أمن اليوم, 20:14 | --


معركة العراق مع فوضى السلاح.. 125 ألف مرخصة مقابل 7 ملايين "منفلتة" وتهدد السلم الأهلي

بغداد اليوم - بغداد

في بغداد، يتقاطع النقاش حول السلاح المنفلت مع واحدة من أعقد القضايا الأمنية في العراق، إذ ما زال السلاح خارج سيطرة الدولة يمثل تحدياً واضحاً أمام تطبيق القانون وبناء الثقة بين المواطن ومؤسسات الأمن. بعد أكثر من عام على إطلاق وزارة الداخلية برنامج تسجيل الأسلحة، تسعى السلطات إلى حصر ما يمكن حصره من هذا الكم الهائل من القطع المنتشرة في المدن والأرياف، لكن الطريق نحو تنظيم شامل ما زال مليئاً بالثغرات والتردد الشعبي.

البرنامج الذي أطلقته الداخلية عام 2024، سمح للمواطنين بتسجيل أسلحتهم الخفيفة عبر بوابة إلكترونية ومراكز ميدانية، بهدف منح ترخيص رسمي وتحديث قاعدة بيانات وطنية. وتشير أرقام الوزارة إلى تسجيل أكثر من مئة وخمسة وعشرين ألف قطعة حتى منتصف 2025، وهو رقم يعد محدوداً مقارنة بحجم الانتشار الفعلي للسلاح في البلاد، حيث تقدّر تقارير أمنية غير رسمية أن عدد الأسلحة المملوكة خارج مؤسسات الدولة قد يتجاوز سبعة ملايين قطعة، بين مسدسات وبنادق خفيفة ومتوسطة، منها نسبة كبيرة غير مرخصة.

منذ عام 2003، دخلت إلى العراق كميات ضخمة من الأسلحة عبر فوضى الحروب، وعمليات التهريب، وبيع المخازن العسكرية السابقة، بالإضافة إلى نشاط الجماعات المسلحة والعشائر. ونتيجة لذلك، تحوّل السلاح من أداة دفاع إلى وسيلة نفوذ اجتماعي واقتصادي، يستخدم أحياناً في النزاعات العشائرية، وفي حوادث الثأر، وحتى في الخلافات اليومية. هذه الظاهرة تترك أثراً مباشراً على الأمن الداخلي، إذ تسجّل وزارة الداخلية سنوياً مئات الحوادث الناتجة عن استخدام غير قانوني للسلاح، أغلبها في مناطق ذات كثافة عشائرية أو نفوذ فصائلي.

عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، النائب ياسر إسكندر، يؤكد في حديثه لـ"بغداد اليوم" أن اللجنة "تستبعد تمديد البرنامج لعام إضافي"، موضحاً أن "الفترة المحددة كانت كافية أمام المواطنين لتوثيق أسلحتهم، وأن من لم يلتزم حتى نهاية عام 2025 سيخضع للمساءلة القانونية وقد تُصادر أسلحته". ويضيف أن "وزارة الداخلية أبدت مرونة عالية في التعامل مع المواطنين خلال مراحل التسجيل، ووفرت كل التسهيلات الممكنة، لكن التنظيم الحقيقي يتطلب تعاوناً مجتمعياً واسعاً لضبط السلاح ضمن الأطر القانونية".

ورغم هذا التفاؤل الرسمي، يشكك مختصون في جدوى إنهاء البرنامج دون تقييم شامل. فبعض المحافظات ما زالت تواجه ضعفاً في الإقبال، خصوصاً في المناطق التي تشهد نشاطاً عشائرياً أو وجوداً لفصائل مسلحة لا تخضع بشكل مباشر لسلطة الحكومة. ويرى مراقبون أن تحديد موعد نهائي للتسجيل دون تمديد، قد يخلق فجوة جديدة بين القانون والواقع، خصوصاً أن العقوبات المترتبة على عدم التسجيل لم تُطبّق بشكل حازم حتى الآن.

المشكلة الأساسية، كما يراها خبراء الأمن، لا تتعلق فقط بعدد الأسلحة المسجلة، بل في غياب سياسة أمنية موحدة لمعالجة السلاح خارج إطار الدولة. فالكثير من الفصائل والأحزاب تمتلك ترسانة خاصة تحت ذرائع قانونية أو سياسية، ما يجعل مفهوم "السلاح بيد الدولة" أقرب إلى الشعار منه إلى التطبيق الفعلي. ويشير هؤلاء إلى أن أي حملة لتسجيل الأسلحة يجب أن تترافق مع مسار متدرج لنزع السلاح من الجماعات المسلحة، وإعادة تنظيم العلاقة بين الدولة والمواطن على أساس الثقة لا الخوف.

الملف إذن يتجاوز الجانب الإداري إلى عمق اجتماعي واقتصادي. فالسلاح أصبح جزءاً من الثقافة المحلية في بعض المناطق، يُنظر إليه كوسيلة حماية، لا كمصدر تهديد. ولذلك فإن نجاح البرنامج يتوقف على مدى قدرة الحكومة على تغيير هذه القناعة، عبر إجراءات واقعية تضمن الأمن وتفرض القانون دون استفزاز أو عنف مفرط.

حتى الآن، وبحسب مراقبين، يبقى البرنامج خطوة مهمة لكنها غير كافية. فعدم تمديد المهلة قد يبدو قراراً تنظيمياً، لكنه في جوهره اختبار لقدرة الدولة على فرض القانون بشكل متوازن. فإذا لم يترافق مع حملات توعية، وإجراءات صارمة ضد حيازة السلاح غير المرخص، ومتابعة ميدانية دقيقة، فسيبقى السلاح المنفلت حقيقة يومية في شوارع العراق، تُهدد الاستقرار وتؤجل حلم الأمن الكامل الذي ينتظره العراقيون منذ أكثر من عقدين.

المصدر: بغداد اليوم+ وكالات

أهم الاخبار

مصدر أمني يوضح بشأن الانفجار في منطقة الشعب

بغداد اليوم – بغداد أفاد مصدر أمني، اليوم السبت (1 تشرين الثاني 2025)، بأن دوي الانفجار الذي سُمع في منطقة الشعب ببغداد ناجم عن عبوة “مولوتوف” محلية الصنع أُلقيت بالقرب من أحد المنازل نتيجة خلافات عشائرية. وقال المصدر في حديث لـ"بغداد اليوم"،

اليوم, 23:51