سياسة / ملفات خاصة اليوم, 17:35 | --


اللوبيات الأمريكية في خدمة الإقليم: ورقة ضغط أمام اتفاق بغداد وأربيل.. لكن ما تأثيرها؟

بغداد اليوم - أربيل

منذ عام 2003، شكّلت العلاقة بين بغداد وأربيل أحد أبرز الملفات المتشابكة في النظام السياسي العراقي، حيث ظلّت عقود النفط والاتفاقات المالية محور نزاع مستمر. الدستور العراقي نصّ في مواده على أن النفط والغاز ملك لجميع العراقيين، لكن التفسيرات المتباينة لمبدأ "المشاركة" أنتجت أزمات متكررة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان. هذه الأزمة أخذت أبعاداً إقليمية ودولية مع دخول الولايات المتحدة على خط الوساطة والضغط، إذ يمتلك الكرد تاريخياً قنوات اتصال قوية في واشنطن، تعززت عبر لوبيات سياسية وإعلامية فاعلة داخل الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وهو ما منحهم امتيازاً نوعياً في مخاطبة مراكز القرار الأمريكي، على خلاف بغداد التي غالباً ما واجهت صعوبة في بناء شبكة ضغط مشابهة.

في هذا السياق، يوضح الباحث في الشأن السياسي نوزاد لطيف أن "هناك علاقة وطيدة للكرد مع عدد من اللوبيات الأمريكية، ولكن هذه اللوبيات تأثيرها مازال محدوداً، ولا تؤثر على نوع العلاقة بين بغداد وأربيل". وفق مقاربات سياسية حديثة، فإن هذه القراءة تعكس التناقض القائم: من جهة، يمتلك الكرد لوبيات مؤثرة فعلاً في واشنطن، وقد لعبت أدواراً تاريخية في الدفاع عن قضايا الإقليم في الكونغرس والإدارة الأمريكية، لكن من جهة أخرى، لا يمكن لهذه اللوبيات أن تنقض التفاهمات العليا بين بغداد وواشنطن، خصوصاً في الملفات الاستراتيجية مثل تصدير النفط.

ويضيف لطيف أن "التأخير والمماطلة في التوصل لاتفاق بين الحكومة الاتحادية، وحكومة إقليم كردستان، سببه التعويل الكردي على العلاقات مع واشنطن، في الضغط على بغداد، بهدف ضمان الاستمرار بصرف الرواتب، لكن هذا الاعتماد أثبت فشله، كون الإدارة الأمريكية العليا، هي مع اتفاق بغداد وأربيل، وضمان تسليم النفط، وتصدير من قبل بغداد حصرا". تُظهر التجارب المقارنة أن الاعتماد على قنوات الضغط الخارجي قد يحقق مكاسب آنية، لكنه لا يؤسس لحلول مستدامة، إذ أن مصالح واشنطن ترتبط باستقرار العراق ككل أكثر من انحيازها لطرف محلي بعينه. وتشير بيانات رقابية إلى أن غياب الالتزام بالاتفاقات النفطية بين المركز والإقليم يفاقم الأزمة المالية ويفتح الباب لتوظيف الرواتب كورقة ضغط متبادلة.

يفسّر خبراء في الشأن الدبلوماسي، أن قوة اللوبيات الكردية في الولايات المتحدة تمثل بالفعل أداة ضغط ذات تأثير إعلامي وسياسي، وتمنح الإقليم قدرة أكبر على إيصال صوته في واشنطن مقارنة ببغداد. غير أن هذه القوة تصطدم بحدود المصالح الاستراتيجية الأمريكية التي تضع وحدة العراق واستقرار سوق الطاقة أولوية. بحسب قراءات قانونية، فإن أي اتفاق بين بغداد وأربيل لن يكون قابلاً للتجاوز عبر ضغط لوبيات، طالما أن النص الدستوري واضح في مركزية إدارة ملف النفط. وبالتالي، فإن المراهنة الكردية على هذه القنوات الخارجية قد تُستخدم كورقة تفاوضية، لكنها لا تستطيع إلغاء الإطار الدستوري الحاكم للعلاقة.

يمكن القول إن المشهد تغيّر جوهرياً حينما انتقل الكرد من التعويل على الداخل العراقي وحده إلى الرهان على لوبيات أمريكية نسجت علاقات مؤثرة في الكونغرس والإدارة، وهو ما منحهم ميزة لا تملكها بغداد. لكن ما لم يتغير هو حقيقة أن هذه اللوبيات، مهما بلغت قوتها، لا تستطيع أن تتجاوز القرار الأمريكي الاستراتيجي الداعم لاتفاق بغداد وأربيل بشأن النفط. والأثر المتوقع أن استمرار المراهنة على الخارج سيطيل أمد الخلافات، ويزيد من المماطلة في تنفيذ الاتفاقات، لكنه في النهاية لن يعفي الإقليم من الالتزام بالقواعد الدستورية والاقتصادية التي تربط موارده بالعراق ككل. النتيجة أن قوة اللوبيات قد تمنح الإقليم هامش حركة سياسي، لكنها لا تمثل بديلاً عن التفاهم الداخلي المستدام بين المركز والإقليم.

المصدر: بغداد اليوم+ وكالات

أهم الاخبار

الخارجية الإيرانية: الكرة الآن في ملعب أوروبا.. وخطوتها الأخيرة تفتقر للأساس القانوني

بغداد اليوم - متابعة كشفت وزارة الخارجية الإيرانية، اليوم الأربعاء (17 أيلول 2025)، عن تفاصيل اتصال هاتفي بين وزيرها عباس عراقجي ونظرائه الأوروبيين، تناول تطورات الملف النووي الإيراني. ووفقاً للبيان الذي تابعته "بغداد اليوم"، أكد عراقجي أن

اليوم, 19:19