كتب: سامان داود
لا أود الخوض في تفاصيل ما جرى للإيزيديين من إبادة جماعية، ولا في حجم المأساة التي عاشوها بعد كارثة 2014، لكن لا بد من الإشارة إلى واقع مرير آخر، لا يقل خطورة عمّا سبق: الواقع السياسي الايزيدي، الذي يمكن وصفه بأنه واقع بلا صدى، وبلا تأثير فعلي، سواء داخلياً أو خارجياً.
ما بين صراعات الأحزاب الكردية والعربية على الإيزيديين، وتناحر الأطراف الإيزيدية ذاتها على مقعد الكوتا الوحيد، ضاعت فرصة بناء كيان سياسي حقيقي يُعبّر عن هذا المكون العريق. ومنذ ما بعد الإبادة وحتى اليوم، لم ينجح الإيزيديون في صناعة تمثيل سياسي وطني أو دولي حقيقي، بل استمروا في التراجع، وفقدوا تدريجياً وزنهم السياسي.
رغم ضخامة الكارثة التي تعرضوا لها، لم يفلح الإيزيديون في تحويل معاناتهم إلى قوة ضغط سياسية أو تمثيل خارجي فعّال. وعلى عكس مكونات عراقية أخرى، استطاعت توظيف مآسيها للحصول على دعم دولي وعلاقات دبلوماسية، بقي الإيزيديون خارج هذا الإطار، دون لوبي سياسي أو تمثيل مؤسسي خارجي باسمهم كمكوّن مستقل.
الأخطر من ذلك، أن جهات سياسية حاولت توظيف الإبادة لصالحها، سواء من خلال تبرير الجرائم باعتبارات قومية بدلًا من دينية، أو استخدام الإيزيديين كورقة ضغط ضد أطراف أخرى، أو حتى تشويه صورتهم وتحويلهم إلى متهمين بالإرهاب في سياقات سياسية مبرمجة. وهكذا، بدل أن تكون المأساة سببًا في توحيد الصف الايزيدي، أصبحت مدخلاً لمزيد من الانقسام.
أما على الصعيد الدولي، فقد تراجع الاهتمام العالمي تدريجياً، مع غياب أي عمل دبلوماسي إيزيدي منظم. واقتصر الحضور الإيزيدي الخارجي على المبادرات الفردية، أو التحركات الإنسانية، دون مشروع سياسي واضح. وبذلك خسر الإيزيديون فرصة ثمينة لفرض أنفسهم كقضية مستمرة، لا مجرد ذكرى إبادة جماعية.
رغم كل هذا، كانت هناك فرص حقيقية كان يمكن البناء عليها:
ـ فوز الناشطة نادية مراد بجائزة نوبل للسلام.
ـ اعتراف عدد من البرلمانات الدولية بجريمة الإبادة.
ـ اهتمام فرنسي وألماني وأمريكي خاص بالقضية الإيزيدية.
ـ زيارات رسمية وإعلامية متكررة لـ مناطق الإيزيديين.
لكن كل هذه النقاط لم تُترجم إلى مكاسب سياسية، بسبب التشتت، وغياب التنسيق، وركون البعض إلى العمل الفردي أو الخضوع لإملاءات الأحزاب الكبرى، ما أدى إلى تفريغ القرار الايزيدي من مضمونه.
أسوأ ما في الأمر، أن هذا الفشل مستمر، بل يتكرر بأشكال مختلفة. فالخطاب العام لدى بعض النشطاء بات يتمحور حول "أنا البطل الخارق" الذي يُمثل الجميع، دون إيمان بالعمل الجماعي، ودون رؤية استراتيجية موحّدة يمكن أن تنتشل القضية من التراجع.
الحلول لا زالت موجودة ولن تختفي ولكن تحتاج الى إيمان وشجاعة للقيام بها وتحتاج إلى مواقف جريئة من جميع الأطراف الايزيدية سواء بالداخل والخارج وأن يكون هناك تنسيق متواصل بين الداخل الايزيدي العراقي ومن هاجر منه ويستطيع أن يعمل من أجله خارجيا ويمكن تلخيصها على شكل نقاط آتية :
1. تأسيس كيان سياسي موحّد:
كيان مستقل يمثل الإيزيديين داخليًا وخارجيًا، يعمل وفق المصلحة العليا للمكون، ويفصل بين السياسي والديني مع الحفاظ على التنسيق بينهما.
2. بناء لوبي دبلوماسي في المهجر:
خصوصًا في دول مثل ألمانيا، فرنسا، والولايات المتحدة، حيث توجد جاليات إيزيدية كبيرة. ألمانيا وحدها تضم أكثر من 150 ألف إيزيدي من أصول عراقية، وهذا العدد قادر على تمثيلهم حتى في البرلمان العراقي إذا ما فعّل تصويت الخارج.
3. تغيير الخطاب:
من الضروري تحويل الخطاب من الطابع الإنساني البحت إلى الحقوق السياسية والمدنية، والتوقف عن لعب دور الضحية فقط، والتوجه نحو العمل الإيجابي المنتج.
4. الاستقلال السياسي:
إنهاء التبعية لأي جهة سياسية، وصناعة قرار سياسي إيزيدي مستقل يعبر عن الإرادة الجماعية للمكون وان يكون بدعم مادي ايزيدي من قبل رجال الأعمال والمتمكنين مادياً.
5. تمكين الشباب والمثقفين:
فتح المجال أمام الطاقات الشبابية والمثقفة في الداخل والشتات، واستثمارها لبناء مستقبل سياسي جديد. أما القيادات التقليدية، فعليها التوجه إلى العمل الاستشاري فقط، وافساح المجال لجيل جديد.
الإيزيديون لا يحتاجون إلى من "يشفق" عليهم، بل إلى مشروع سياسي وطني يُنهي حالة التهميش، ويصنع صوتًا حرًا يُعبّر عن معاناتهم، ويصون مستقبلهم وهذا
وهو في متناول اليد ولكن نحتاج إلى وعي يجعلنا نعرف قيمة ما لدينا.
بغداد اليوم - بغداد أكد النائب الكردي السابق، غالب محمد، اليوم السبت (19 نيسان 2025)، أن هناك محاولات واضحة من قبل الأحزاب الحاكمة في إقليم كردستان للالتفاف على قرار المحكمة الاتحادية بشأن توطين رواتب الموظفين. وقال محمد في تصريح لـ”بغداد اليوم”، إن