بغداد اليوم - بغداد
في لحظة مفصلية يعيشها العراق، تتقاطع الضغوط الداخلية مع الهزات الإقليمية والدولية لتجعل موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة اختبارًا حاسمًا للنظام السياسي. وبينما يتداول المشهد السياسي تحذيرات من تأجيل الاستحقاق الدستوري، تتصاعد المخاوف من أن أي انزلاق في المواعيد قد يضع البلاد أمام فراغ شرعي قاتل، يفتح الباب واسعًا أمام سيناريوهات الفوضى والانهيار. فالنائب ماجد شنكالي لمّح إلى خطورة هذا الخيار، مؤكدًا أن تأجيل الانتخابات في ظل هذه الظروف قد يكون بمثابة القشة التي تقصم ظهر النظام، واليوم يذهب خبراء استراتيجيون وقادة سياسيون ـ وفي مقدمتهم رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي ـ في الاتجاه ذاته محذرين من التداعيات.
الباحث في الشؤون الاستراتيجية، محمد علي الحكيم، قال لـ"بغداد اليوم"، اليوم الثلاثاء (26 آب 2025)، إن "يجب الحذر التداعيات الخطيرة التي قد يواجهها العراق في حال تم تأجيل الانتخابات البرلمانية المقبلة، فأي تعطيل لمسارها الدستوري سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار السياسي ويفتح الباب أمام أزمة شرعية قد تعصف بالنظام السياسي برمته".
هذا التحذير تردد صداه في مواقف المالكي، الذي شدد على أن أي تأجيل أو تعطيل سيضع العراق على حافة انهيار الشرعية الدستورية، مؤكدًا أن التمسك بالمواعيد الدستورية هو خط الدفاع الأخير عن استقرار النظام. وتلاقي هذا الموقف مع ما أعلنه شنكالي، يعكس إدراكًا سياسيًا واسعًا بأن اللعب بجدول الانتخابات لا يفتح خلافًا إجرائيًا فحسب، بل يمس جوهر التجربة الديمقراطية برمتها.
الحكيم أوضح أن "العملية الانتخابية تمثل جوهر التجربة الديمقراطية في العراق والضمانة الأساسية لتجديد الشرعية السياسية عبر الاحتكام إلى صناديق الاقتراع، وبالتالي فإن أي تأجيل غير مبرر لهذه الاستحقاقات يعني ضرب الثقة بين المواطن والدولة، ويعزز مشاعر الإحباط وعدم الرضا الشعبي".
هذا الرأي يتقاطع مع تقييم خبراء قانونيين يؤكدون أن الدستور العراقي بُني على إيقاع زمني صارم يجعل من الانتخابات الدورية حجر زاوية لبقاء النظام. وهو ما أشار إليه المالكي في تحذيره الأخير، حين قال إن أي تعطيل للاستحقاق الانتخابي هو بمثابة إعلان ضمني عن عجز النظام السياسي عن تجديد شرعيته عبر الوسائل الدستورية. ومن هنا، فإن خطر فقدان الثقة الشعبية ليس تفصيلًا ثانويًا، بل هو تهديد مباشر لبقاء النظام السياسي نفسه.
وأضاف الحكيم أن "العراق يواجه تحديات متراكمة على الصعيدين الداخلي والخارجي، منها الوضع الاقتصادي الصعب وتنامي مشكلات البطالة والخدمات، فضلاً عن استمرار التهديدات الأمنية والإرهابية، وهذه الأوضاع الهشة لا تحتمل الدخول في فراغ سياسي أو دستوري، لأن ذلك سيضاعف من حدة الأزمات ويفتح المجال أمام قوى غير دستورية للتأثير على المشهد".
هنا يلتقي موقف المالكي مع رؤية المراقبين، إذ حذر من أن أي فراغ سياسي قد يمنح القوى الموازية للدولة فرصة أكبر للتمدد، وهو سيناريو عرفه العراقيون جيدًا في سنوات سابقة، حين تحوّلت الثغرات الدستورية إلى بوابة للفوضى والاحتراب الداخلي.
وتابع الحكيم أن "الالتزام بالمواعيد الانتخابية لا يخدم فقط الاستقرار الداخلي، بل يحمل أيضاً رسائل إيجابية إلى المجتمع الدولي والشركاء الإقليميين بأن العراق ماضٍ في مسار ديمقراطي راسخ، وبأن مؤسساته قادرة على احترام التزاماتها الدستورية، وأي تأجيل الانتخابات سيعطي انطباعًا سلبيًا عن هشاشة التجربة السياسية ويفتح الباب أمام التدخلات الخارجية".
وتشير قراءات سياسية إلى أن المالكي، برغم كونه جزءًا من الطبقة الحاكمة، أراد بتحذيره أن يوجه رسائل داخلية وخارجية في آن واحد: داخليًا، بضرورة صون الشرعية من الانهيار؛ وخارجيًا، بإظهار جدية بغداد في التمسك بالمسار الدستوري. غير أن السؤال يبقى: هل ستتلقف القوى السياسية هذه التحذيرات باعتبارها جرس إنذار، أم ستتعامل معها كجزء من المزايدات التقليدية في موسم ما قبل الانتخابات؟
بين تحذيرات شنكالي والمالكي، وتحليلات الاستراتيجيين كالحكيم، يبدو أن تأجيل الانتخابات لم يعد خيارًا تقنيًا أو إجرائيًا، بل خطًا أحمر يشكل نقطة التقاء نادرة بين خصوم ومتنافسين. ومع ذلك، يبقى النظام السياسي العراقي رهينًا بمدى التزامه بإيقاع الدستور، وإلا فإن أي انحراف قد يفتح الباب أمام انهيار لا أحد يملك ضمانة لاحتواء نتائجه.
المصدر: بغداد اليوم+ وكالات
بغداد اليوم - أعلنت هيئة النزاهة الاتحاديَّة تنفيذها عمليَّة ضبطٍ لمُتَّهم يعمل مسَّاحاً في مُديريَّة زراعة البصرة؛ لحيازته معاملاتٍ وطلباتٍ تعاقديَّة بصورةٍ غير قانونيَّةٍ لأراضٍ زراعيَّةٍ واسعةٍ عائدةٍ للدولة. الهيئة أفادت بأنَّ فريقاً مُؤلَّفاً من