سياسة / ملفات خاصة اليوم, 19:57 | --


الانشقاقات داخل البيوت السياسية تعيد رسم خريطة التحالفات المقبلة في العراق

بغداد اليوم - بغداد

منذ 2003، شهدت الساحة العراقية تحالفات متقلبة بين البيوت السياسية الكبرى (الشيعية، السنية، الكردية)، غالباً ما كانت محكومة بمصالح آنية أكثر من ارتباطها برؤية استراتيجية. ومع كل دورة انتخابية، تتجدد الانقسامات وتُعاد صياغة التحالفات وفق موازين قوى جديدة. وفيما تبدو الانتخابات المقبلة مفصلية، فإن الانقسامات السنية المتصاعدة تمنح البيت الشيعي مساحة أوسع للمناورة، في وقت تتجه فيه الأنظار إلى ما إذا كانت القوى العراقية قادرة على إنتاج صيغة سياسية تلبّي طموحات المواطنين وتكسر الحلقة المفرغة من الأزمات.

أكد الباحث والأكاديمي نبيل العزاوي في حديثه لـ"بغداد اليوم"، أن الانشقاقات بين القوى السنية "أخذت مديات أبعد مما كانت، فالتسقيط على أوجه، ورمي التهم أصبح بلا حدود". وبيّن أن هذه الخلافات ستنعكس سلباً على تحالفاتها المستقبلية، مضيفاً أن البيت الشيعي قد يستثمر هذا الضعف عبر استقطاب بعض القوى السنية المتخاصمة مع منافسيها وإدخالها في تحالفاته بعد إعلان نتائج الانتخابات.

ومع اقتراب الاستحقاق الانتخابي، تتصاعد حدة الانقسامات داخل البيوت السياسية العراقية، خصوصاً في الساحة السنية، حيث تتبادل القوى الاتهامات وتغرق في صراعات داخلية مفتوحة. ويرى باحثون أن هذه الانقسامات لن تبقى دون استثمار، إذ قد تصب بشكل مباشر في صالح البيت الشيعي، الذي يسعى لتوظيفها في بناء تحالفات جديدة قادرة على إعادة تشكيل ملامح المرحلة المقبلة، وفقاً لمتابعين للشأن السياسي.

العزاوي أوضح أن "التحالفات المستقبلية لن تذهب باتجاه واحد أو طيف سياسي محدد، بل ستشهد تنوعاً قد يغيّر من النمط والسلوك القديم"، مشيراً إلى أن المواطن العراقي لم يعد يقبل بالشعارات السابقة، بل بات يبحث عن تحالفات قادرة على تقديم الخدمات بشكل فعلي. واعتبر أن المزاج الشعبي الضاغط سيدفع نحو إنتاج معادلات سياسية جديدة، بعيدة عن الأطر التقليدية التي أثبتت فشلها.

وأضاف العزاوي أن "البيت الشيعي يمكن أن ينجح في فتح صفحة جديدة تختلف عن الصفحات السابقة، والتي لم تكن بمستوى الطموح أو الفاعلية المرجوة"، موضحاً أن القوى السنية بدورها تبحث عن وجود حقيقي في المرحلة المقبلة، يقوم على أساس الشراكة الجادة لا أنصاف الحلول. وأشار إلى أن المتغيرات الإقليمية والدولية تدفع الجميع نحو صياغة تحالفات مرنة، أكثر ارتباطاً بمصالح الداخل العراقي.

ما بين انقسامات البيت السني ومحاولات البيت الشيعي للاستثمار فيها، يظل المشهد السياسي مفتوحاً على احتمالات متعددة. فمن جهة، تتآكل الثقة الشعبية بالقوى التقليدية بسبب صراعاتها الداخلية، ومن جهة أخرى، يتنامى الوعي الشعبي بضرورة التحالفات الخدمية، وهو ما قد يفرض معادلات جديدة. وإذا ما أحسن البيت الشيعي استثمار اللحظة، فقد يجد نفسه أمام فرصة تاريخية لإعادة بناء شراكة سياسية أكثر رسوخاً، وإن كانت محكومة بالقدرة على الاستجابة الفعلية لمطالب الشارع، بحسب مراقبين.

المصدر: بغداد اليوم + وكالات

أهم الاخبار