مقالات الكتاب أمس, 16:27 | --


هل حظر الفكر السلفي الوهابي في العراق يتوافق مع القانون الدولي؟

كتب: د. معن بن علي الدويش الجربا - باحث في الشأن العربي والإسلامي

لا شك أن الإسلام الحنيف حفظ للناس حرية التعبير، حيث قال تعالى: (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)، وقال عز من قائل: (لا إكراه في الدين).

وقد طبق آل البيت عليهم السلام والصحابة رضوان الله عليهم ذلك المفهوم في العصر الراشد من الإسلام؛ فقد كان الإمام علي يأمر جنوده بكف سيوفهم عن الخوارج الذين كانوا يعارضونه، إلا إذا أرادوا إلحاق الضرر بالمجتمع أو رفعوا السلاح في وجه الناس. بمعنى أن الحرية مصونة ما لم تضر غيرك.

وهذا ما درجت عليه القوانين الوضعية الحديثة في أوروبا بعد عصر التنوير، الذي تبلور في المبدأ الذي أصبح مشهورًا عالميًا "أنت حر ما لم تضر".

نعود لسؤال المقال الرئيسي: هل حظر الأفكار السلفية الوهابية في العراق مخالف للقانون الدولي؟ الحقيقة إن من يتتبع الإطار القانوني والتاريخي في هذا المجال، سيجد أن الدول الأوروبية الديمقراطية لم تجد حرجا في حظر العديد من الأفكار السامة والمتطرفة التي كانت تسمم أفكار الناس بالحقد والكراهية ضد المجتمع، وذلك حفاظًا على الأمن والسلم الأهلي، دون أن يؤثر ذلك على حقوق الإنسان وحرية التعبير.

بعد الحرب العالمية الثانية، عمدت العديد من الدول الأوروبية إلى إصدار قوانين تمنع الترويج للأيديولوجيات النازية والفاشية، وذلك لمنع إعادة ظهور الفكر المتطرف والدموي الذي أوقع مئات الملايين من الضحايا.

لقد حظرت أوروبا الفكر النازي والفاشي، واعتبرت ذلك من الإجراءات القانونية المهمة التي تهدف إلى منع انتشار الأفكار العنصرية والمتطرفة التي تدمر المجتمع.

على سبيل المثال، في ألمانيا يُعتبر حظر أنشطة الأحزاب أو الجماعات ذات الأصول النازية من القوانين الأساسية، ويتم تطبيقه بشكل صارم بموجب قانون مكافحة الجرائم النازية المعروف بإسم (Volksverhetzung). كما حظرت الدول الأوروبية العديد من الأحزاب والجماعات التي تروج للفكر النازي أو الفاشي، مثل حزب الجبهة الوطنية في فرنسا وبعض الجماعات اليمينية المتطرفة في إيطاليا وإسبانيا.

كما تقوم السلطات الأوروبية بمراقبة أنشطة هذه الجماعات، وفي حال ثبت تورطها في التحريض على الكراهية أو العنف، يتم إغلاقها ومعاقبة المروجين لها.

وأنشأ الاتحاد الأوروبي منظمات دولية، مثل منظمة الأمن والتعاون الأوروبي (OSCE)، لمكافحة أفكار التطرف والكراهية. وتعمل هذه المنظمات على إصدار توصيات ووضع سياسات، وتقوم بالتنسيق الكامل مع الحكومات الأوروبية للحد من انتشار الفكر المتطرف.

هذه الدول الأوروبية الديمقراطية لا تجد حرجًا في تقييد هذه الأنشطة المتطرفة، مع حرصها الكامل على الالتزام بمبادئ حقوق الإنسان، والديمقراطية، وحرية التعبير.

كما لا ننسى أن العديد من دول الجوار والمنطقة بالأمس القريب حظرت تنظيم الإخوان المسلمين اعتمادا على مبدأ الحفاظ على الأمن والسلم الأهلي في المجتمع من الأفكار المتطرفة.

بكل موضوعية نقول، عند مراجعة تاريخ الفكر السلفي الوهابي، سنجد أنه كان منشئًا للأفكار والحركات المتطرفة التي تحولت إلى تنظيمات إرهابية عالمية، مثل تنظيم القاعدة، وداعش، وجبهة النصرة، التي عاثت فسادًا ونشرت الحقد والكراهية، ليس فقط بين المجتمع العراقي، بل في العالم بأسره.

فما المانع القانوني من حظر هذه الجماعات السلفية التكفيرية في العراق، بناءً على ما أشرنا إليه في القوانين الأوروبية والعالمية، التي لا ترى بأسا من منع المنظمات المتطرفة التي تشكل خطرًا على السلم والأمن القومي، مع الحفاظ في نفس الوقت على حقوق الإنسان وحرية التعبير ؟!.



أهم الاخبار

توتنهام يهزم مانشستر يونايتد ويتوج بلقب الدوري الأوروبي

بغداد اليوم- متابعة توج توتنهام بلقب الدوري الأوروبي بعد أن باغت مانشستر يونايتد وفاز عليه بهدف نظيف مساء الأربعاء، (21 أيار 2025)، في نهائي المنافسة. وعلى ملعب (سان ماميس) افتتح توتنهام باب التسجيل في الدقيقة 42 عن طريق بيرنان جونسون بعد ارتباك في دفاع

اليوم, 00:03