اقتصاد / ملفات خاصة 24-07-2025, 20:29 | --


مشاريع معلنة دون أثر اقتصادي ملموس: تشخيص بيئة الاستثمار العراقي

بغداد اليوم – بغداد

بينما تُعلن الحكومة العراقية عن أرقام ضخمة تتجاوز 100 مليار دولار في حجم الاستثمارات خلال السنوات الأخيرة، يتصاعد الجدل بين الخبراء حول مدى واقعية هذه الأرقام وانعكاسها الفعلي على الأرض، وسط تحذيرات من فجوة متزايدة بين التصريحات الرسمية والتطبيق الفعلي، خاصة في ظل بيئة استثمارية لا تزال تعاني من اختلالات مزمنة.

المختص في الشؤون الاقتصادية ناصر التميمي، شدد في حديث لـ"بغداد اليوم"، على أن تفعيل الاستثمار الأجنبي لم يعد خيارًا، بل ضرورة وطنية ملحّة لمعالجة التحديات الاقتصادية المتفاقمة، وفي مقدمتها البطالة وتباطؤ النمو وتدهور الإنتاج المحلي.

وقال التميمي إن "جذب الاستثمارات الخارجية المباشرة يمكن أن يسهم في خلق فرص عمل حقيقية، ونقل التكنولوجيا، وتعزيز كفاءة القطاعات الإنتاجية"، مشيرًا إلى أن ذلك يتطلب "إصلاحات تشريعية وإدارية عميقة، وتوفير بيئة آمنة، وبنية تحتية مناسبة، وتسهيل الإجراءات أمام المستثمرين".

لكنه في الوقت ذاته أشار إلى أن الخطوات العملية على الأرض لا تزال دون المستوى المطلوب، مطالبًا بتقليص البيروقراطية وتقديم حوافز حقيقية، بعيدًا عن الخطابات الترويجية التي لا تجد طريقها للتنفيذ.

فجوة بين الخطاب والواقع
ورغم التفاؤل الذي تبثّه التصريحات الرسمية، إلا أن الواقع الاستثماري يكشف عن فجوة واضحة بين ما يُعلن من مشاريع، وبين ما يُنفّذ فعليًا في الميدان. العشرات من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم لا تزال في طور التخطيط أو الترويج الإعلامي، دون أن تدخل حيز التنفيذ المالي أو التنفيذي، ما يُضعف أثرها الاقتصادي الحقيقي.

وبحسب تحليل حديث للخبير الاقتصادي زياد الهاشمي، فإن الأرقام المُعلنة بشأن الاستثمارات تُوزّع تقديريًا على النحو التالي:

النفط والغاز (مشاريع حالية): بين 35% و45%، وتشمل تطوير الحقول ووقف حرق الغاز.
البنية التحتية والإسكان (مشاريع مستقبلية): بين 30% و40%، وتشمل مشاريع ضخمة مثل الإسكان والسكك والمطارات.
الصناعات التحويلية والطاقة والخدمات (مشاريع مستقبلية): تُشكّل النسبة المتبقية، وهي موزعة على قطاعات لم تشهد بعد تنفيذًا فعليًا.
ويُشير الهاشمي إلى أن "الفرصة الحقيقية لا تكمن في الأرقام، بل في الإدارة"، موضحًا أن معظم هذه المشاريع لم تكتمل أو تدخل مراحل الصرف والتنفيذ بعد، وهو ما يفسّر غياب أثرها في الميزان المالي أو سوق العمل.

مؤشرات نقدية تؤكد الفجوة
ويعزز هذا التقدير ما كشفه الخبير الاقتصادي منار العبيدي، الذي حذّر من استمرار العجز في صافي الاستثمارات الأجنبية، رغم كثافة التصريحات الحكومية.

فبحسب بيانات البنك المركزي العراقي، سجّل عام 2024 عجزًا قدره 8 مليارات دولار في صافي الاستثمارات الأجنبية، نتيجة خروج 7.6 مليارات كاستثمارات أجنبية من العراق، إلى جانب 400 مليون دولار استثمارات عراقية في الخارج.

أما في الربع الأول من 2025، فقد تواصل الاتجاه السلبي بخروج أكثر من 1.1 مليار دولار كصافي استثمار أجنبي، ما يعكس استمرار تآكل الثقة في البيئة الاستثمارية العراقية، رغم إعلان الحكومة عن استقطاب استثمارات بقيمة 63 مليار دولار خلال العامين الماضيين.

وأوضح العبيدي أن هذه المشاريع "لم تنعكس فعليًا في بيانات ميزان المدفوعات، ما يرجّح أنها لا تزال خارج دائرة التنفيذ المالي أو في مراحل تخطيط غير نشطة".

الاستثمار بحاجة إلى حوكمة لا دعاية
من خلال تتبّع آراء الخبراء والبيانات الرسمية، يتّضح أن أزمة الاستثمار في العراق ليست في غياب المشاريع أو التمويل، بل في ضعف الإدارة، وغياب الحوكمة، وتشظي القرار الاقتصادي. وبينما تروّج الحكومة لأرقام ضخمة في المؤتمرات والتقارير، يبقى المواطن بانتظار أثرها على الأرض، سواء في شكل فرص عمل، أو خدمات محسّنة، أو بنى تحتية قائمة.

الفرصة ما زالت قائمة، لكن الوقت يضيق، والمطلوب – وفق رأي الخبراء – هو انتقال عاجل من مرحلة الترويج السياسي إلى التنفيذ العملي، ضمن إطار شفاف، واضح، وخاضع للرقابة والمحاسبة.

المصدر: بغداد اليوم + وكالات

أهم الاخبار

مكتب المشهداني ينفي وجود ناطق رسمي باسمه: لا نعترف بأي جهة تدّعي تمثيلنا إعلامياً

بغداد اليوم – بغداد أصدر المكتب الإعلامي لرئيس مجلس النواب، محمود المشهداني، اليوم السبت (26 تموز 2025)، تنويهاً مهمًا بشأن تداول تصريحات منسوبة إلى ناطقين باسمه. وأكد المكتب في بيان تلقته "بغداد اليوم"، أنه "لا يوجد في الوقت الحالي أيّ

اليوم, 00:29