نجاح قمة بغداد يكشف سبب اختفاء الزعامات العربية

كتب: الباحث في الشأن العربي والإسلامي د. معن بن علي الدويش الجربا

عندما تعطل الصوت العربي، جاءت قمة بغداد لتضع النقط على الحروف، حول استقلال القرار السياسي والسيادي للعراق بعيدًا عن الضغوط الخارجية.

كما أن هذه القمة وضعت النقط على الحروف حول الثوابت العربية والإسلامية، خصوصًا قضية فلسطين، مؤكدين أن العراق يسير بثبات على نهج مواقفه السياسية الثابتة تجاه العديد من القضايا الإقليمية والدولية. وهو ما يفسر غياب بعض الزعامات العربية، خاصة بعد زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمنطقة، وفرضه شروطًا ومعادلات جديدة لشرق أوسط جديد لم يلتزم العراق بتنفيذها. هذا الغياب لمستوى التمثيل الدبلوماسي في القمة يعكس نجاح العراق وليس العكس بناء على ما ذكرناه سابقا.

لقد جاءت قمة بغداد في ظروف استثنائية وحساسة للغاية، إذ نمر اليوم كأمة عربية وإسلامية بمنعطف خطير، وسط تهديدات وأحداث تحيط بنا من كل جانب. فالعالم بأسره يشهد أجواء مشحونة بالتوترات الدولية والإقليمية، بدءًا من القضية الفلسطينية والكيان الصهيوني واحتمالات اندلاع حروب كبرى في المنطقة، مرورًا بالصراع الروسي الأوكراني، وتوترات النزاع في باكستان والهند، بالإضافة إلى التنافس بين القوى الكبرى على منطقة الشرق الأوسط، والأزمات في الممرات المائية والنزاع في اليمن. ولا ننسى الحروب الاقتصادية العالمية بين الصين والولايات المتحدة، التي تزيد من تعقيد المشهد. ومع ذلك، برهنت قمة بغداد على قدرة العراق على إدارة الأزمات وتحويلها إلى فرص لتنمية وطنه.

أن من أهم نتائج هذه القمة أن العراق تمكن من خلال أجهزته الأمنية القومية والوطنية من إثبات كفاءته على الصعيد المهني والأمني، ما أرسل رسالة إيجابية للمستثمرين الأجانب وللمشاريع الاقتصادية الدولية. فالعراق اليوم يشهد نهضة عمرانية وخدمية، وتطوير للبنية التحتية، إضافة إلى قوانين وتشريعات جديدة تحفز رؤوس الأموال، وتحوّله إلى مركز إقليمي للاستثمار والنمو في المنطقة.

رغم التحديات الخارجية والظروف الصعبة التي يمر بها العالم، أظهر العراق قدرته على التحدي والنجاح، مؤكدًا أنه أصبح لاعبًا فاعلاً ومؤثرًا على الساحتين الإقليمية والدولية.

إن هذا الثبات يعكس حرص العراق على موقفه المبدئي، ويعكس صورة واضحة لدولة ذات استراتيجية ثابتة تسعى لتحقيق هيبتها وتعزيز دورها الإقليمي والدولي.

لم تكن قمة بغداد مجرد إنجاز دبلوماسي، بل رسالة للعالم أن العراق يخطو بثقة نحو مستقبل أكثر استقرارًا وتقدمًا. وبإرادته الصلبة ومهاراته الأمنية والسياسية، يتجه العراق اليوم نحو استعادة مكانته التاريخية كلاعب رئيسي في المنطقة، وركيزة أساسية لاستقرارها وأمنها الاقتصادي والسياسي.