بغداد اليوم - بغداد
تعيش الساحة السياسية العراقية في مرحلة حذر بالغ مع اقتراب موعد إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية المقبلة، وسط تصاعد الخطابات الحزبية المتوترة وتبادل الاتهامات بين الكتل المتنافسة. هذه الأجواء ليست جديدة على المشهد العراقي، لكنها اليوم أكثر هشاشة من أي وقت مضى، بسبب تراكم الأزمات وفقدان الثقة بالمؤسسات الانتخابية، وذاكرة العنف التي لم تبرأ بعد من صدامات المنطقة الخضراء عام 2022، حين تحوّلت الخلافات السياسية إلى مواجهة بالسلاح في قلب العاصمة.
في خضم هذا التصعيد، دعا السياسي المستقل طلال الجبوري خلال حديث لـ"بغداد اليوم"، إلى "ضرورة الحذر من تنامي مؤشرات التوتر بين القوى السياسية عقب اقتراب موعد إعلان النتائج الرسمية للانتخابات"، مبيناً أن “الخطاب السياسي في الأيام الأخيرة اتجه نحو التصعيد والاتهامات المتبادلة، ما يثير مخاوف حقيقية من إمكانية حدوث مواجهات أو صدامات سياسية قد تنعكس على الشارع”. وتُظهر هذه المخاوف أن العراق يقف أمام اختبار جديد لقدرة القوى المتنافسة على إدارة خلافاتها ضمن الأطر القانونية، لا سيما في ظل التحذيرات التي أطلقها أيضاً رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، حين قال إن “القوى السياسية قد تتصادم فيما بينها بعد إعلان نتائج الانتخابات”، وهو تحذير يعكس هشاشة التوازن القائم بين الأحزاب وتراجع أدوات الضبط المؤسسي.
ما يخشاه الجبوري اليوم هو تكرار مشهد الأمس؛ فبعد انتخابات 2021، شهدت المنطقة الخضراء واحدة من أعنف لحظات الاحتكاك السياسي في تاريخها الحديث، حين اقتحمت عناصر من سرايا السلام المجمع الحكومي، ووقعت اشتباكات بينها وبين فصائل مرتبطة بالحشد الشعبي. أحداث تلك الليلة، التي وثّقتها وكالات دولية مثل "فرانس 24"، كشفت مدى هشاشة التوازن بين القوى الشيعية، حيث استخدمت الأسلحة الخفيفة والمتوسطة داخل العاصمة، وسقط ضحايا من الطرفين، قبل أن تتدخل القوات الأمنية لاحتواء الموقف.
يُجمع المراقبون على أن تلك الأحداث كانت نتاجاً مباشراً لتضارب المصالح السياسية بعد الانتخابات، وضعف الثقة بالنتائج وآليات العدّ والفرز، وهي ذات المؤشرات التي يراها الجبوري تتكرّر اليوم مع تصاعد الخطاب الحزبي الحاد قبل إعلان النتائج. يذهب التحليل السياسي إلى أن المؤشرات الحالية تُعيد إنتاج أجواء ما بعد انتخابات 2021، مع فارق واحد هو أن الخطاب هذه المرة أكثر جرأة وأقل التزاماً بالمؤسسات. فالقوى المتنافسة تمارس ضغطاً متبادلاً عبر الإعلام والشارع، فيما تُستَخدم لغة التهديد السياسي كأداة تفاوض مبكر على شكل الحكومة المقبلة.
ويؤكد الجبوري أن “المرحلة الحالية تتطلب من جميع الأطراف التحلي بأقصى درجات المسؤولية الوطنية، والاحتكام إلى الدستور والقانون في معالجة أي طعون أو اعتراضات على النتائج، بدلاً من اللجوء إلى الشارع أو فرض الإرادات بالقوة”. هذه الدعوة تأتي في ظل إدراك واسع بأن أي انزلاق جديد نحو العنف قد يفتح الباب أمام تدخلات خارجية، ويُعيد البلاد إلى دوامة الاصطفاف الطائفي أو السياسي، وهو ما يشكّل خطراً مباشراً على التجربة الديمقراطية الهشة.
في مقابل التصعيد، تتكاثر الدعوات لضبط النفس. ويشدّد الجبوري على أن “الاقتتال السياسي، إذا ما اندلع، لن يخدم أي طرف، بل سيقوض العملية الديمقراطية ويعيد البلاد إلى أجواء الفوضى والاحتقان”، داعياً القيادات إلى “إرسال رسائل طمأنة لجماهيرها والقبول بمبدأ التداول السلمي للسلطة”. ويرى أن “استقرار البلاد لا يقل أهمية عن نتائج الانتخابات، وأن النضج السياسي يتمثل في القدرة على الخسارة كما في الفوز”، وهي إشارة صريحة إلى أن الامتحان الحقيقي للديمقراطية لا يكون في يوم الاقتراع، بل في اليوم التالي لإعلان النتائج.
تجربة العراق بعد كل دورة انتخابية تُثبت أن الديمقراطية ليست عملية تصويت فحسب، بل منظومة سلوك ومسؤولية جماعية. وبين تحذيرات الجبوري والعبادي وذاكرة اشتباكات المنطقة الخضراء، يبقى التحدي الأهم أمام القوى السياسية هو منع تكرار مشهد السلاح في قلب الدولة، وحماية المسار الانتخابي من الانزلاق إلى الفوضى. ففي النهاية، لا تعني صناديق الاقتراع شيئاً إذا ما خرجت البنادق من صمتها، ولا يمكن لأي انتصار انتخابي أن يبرر خسارة الوطن، بحسب مراقبين.
المصدر: قسم الرصد والمتابعة في "بغداد اليوم"
بغداد اليوم- بغداد بعد فوز المنتخب السعودي على نظيره الإندونيسي (3-2)، اليوم الأربعاء، (8 تشرين الأول 2025)، بات المنتخب الوطني لكرة القدم، أمام خيارات عدة للتأهل الى نهائيات كأس العالم 2026 عبر الملحق الآسيوي. وتضم المجموعة الثانية في الملحق منتخبات