أزمة السيولة "تخنق" الحكومة والعجز "يُعرّي" النظام المالي قبيل إعداد جداول الموازنة

بغداد اليوم - بغداد

بينما تدخل البلاد الربع الأخير من عام 2025، لا تزال جداول موازنة هذا العام غير جاهزة، في سابقة تعكس حجم الارتباك المالي الذي تواجهه الحكومة.

ووفقًا لما أكده المختص في الشأن الاقتصادي والمالي أحمد التميمي لـ"بغداد اليوم"، اليوم الثلاثاء (29 تموز 2025)، فإن العراق يواجه صعوبة حقيقية في تمرير جداول موازنة سنة 2025 بسبب "النقص الحاد في السيولة المالية لدى الدولة"، وهو نقص ناتج – بحسب قوله – عن "تراجع الإيرادات غير النفطية، وتأخر تنفيذ بعض الإصلاحات المالية والإدارية".

تصريحات التميمي تفتح الباب على أزمة متفاقمة تعاني منها وزارة المالية، إذ لا تقتصر المشكلة على التراجع المؤقت في الموارد، بل تتعلق بعجز بنيوي في بنية الدولة المالية. فالحكومة، بحسب التميمي، "تواجه تحدي حقيقي في تغطية النفقات التشغيلية الأساسية، ناهيك عن الالتزامات الاستثمارية"، وهو ما يجعل من إعداد موازنة دقيقة وشاملة مهمة شبه مستحيلة في الوقت الراهن.

هذا الواقع يثير أسئلة حساسة حول قدرة الدولة على الوفاء برواتب الموظفين والمتقاعدين، وضمان استمرار المشاريع الخدمية، في ظل اقتصاد يعتمد بشكل مفرط على النفط، ويُعاني من غياب منظومة جباية ضريبية فعّالة، وتراجع بيّن في النشاط الصناعي والزراعي.

يشدد التميمي على "ضرورة تسريع الإجراءات المتعلقة بتعزيز الإيرادات المحلية، وتفعيل نظام الجباية والضرائب بشكل منظم، بالإضافة إلى ترشيد الإنفاق العام"، وهي توصيات تقليدية طالما طُرحت منذ سنوات دون تنفيذ فعلي على الأرض، لأسباب تتعلق بالبنية السياسية والضغوط الشعبوية والفساد المستشري.

وبحسب مراقبين، فإن التوقيت الآن أكثر حساسية، كون العراق يستعد لانتخابات عامة في تشرين المقبل، ولا تملك الحكومة ترف التقشف أو خفض الإنفاق، وهو ما يضعها أمام معادلة مستحيلة: كيف ترضي الشارع وتغطي الرواتب وتحفّز الاقتصاد، في ظل أزمة سيولة خانقة؟

يختتم التميمي حديثه بتحذير واضح: "استمرار العجز في السيولة المالية قد يهدد قدرة الحكومة على إعداد وتقديم جداول موازنة 2025 في الوقت المحدد، مما قد يعرض البلاد إلى مخاطر اقتصادية إضافية ويربك التخطيط المالي للعام المقبل".

وهو تحذير يلقى صداه داخل الأوساط الاقتصادية، إذ أن تأخير تقديم الموازنة يعني شللاً شبه تام في المؤسسات، ويؤثر على المشاريع الاستثمارية، ويخلق حالة من اللايقين لدى القطاع الخاص والمستثمرين، فضلًا عن تعميق الشكوك الخارجية بشأن استقرار العراق المالي.