بغداد اليوم - بغداد
في الوقت الذي يسعى فيه العراق لتنويع مصادر دخله بعيدًا عن الاعتماد شبه المطلق على النفط الخام، يبرز ملف الغاز كمجال استراتيجي لا تزال إمكاناته غير مستثمرة بالكامل. الخطوة التي اتخذتها بغداد منذ عام 2022 بتصدير غاز البروبان، والمعروف شعبيًا بغاز الطهي، تعكس بداية لتوسيع خارطة الموارد، لكن هذه البداية تراكمت ببطء حتى سجلت قفزات ملموسة في العامين الأخيرين، وفق ما يؤكده مختصون في الشأن الاقتصادي.
الخبير حيدر الشيخ أوضح في حديثه لـ"بغداد اليوم"، أن "العراق بدأ بعملية تصدير غاز البروبان وما يسمى بالغاز المسال في عام 2022 من خلال شركة غاز البصرة بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي منه". هذا التصريح يفتح على خلفية مهمة: الاكتفاء الذاتي المحلي لم يكن متحققًا قبل ذلك، إذ كان العراق يستورد كميات من الغاز لتغطية احتياجاته، لكن تطوير حقول الغاز المصاحب في الجنوب أتاح التحول من مستورد إلى مصدر. محللون يرون أن هذا التحول يعكس بداية انفكاك تدريجي من عبء الاستيراد نحو دور أكثر فاعلية في سوق الغاز.
ويضيف الشيخ أن "معدلات التصدير في البداية كانت شحنات صغيرة، وأكبر كمية مصدّرة بلغت 10,700 طن في عام 2024". هذه الأرقام، وإن بدت محدودة، تكشف عن مسار تصاعدي بطيء لكنه ثابت. فالسوق العراقية لم تدخل مباشرة في منافسة على نطاق واسع، بل اعتمدت على مبدأ الاختبار التدريجي للقدرة الإنتاجية والتسويقية، وهو ما يشير إليه مراقبون بأنه نهج حذر لتثبيت موطئ قدم في سوق عالمية شديدة التنافس.
أما النقلة النوعية فتظهر في قول الشيخ إن "في شهر أيلول الحالي بدأ العراق بتصدير كمية أكبر من الكمية السابقة، حيث تبلغ 20 ألف طن من غاز البروبان على ظهر ناقلة وجهتها الصين". هذه الجملة تعكس دخولًا أوضح في السوق الآسيوية، خصوصًا الصين التي تُعد من أكبر المستوردين عالميًا للغازات المسالة. هذا الانفتاح، كما يرى محللون اقتصاديون، قد يشكّل نقطة تحول في رسم مسار جديد لصادرات العراق، ليس فقط من النفط الخام بل من منتجات الغاز.
ويتابع الشيخ بأن "معدل صادرات العراق من غاز البروبان تتراوح بين 25 – 35 ألف طن شهريًا، حيث تصل الصادرات السنوية لأكثر من 350 ألف طن". هذه الأرقام تضع العراق في خانة المنتجين متوسطي الحجم، لكنها تكشف عن طاقة تصديرية يمكن البناء عليها. مختصون يشيرون إلى أن حجم الصادرات الحالي لا يقارن بالدول الكبرى، لكنه يمثل بداية لتكوين حصة عراقية في سوق الغاز المسال العالمي، وهي سوق سريعة النمو مع ازدياد الطلب على بدائل الطاقة الأقل كلفة من النفط الخام.
ويختم الشيخ بالإشارة إلى أن "ارتفاع صادرات العراق من غاز البروبان يعزز الإيراد المالي حيث يصل الإيراد السنوي من صادرات الغاز إلى 250 مليون دولار". هذه القيمة، برغم تواضعها مقارنة بعوائد النفط التي تتجاوز عشرات المليارات، تحمل بعدًا استراتيجيًا: فهي تمثل بداية لتقليل الاعتماد الكلي على النفط الخام، وفتح نافذة نحو قطاع الغاز بوصفه رافدًا اقتصاديًا واعدًا. محللون يلفتون إلى أن المبلغ قد يبدو صغيرًا، لكنه في مقياس السياسة المالية العراقية يساهم في تنويع الإيرادات، ويكشف عن إمكانات كامنة إذا ما استُثمرت حقول الغاز بشكل أكبر.
المعطيات التي طرحها الشيخ تكشف أن ملف غاز البروبان في العراق لا يزال في طور التأسيس، لكنه بدأ يضع أقدامه على طريق جديد. فالاكتفاء الذاتي ثم التصدير المحدود وصولًا إلى الانفتاح على السوق الصينية، كلها مراحل تشير إلى تحول تدريجي يمكن أن يعيد تشكيل صورة الاقتصاد العراقي مستقبلًا. ومع ذلك، فنجاح هذه الخطوات مرهون بقدرة الدولة على تطوير البنية التحتية الغازية، والتعامل مع المنافسة العالمية، وضبط الهدر في قطاع الطاقة. ما بين الأمل والتحدي، يقف العراق عند مفترق طرق جديد، حيث يظل الغاز ـ كما يقول مختصون ـ فرصة واعدة قد تنقله من اقتصاد أحادي إلى مشهد أكثر تنوعًا، إذا ما أُحسن استثماره.
المصدر: بغداد اليوم+ وكالات
بغداد اليوم - متابعة قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، اليوم الإثنين (1 أيلول 2025)، إن بلاده مستعدة لخفض مستوى تخصيب اليورانيوم إلى 3.67%، شريطة التوصل إلى اتفاق شامل يحفظ حق إيران في التخصيب المحلي. وذكر بقائي في مقابلة صحفية