بغداد اليوم - بغداد
في توقيتٍ بالغ الحساسية إقليميًا، يجري رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني زيارة رسمية إلى العاصمة التركية أنقرة، ضمن مسار يبدو وكأنه يتمدد بثقة منذ زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى بغداد. غير أن دلالات الزيارة الحالية تتجاوز المجاملات الثنائية، لتلامس جوهر السيادة، ومعادلة المياه، ومستقبل مشروع التنمية العملاق، وكلها ملفات تنطوي على رهانات استراتيجية في علاقة العراق بجيرانه، وعلى وجه الخصوص تركيا التي تتحكم بمفاتيح حيوية على صعيد الجغرافيا والسياسة والاقتصاد.
نبيل العزاوي: زيارة لإغلاق ملفات مفتوحة وبناء جسور استراتيجية
يرى الباحث في الشأن السياسي والاستراتيجي، نبيل العزاوي، أن هذه الزيارة تأتي في سياق استكمال الاتفاقات التي وُضعت على الطاولة خلال زيارة أردوغان الأخيرة إلى بغداد، موضحًا في حديثه لـ"بغداد اليوم" أن "الجانبين اتفقا على تحويل الملفات العالقة إلى اتفاقات مستدامة، وخصوصًا ملف المياه الذي عانى منه العراق لسنوات بسبب عدم إطلاق الحصص المحددة من قبل الجانب التركي".
ويؤكد العزاوي أن هذه الزيارة تمثل لحظة مفصلية في العلاقة بين البلدين، خاصة في ظل تغيّر صورة العراق إقليميًا، حيث يقول: "زيارة اليوم تعزز من مكانة العراق في المنطقة كلاعب موثوق دوليًا، يعتمد سياسة الباب المفتوح في حل الخلافات، بما جعل أغلب الدول تنظر إليه كوسيط مقبول في الملفات المعقدة".
ملف السيادة على الطاولة... وأنقرة لم تعد في مأمن من الصمت العراقي
ويشير العزاوي إلى أن "من أبرز الملفات التي سيجري بحثها خلال الزيارة قضية الأمن والسيادة، لا سيما التمدد التركي في المناطق الشمالية"، مؤكدًا أن "العراق لم يعد يقبل أنصاف الحلول في هذه القضية، خاصة أن الذريعة التركية المتمثلة بوجود حزب العمال الكردستاني أصبحت ضعيفة بعد دعوة أوجلان لإلقاء السلاح".
هذا التحول في الخطاب الرسمي العراقي تجاه التواجد التركي العسكري، يعكس إرادة جديدة في التعامل مع الملفات السيادية، ضمن منطق الدولة القوية، بحسب العزاوي، الذي يقول إن "العراق لم يعد كما كان، بل هو اليوم بلد متماسك، يمتلك من الإمكانات والقدرات ما يؤهله لفرض كلمته في الساحة الإقليمية".
طريق التنمية... من التفاهم السياسي إلى الانخراط الاقتصادي
وفي البعد الاقتصادي، يلفت العزاوي إلى أن "مشروع طريق التنمية سيكون حاضرًا بقوة في محادثات السوداني في أنقرة"، موضحًا أن "العديد من الشركات التركية قدّمت عروضًا تفصيلية للدخول في هذا المشروع العملاق"، لكن العراق بحسب العزاوي، "لن يختار إلا الشريك القادر على الالتزام بالتوقيتات والعمل بكفاءة واضحة".
ويُنظر إلى طريق التنمية باعتباره مشروعًا ليس فقط اقتصاديًا، بل جيوسياسيًا، تتقاطع فيه مصالح العراق وتركيا، بما يخلق شراكة استراتيجية عابرة للحدود، وقد تسهم في تهدئة الملفات المتوترة إذا ما استُثمرت بشكل مدروس.
العراق بين حرارة الجوار وتقلبات القرار الدولي
وبحسب العزاوي، فإن "الزيارة تأتي في وقتٍ ساخن من حيث التطورات الإقليمية"، ما يجعلها ذات وزن مضاعف، ويضيف: "تسارع الأحداث، وسخونتها، تحتم على العراق أن يسلك طريق الاتفاقات والشراكات، وخصوصًا مع جارة بحجم تركيا، لما لها من تأثير مباشر في صناعة القرار الإقليمي والدولي".
هذا الوعي العراقي بأهمية التوقيت والموقع السياسي، يعكس تحوّلًا في الذهنية الدبلوماسية التي لم تعد تكتفي بردّ الفعل، بل تسعى إلى صياغة الفعل نفسه عبر أدوات سياسية واقتصادية أكثر نضجًا وتنوعًا.
المصدر: بغداد اليوم+ وكالات
بغداد اليوم – السليمانية عادت السليمانية إلى واجهة التوترات الاجتماعية والاقتصادية، مع تصاعد موجة الإضرابات في عدد من الدوائر الحكومية، احتجاجًا على استمرار تأخر صرف رواتب الموظفين، في مشهد بات مألوفًا ومتكررًا شهريًا، وسط اتهامات متبادلة بين حكومة