بغداد اليوم – بغداد
مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة، بدأت العاصمة بغداد تتحول تدريجيًا إلى ساحة صراع مكتظة بالقيادات السياسية "الرفيعة"، ممن يُعرفون داخل الأوساط الحزبية بـ"صقور العملية السياسية". هؤلاء لا يخوضون غمار الانتخابات للعودة إلى البرلمان كمشرعين فاعلين، بل لتأمين ما يشبه "العربون الجماهيري" لصالح مرشحين آخرين في قوائمهم.
الباحث في الشأن السياسي حسين الأسعد، وفي حديثه لـ"بغداد اليوم"، اليوم الثلاثاء (27 أيار 2025)، أكد أن "صقور العملية السياسية من القيادات الأولى سوف يرشحون أنفسهم عن محافظة بغداد لضمان حصولهم على أكبر عدد ممكن من الأصوات، بهدف كسب أكبر عدد من المقاعد البرلمانية، فبغداد هي الأكثر بعدد المقاعد من باقي المحافظات، ولهذا يكون التنافس فيها شرسًا".
هذا السلوك، وإن بدا جزءًا من تقاليد سياسية انتخابية متكررة، إلا أنه يعكس أزمة تمثيل عميقة: سياسيون لا ينوون الجلوس تحت قبة البرلمان، بل يقدمون أنفسهم كطُعم انتخابي مؤقت، ينسحبون لاحقًا تاركين مقاعدهم لما يُعرف بـ"المرشحين البدلاء"، والذين لا يملك المواطن أي معرفة مسبقة عنهم، ولا قدرة على محاسبتهم.
أوضح الأسعد ذلك بقوله: "كل هؤلاء الصقور لن يمارسوا العمل النيابي، فبعد فوزهم وجمع الأصوات لصالح قوائمهم، سيعملون على الاستقالة"، محذرًا من أن هذا النهج "خداع صريح للجمهور".
تبدو هذه الظاهرة اليوم أكثر وضوحًا مما سبق، وقد باتت جزءًا من منظومة تمويه انتخابي، حيث يُستخدم ثقل الأسماء الكبيرة كجسر عبور انتخابي، لا كأداة تشريع ورقابة. وهنا يكمن التحدي الأخطر: تحول الناخب إلى أداة تعبئة، لا إلى صوت واعٍ يُحاسب ويختار.
شدد الأسعد في حديثه على أن المسؤولية اليوم تقع على عاتق الناخب نفسه، قائلًا: "على الناخب أن يكون واعيًا، وألا يمنح صوته لمن لا يريد ممارسة العمل التشريعي والرقابي الحقيقي، فالتصويت يجب أن يكون لمن يمثل إرادتك، لا لمن يُحشد بأصواتك لصالح آخرين لا تعرفهم".
في هذا السياق، تطرح تجربة بغداد سؤالًا وطنيًا أكبر: ما قيمة الديمقراطية إذا باتت أدواتها تُستغل لتدوير الوجوه وتوسيع النفوذ بدلًا من تجديد المؤسسات؟
تبدو العاصمة مرة أخرى ليست مجرد ساحة انتخابية، بل مرآة لانحرافات جوهرية في فهم التمثيل السياسي، حيث تتراجع فكرة "النائب المشرّع" لحساب "المرشح المعبّئ"، ويتحول البرلمان إلى منتدى بدلاء لا تعرفهم الناس، ولا تستطيع محاسبتهم.
في بلد تتعاظم فيه أزمات التشريع، وتغيب فيه القوانين الحاسمة لتحسين حياة الناس، يبقى الرهان الوحيد هو وعي الناخب، كحائط صد أخير أمام التلاعب، وأمل أخير في إعادة تعريف من يستحق أن يُمثّل الناس فعلًا.
المصدر: بغداد اليوم + وكالات
بغداد اليوم - متابعة أكدت وزارة الخارجية الإيرانية، مساء الأربعاء، (28 أيار 2025)، أن تأخير إصدار التأشيرات لبعض الحجاج الإيرانيين يعود إلى "اختلالات فنية"، نافية أن يكون هناك أي قرار سياسي وراء الخطوة، وسط أنباء عن تجميد سعودي جزئي لإصدار