بغداد اليوم – بغداد
لا يبدو اللقاء الثاني بين رئيس جهاز المخابرات العراقي حميد الشطري والرئيس السوري أحمد الشرع حدثا عابرا في رزنامة العلاقات الثنائية، بقدر ما يعكس تحولات أعمق في مقاربة بغداد ودمشق للتهديدات المشتركة. فالتوقيت وحده كفيل بفتح شهية الأسئلة: لماذا الآن؟ ولماذا بهذا المستوى؟ ولماذا يُصر الطرفان على جعل التعاون الأمني عنوانا مركزيا؟. ففي وقت يتحدث فيه مراقبون عن احتمال تسليم دير الزور بالكامل لحكومة الشرع، تتعاظم المخاوف من أن يتحول هذا التطور إلى خاصرة رخوة تفتح أبواب تهديدات أمنية مباشرة على الداخل العراقي.
المختص في الشؤون الاستراتيجية جاسم الغرابي أوضح لـ"بغداد اليوم" أن "اللقاء الذي جمع رئيس جهاز المخابرات العراقي بالرئيس السوري أحمد الشرع، وما تخلله من اتفاق على تعزيز التعاون الأمني بين بغداد ودمشق، يمثل خطوة مهمة نحو ترسيخ التنسيق المشترك في مواجهة التحديات الأمنية العابرة للحدود". وبحسب الغرابي، فإن هذه التحديات تتمثل أساساً في "نشاط الجماعات الإرهابية وشبكات التهريب المنظمة التي تستغل الفراغات الأمنية على طول الحدود بين البلدين".
هنا يبرز ملف دير الزور كأحد أخطر التحديات، إذ يربط الخبير العسكري اللواء المتقاعد جواد الدهلكي مباشرة بين التطورات في المحافظة السورية وبين الأمن العراقي. ففي حديثه لـ"بغداد اليوم" أعرب عن "مخاوف عراقية متزايدة من تبعات تسليم محافظة دير الزور بالكامل إلى حكومة الشرع، وما قد يرافق ذلك من احتمال هروب عناصر تنظيم داعش الإرهابي من سجون المحافظة". وأضاف أن الاضطرابات الأمنية في دير الزور مستمرة منذ 2017 رغم انتهاء العمليات الكبرى، مشيراً إلى أن قسد ما زالت تمسك بملف السجون التي تضم أعداداً كبيرة من مقاتلي داعش، وهو ما يجعل الملف "ورقة سياسية يمكن من خلالها التلويح بإطلاق السجناء أو إعادة رسم خارطة الطريق الأمنية والسياسية في المنطقة".
هذا الواقع يفسر حساسية التوقيت، فبحسب الغرابي، "تنامي التعاون الاستخباراتي بين العراق وسوريا يأتي في وقت حساس، خصوصاً مع عودة نشاط بعض الخلايا النائمة لتنظيم داعش، فضلاً عن التهديدات الناتجة عن الصراع الإقليمي والدولي في الأراضي السورية، والتي قد تمتد تداعياتها إلى الداخل العراقي". بينما يؤكد الدهلكي أن أي انفلات أمني في دير الزور "سيؤثر مباشرة على المناطق الحدودية العراقية، من خلال احتمالية تسلل عناصر داعش، أو تنفيذ عمليات إرهابية، أو إدخال أسلحة ومعدات متطورة".
وبينما يصف الغرابي هذا النوع من اللقاءات بأنه يعزز قدرة الطرفين على "تبادل المعلومات الدقيقة ورسم سياسات ميدانية مشتركة لضبط الحدود ومواجهة التهديدات الأمنية"، يرى الدهلكي أن العراق لم يعد قادراً على الاكتفاء بالمراقبة، بل أصبح مضطراً لرفع مستوى التنسيق الأمني مع دمشق إلى أقصى درجاته لتطويق الخطر قبل أن يتفاقم.
هكذا يتجاوز اجتماع الشطري والشرع حدود التعاون الثنائي ليأخذ بعداً إقليمياً، حيث أن استقرار المشرق العربي بأسره يتأثر بما يجري في هذه البقعة الملتهبة من سوريا. ومع ذلك، يظل السؤال مفتوحاً: هل تنجح بغداد ودمشق في تحويل اللقاءات المتكررة إلى منظومة أمنية فعّالة تصدّر الاستقرار، أم أن ضغوط القوى الدولية والإقليمية ستبقي التنسيق رهينة للظرف الطارئ؟
المصدر: بغداد اليوم+ وكالات
بغداد اليوم - متابعة في إطار التطورات الأخيرة المتعلقة بتفعيل ثلاث دول أوروبية آلية حل الخلافات ضمن الاتفاق النووي وقرار مجلس الأمن رقم 2231، أجرى عباس عراقچي، وزير الخارجية الإيراني، اليوم الخميس (28 آب 2025)، اتصالاً هاتفياً مع كايا كالاس، مسؤولة