بغداد اليوم – بغداد
تدخل العملية الانتخابية في العراق مرحلة اختبار جدي يتعلق بقدرة المفوضية على تطبيق القوانين التي تنظّم المشاركة السياسية، خصوصًا تلك التي تحظر على الأحزاب امتلاك أجنحة مسلّحة أو الارتباط بفصائل عسكرية. فمع اقتراب الانتخابات المقبلة، برزت تساؤلات قانونية حول الأسس التي استندت إليها المفوضية في السماح لأحزاب ذات صلة بفصائل مسلّحة بالمشاركة، وسط مطالبات بتوضيح السند القانوني لذلك القرار لضمان نزاهة التنافس الانتخابي واستقلال المؤسسة المشرفة على الاقتراع.
أكد الخبير القانوني المختص بالشأن الانتخابي محمد الطائي، أن امتناع المفوضية عن تقديم السند القانوني لمشاركة أحزاب مرتبطة بفصائل مسلحة “يثير تساؤلات حول استقلالية القرار الانتخابي”.
وقال الطائي في حديثه لـ"بغداد اليوم"، إن “المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ملزمة بتطبيق القانون على جميع الكيانات السياسية دون استثناء أو تمييز، لا سيما أن حياديتها تمثل ركيزة أساسية لضمان نزاهة الانتخابات المقبلة”.
وبيّن أن “الدستور العراقي نص في المادة (9/أولاً-أ) على حظر تكوين ميليشيات عسكرية خارج إطار القوات المسلحة، كما أن قانون الأحزاب السياسية رقم (36) لسنة 2015 يؤكد في المادة (32) على عدم جواز ارتباط الحزب أو التنظيم السياسي بتشكيلات مسلّحة أو امتلاكه أجنحة عسكرية بأي شكل من الأشكال”.
وأضاف أن “مشاركة أحزاب ذات صلة بفصائل مسلحة تمثل مخالفة صريحة لتلك النصوص القانونية والدستورية، ولهذا فإن المفوضية مطالبة بتوضيح السند القانوني الذي استندت إليه في قراراتها لتفادي المساءلة القانونية والشكوك حول استقلالها”.
وفي التاسع من أيلول الماضي، قدّم المحامي عباس الكعبي وعدد من زملائه طلبًا رسميًا إلى المفوضية يطالبون فيه بتوضيح السند القانوني لمشاركة الأحزاب المرتبطة بفصائل مسلحة في الانتخابات المقبلة، مرفقين وثائق تؤكد وجود صلات تنظيمية لتلك الكيانات. وأوضح الكعبي أن الهدف من الطلب هو “تطبيق الدستور وحماية مؤسسات الدولة وفرض القانون على الجميع دون استثناء”.
يرى مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية الدكتور غازي فيصل أن وجود العشرات من الفصائل المسلحة داخل العراق “يشكّل تحديًا جوهريًا أمام بناء نظام سياسي مدني”، مبينًا أن “ما يقرب من 74 فصيلًا مسلحًا لا يحق لها قانونًا المشاركة في العملية السياسية، لأن المادة التاسعة من الدستور تحظر على القوات المسلحة المشاركة في التداول السلمي للسلطة أو تشكيل جماعات مسلحة خارج المؤسسة العسكرية”.
وأوضح فيصل أن المرجعية الدينية في النجف، عندما أصدرت فتوى “الجهاد الكفائي” عام 2014، كانت تقصد تطوع المواطنين ضمن صفوف القوات المسلحة الرسمية لا إنشاء تشكيلات حزبية مسلحة، مشيرًا إلى أن بعض القوى السياسية “استلهمت نموذج الحرس الثوري الإيراني في التنظيم والتعبئة، ما خلق التباسًا بين العمل السياسي والعمل العسكري”.
تُظهر مراجعة هذا الملف أن العراق يقف أمام فجوة واضحة بين النصوص القانونية والممارسة السياسية. فالقوانين وُضعت لضمان احتكار الدولة للسلاح وحماية مبدأ المنافسة المدنية، لكن الواقع يشير إلى أن بعض الأحزاب ما زالت تحتفظ بأذرع مسلّحة تمنحها نفوذًا غير متكافئ.
ويرى قانونيون أن المشكلة لا تكمن في النصوص نفسها، بل في ضعف آليات التنفيذ وتعدد مراكز القرار داخل الدولة، ما يجعل بعض القوى السياسية “محصّنة من المساءلة”. ويشير مختصون إلى أن المفوضية تجد نفسها أمام معادلة دقيقة: بين واجبها في تطبيق القانون بحزم، وبين حسابات الاستقرار السياسي والضغط المجتمعي، وهي معادلة حساسة قد تؤثر على مصداقية العملية الانتخابية برمتها.
ورغم وضوح النصوص الدستورية التي تحظر وجود أي تشكيل مسلح خارج المؤسسة العسكرية، لم تُعلن المفوضية عن أي إجراء لتعليق تسجيل تلك الأحزاب أو منعها من المشاركة، ما أثار تساؤلات سياسية وقانونية حول مدى قدرتها على تطبيق القانون بمعايير موحدة وبعيدًا عن الضغوط السياسية.
تكشف هذه المعطيات عن أزمة بنيوية في العلاقة بين الدولة والسلاح، تتجلى في السماح لكيانات مسلّحة بالمشاركة في الانتخابات رغم مخالفتها الصريحة للنصوص القانونية.
ورغم أن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات تعمل ضمن بيئة سياسية معقّدة، إلا أن تجاهلها للمطالب القانونية يهدد مبدأ المساواة أمام القانون، ويضعف ثقة الشارع بقدرتها على إدارة استحقاق ديمقراطي نزيه، بحسب مراقبين.
المصدر: قسم الرصد والمتابعة في "بغداد اليوم" + وكالات
بغداد اليوم- بغداد أعلن ناديا الشرطة والإتحاد السعودي، تشكيلتهما لمباراة الجولة 3 من دور المجموعات لبطولة دوري أبطال آسيا للنخبة، التي تقام مساء اليوم الأحد، (20 تشرين الأول 2025)، على أرض ملعب المدينة الدولي. واعتمد المدير الفني لفريق الشرطة على