بغداد اليوم - بغداد
أدرج البرلمان العراقي مؤخرا مشروع قانون "حرية التعبير عن الرأي والاجتماع والتظاهر السلمي" على جدول أعمال جلسته المقبلة، وسط موجة جدل ورفض متصاعد من قبل منظمات حقوقية وناشطين، الذين حذروا من أن الصيغة المطروحة لا تضمن الحقوق، بل تمهد لتقييدها. وفي حين ينص الدستور العراقي في مادته الـ 38 على كفالة هذه الحريات، إلا أن القوانين النافذة والمطروحة – كما يرى خبراء – لا تزال تحوم في دائرة التأويل الأمني، بعيدًا عن المعايير الدولية.
منذ 2005، نصّ الدستور العراقي في المادة (38) على كفالة "حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل، وحرية الصحافة والطباعة والإعلان، وحرية الاجتماع والتظاهر السلمي". إلا أن هذا النص ظل معلقًا تشريعيًا، مع غياب قانون موائم يترجم هذه المبادئ على الأرض. وفي أكثر من مناسبة، شهد العراق احتجاجات واسعة اصطدمت بجدران المنع والقمع، وسط تبريرات ترتكز على مفاهيم غامضة مثل "النظام العام" أو "الأمن القومي"، دون تحديد دستوري دقيق لما تعنيه هذه المصطلحات.
يؤكد الباحث والأكاديمي رياض الوحيلي في حديثه لـ"بغداد اليوم" أن القوانين المنظمة للتظاهر وحرية التعبير لا تزال، حتى اللحظة، أقرب إلى أدوات للمنع منها إلى وسائل حماية. ويقول إن "معظم التشريعات القائمة – أو المقترحة – تعتمد على مصطلحات فضفاضة تتيح تأويلًا واسعًا للأجهزة الأمنية، دون ضوابط قانونية تحكم التطبيق".
ويضيف أن "حرية التعبير والتظاهر ليست رفاهية، بل شرط أساسي لأي نظام ديمقراطي، ولهذا لا يكفي مجرد وضع قانون، بل لا بد من إرادة سياسية وقضائية لضمان حماية هذا الحق من الانتهاك، وتقييده فقط ضمن معايير الضرورة والتناسب، وفق العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية".
ردود فعل واعتراضات حقوقية متصاعدة
وعلى خلفية إدراج القانون في جدول أعمال البرلمان، تصاعدت التحذيرات الحقوقية خلال اليومين الماضيين، إذ أصدرت عدة منظمات، بيانات أعربت فيها عن مخاوفها من أن القانون المطروح يفرض قيودًا صارمة على الحق في التظاهر، من خلال اشتراط "إذن مسبق" بدل الاكتفاء بالإخطار، وتجريم بعض أشكال التعبير بدعوى تهديد "النظام العام".
وبحسب تقارير صحفية، حذرت جهات مدنية وحقوقية من أن الصيغة المقترحة تهدد بتحويل "حرية التعبير" إلى جريمة قابلة للعقوبة، خاصة في ظل غياب الضمانات القضائية الحقيقية للمحتجين، وغياب المساءلة في حالات القمع واستخدام القوة المفرطة.
الوحيلي شدد على أن القانون المرتقب يجب أن يتضمن صراحة حظر استخدام القوة ضد المتظاهرين، وتجريم الاعتقال التعسفي، إلى جانب النص على أن تنظيم التظاهرات يتطلب فقط "إخطارًا" للجهات المعنية، وليس الحصول على "موافقة". كما طالب بمواءمة القانون مع المعاهدات الدولية التي وقع عليها العراق، وعلى رأسها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
يُجمع مراقبون للشأن السياسي العراقي على أنه مع التحولات التي تمر بها البلاد، تتزايد الحاجة إلى ترسيخ ثقافة دستورية حقيقية تضمن للمواطنين حقوقهم لا أن تضعها رهينة تأويلات أمنية. وبين قانون معلّق منذ سنوات، ومسودة تشريعية أثارت الجدل قبل إقرارها، يبقى مستقبل حرية التعبير في العراق معلّقًا على موقف البرلمان في جلسته القادمة، ومدى استجابته لتحذيرات الشارع والمجتمع المدني.
بغداد اليوم - بغداد في وقت تتسارع فيه وتيرة التحول نحو الاقتصاد الرقمي على مستوى العالم، يشهد العراق تناميًا ملحوظًا في نشاط التداول الرقمي والعملات المشفرة، وسط غياب التشريعات المنظمة وافتقار البيئة القانونية للضوابط اللازمة. التحذيرات من تفاقم هذه