكثر من 100 ترليون دينار سنويًا.

ورغم هذا الحجم من العائدات، لم تستلم المحافظة منذ بداية العام أي مخصصات مالية من بندي البترودولار وتنمية الأقاليم، ما جعلها – وفق مراقبين – "تعيش مفارقة غريبة: تمول الدولة ولا تنال من مواردها شيئًا".

يقول المرسومي في تحليل سابق ان "المشكلة ليست في النص القانوني بل في غياب الانتظام المالي، اذ تدار الموارد بعقلية سياسية لا اقتصادية"، مؤكدًا ان "البصرة تمول العراق وتعاقب في الوقت نفسه".

الى جانب ملف النفط، تعاني البصرة من حرمان مالي مزدوج. فإيرادات المنافذ الحدودية التي تعد الأعلى في البلاد، لم تحول الى الحكومة المحلية منذ آب الماضي بحسب مصادر مالية في المحافظة.

وتقدر واردات منافذ الشلامجة وام قصر وصفوان بأكثر من تريليوني دينار شهريًا، كان يمكن ان تسهم في معالجة الديون الداخلية وتمويل مشاريع البنى التحتية المتوقفة. لكن غياب الشفافية في التحويلات المالية وتعدد الجهات الرقابية جعل تلك الموارد رهينة المركز، ما عمق فجوة الثقة بين بغداد والبصرة.

رغم ان البصرة تعد العاصمة الاقتصادية للعراق بحكم موقعها البحري ومنفذها الجنوبي على الخليج، الا ان نفوذها الإداري محدود. القرارات المالية الكبرى تتخذ في بغداد، والمشاريع الاستثمارية تدار من قبل وزارات اتحادية، ما يجعل المحافظة عاجزة عن التخطيط الذاتي او إدارة مواردها.

ويرى محللون ان هذا التقييد الإداري احد أسباب ضعف التنمية، اذ تدار المشاريع بمركزية مفرطة تهدر الوقت والموارد. ويقول الخبير الاقتصادي زياد الهاشمي ان "البصرة تمثل نموذجًا للفشل الإداري في استثمار الفوائض النفطية، لان الدولة لا تتعامل معها كإقليم انتاجي، بل كخزان تمويل لبقية المحافظات".

منذ سنوات، يعيش سكان البصرة بين واقعين متناقضين: ثروة نفطية هائلة وبنية خدمية منهارة. الماء المالح يغزو الانابيب، والملوثات النفطية تتسرب الى الهواء، فيما تغيب مشاريع تحلية المياه والكهرباء المستدامة.

تقرير لوزارة البيئة العراقية عام 2024 أشار الى ان نسبة التلوث في أجواء البصرة تجاوزت 70% من الحدود المسموح بها، بينما تصنفها منظمة الصحة العالمية كإحدى اكثر المدن تلوثًا في الشرق الأوسط. ويصف ناشطون محليون وضع المحافظة بانه "دفع ثمن الثروة"، حيث تتكبد اضرارًا بيئية وصحية دون عائدات مالية موازية.

زيارة رئيس الوزراء الى البصرة تأتي بعد سلسلة وعود حكومية بتفعيل مخصصات البترودولار وتخصيص 3 ترليونات دينار لتنمية المحافظات المنتجة.
لكن الواقع المالي، كما يقول خبراء، يصطدم بضغط العجز وازدواجية القرار بين الوزارات الاتحادية والمحلية.

ويحذر المرسومي من ان استمرار هذا النمط من المركزية المالية سيجعل المحافظات المنتجة اقل التزامًا بالمركز، ويدفعها الى المطالبة بصيغ حكم اكثر استقلالًا اقتصاديًا.

تشير المعطيات الى ان محافظة البصرة، رغم كونها المصدر الرئيسي لعائدات النفط في العراق، ما زالت تعاني من ضعف في الخدمات وغياب العدالة في توزيع الإيرادات. فالمحافظة التي تمول الموازنة الاتحادية تواجه مشكلات بيئية واقتصادية متراكمة، من تلوث المياه والهواء الى تراجع البنى التحتية وتأخر المشاريع المحلية.

ويؤكد خبراء اقتصاديون ان معالجة هذه الأزمة تتطلب إصلاحا ماليا وإداريا يعيد التوازن بين المركز والمحافظات المنتجة للثروة، لضمان توزيع عادل للعائدات وتحسين مستوى المعيشة في المناطق التي تسهم في تمويل الدولة.

المصدر: قسم الرصد والمتابعة – بغداد اليوم + وكالات 

أهم الاخبار

السوداني يهنئ منتسبي الداخلية لفوزهم بجائزتين عربية ودولية في مكافحة المخدرات

بغداد اليوم - بغداد هنأ رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، اليوم السبت (25 تشرين الأول 2025)، منتسبي وزارة الداخلية بمناسبة فوزهم بجائزتين على المستويين العربي والدولي، عن فئة أفضل تعاون ميداني ومعلوماتي وعملياتي في ضبط شبكات تهريب المخدرات. وقال السوداني

اليوم, 16:58