آخر الأخبار
أغلى طيور العالم.. رحلة البحث عن "الحُر" تبدأ في ديالى السوداني يفتتح المستشفى العراقي الكوري في بغداد لأول مرة في العراق.. مساع لإنشاء "الرابطة الاستثمارية" لجذب روؤس أموال 10 دول النقل: حركة المطارات مستمرة خلال أيام حظر التعداد السكاني المالية النيابية تناقش ملف تعيين الأوائل وحملة الشهادات العليا

البصل يتخلى عن الفقير.. والزراعة تطرح البديل لمواجهة غلائه

اقتصاد | 7-03-2023, 19:08 |

+A -A

بغداد اليوم- بغداد

على خلاف المثل العراقي الشهير الذي يستخدمه فقراء البلاد مثلاً في عزة النفس والإباء "نأكل خبز وبصل"، لم يعد البصل أرخص البضائع في السوق العراقية، هذا إن وجد متوفراً دائماً، إذ ارتفعت أسعاره بالأسابيع الأخيرة لمستويات عند ألفي دينار (الدولار = 1310 دنانير)، وهو أعلى سعراً من الطماطم والخيار مثلاً، وسط شح في المنتج الذي سجل العراق في سنوات سابقة اكتفاء منه، وأغلق الباب أمام المستورد.

وفي السنوات الماضية كان عدد كبير من المزارعين العراقيين يعتمدون على زراعة البصل، وتشتهر جميع مناطق العراق بزراعة أنواع مختلفة من المحصول، إلا أن شح المياه وعدم توفر الدعم اللازم من بذور ومبيد الحشرات أدى إلى تراجع الإنتاج، ولا يختلف محصول البصل عن المحاصيل الزراعية الأخرى، من حيث معاناة غزو المستورد بأسعار تنافسية.

الاعتماد على الاستيراد

وأكد اتحاد الجمعيات الفلاحية العام للجمعيات الفلاحية وجود عمليات استيراد لجميع أنواع المحاصيل الزراعية، ومنها البصل، بسبب وجود عوامل عدة أثرت بشكل كبير في مستوى الزراعة العراقية.

وقال عضو اتحاد الجمعيات الفلاحية في محافظة بغداد، جعفر الموسوي، إن السوق العراقية تعتمد على المحاصيل الزراعية المستوردة من الخارج، والإنتاج الزراعي الوطني لا يكفي لسد حاجة السوق المحلية، بسبب الخطة التي أعدتها وزارة الزراعة بتحديد حجم المساحات الزراعية التي انخفضت إلى حد كبير لتصل إلى 25 بالمائة من حجم المساحة الزراعية الكلية في البلد.

اقتصاد عربي

واستبعد الموسوي، في تصريح صحفي، السيطرة على عمليات استيراد المحاصيل من الخارج، متوقعاً حدوث تغييرات ستؤدي إلى ارتفاع مستويات أسعار المحاصيل الزراعية مع اقتراب شهر رمضان الفضيل.

فقدان ثقة

من جانبه، يرى الباحث في الاقتصاد الزراعي، أحمد عبد الله، أن السياسة الاقتصادية تعتمد على الاستهلاك في ظل عدم توفر وسائل الإنتاج الزراعي الوطني، مما أربك إلى حد كبير حالة التوازن في السوق.

وأضاف عبد الله، في تصريح صحفي، أن السوق العراقية تشهد حالة من فقدان الثقة مع المستهلك، بسبب الارتفاع المتواصل في مستويات الأسعار، وخاصة في الأشهر الأخيرة، التي كان سببها الرئيس التلاعب في مستويات الأسعار، نتيجة التغيير الحاصل في سعر الصرف وعدم قدرة الحكومة العراقية السيطرة على السوق.

وبيّن أن البصل كان من الزراعات الرائدة في العراق، وكان البلد ينتج المحصول بكميات كبيرة تشكل اكتفاءً ذاتياً لحاجة السوق، إلا أن غياب التخطيط والتغييرات الهيكلية في الخطط الحكومية قللا من عمليات زراعته، وأصبح البلد رهينة للمحاصيل الزراعية المستوردة.

وأشار إلى أن الأسعار المرتفعة لمحصول البصل بأنواعه الأخضر والأحمر وغيره، باتت تشكل عبئاً إضافياً لحجم الإنفاق لديهم، مما يتطلب وضع الحكومة خططاً استراتيجية تدعم زراعة المحاصيل الزراعية الأساسية، من خلال دعم أسعار البذور والأسمدة ومبيدات للحشرات الضارة بالمحاصيل، بالإضافة إلى توسيع المساحات الزراعية، من أجل رفع الضرر الذي يواجه المزارع العراقي.

أسعار مرتفعة

وانتقد مواطنون غياب دور الحكومة في مراقبة السوق والحد من الارتفاع الكبير في مستويات أسعار المحاصيل الزراعية والفواكه، والتي اعتبروها معاقبة جماعية يتعرض لها الشعب العراقي، على حد وصفهم.

وقال المواطن، ثامر الكرخي، إن ما يحدث في السوق من ارتفاع للأسعار لا يمكن وصفه إلا بأنه (معاقبة جماعية) يتعرض لها الشعب العراقي، وأن إجراءات الحكومة في مراقبة الأسعار تكاد تكون معدومة.

وأضاف الكرخي، أن البصل يعد أحد أهم المحاصيل بالنسبة للعائلة العراقية، ولكن تجاوز سعر الكيلوغرام الواحد من البصل 1500 دينار، يجعل المواطن أمام حرجٍ كبير، لأن الأسعار أصبحت تفوق قدرته الشرائية.

وأشار إلى أن هناك عائلات تعيش تحت مستوى خط الفقر، ولا يمكن لها أن توفر متطلباتها المعيشية، في ظل هذا الارتفاع الكبير في مستويات الأسعار.

أسباب الغلاء

يرى تجار المحاصيل الزراعية أن العراق يشهد ضعفاً كبيراً في إنتاج المحاصيل، ومنها البصل بعد الغزو سنة 2003، مما جعل الاعتماد بشكل كبير على المستورد من بلدان مختلفة، منها لبنان والهند وباكستان.

وأوضح التاجر، بركات شاهر، من بغداد، أن أزمة ارتفاع سعر البصل بدأت تتزايد مع إعلان لبنان إيقاف تصديره إلى العراق منتصف شهر فبراير/ شباط الماضي.

اقتصاد دولي

وبين شاهر،، أن من بين الأسباب التي أدت إلى ارتفاع سعر محصول البصل هو زيادة سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي، وبما أن الاستيراد من الخارج يتم بالدولار، فإن ذلك شكل أيضاً أزمة كبيرة في ارتفاع مستويات الأسعار بالسوق المحلية.

وأضاف أنه مع تدهور الواقع الزراعي العراقي كان على الحكومة ووزارة الزراعة دعم الاستيراد من الخارج لتغطية الحاجة المحلية، فضلاً عن أهمية تسهيل إجراءات البنك المركزي في حصول التاجر على الدولار الذي بات يشكل عائقاً كبيراً أمام التجار، مما يدفعهم للشراء بأسعار باهظة من الخارج.

إجراءات حكومية

من جانبها، قللت وزارة الزراعة من خطورة ارتفاع أسعار البصل في السوق العراقية، مؤكدة أن ارتفاع أسعار المحصول موسمية، وسرعان ما ستنخفض.

وقال المتحدث باسم الوزارة، محمد الخزاعي، إن الفترة الحالية عادة ما يحصل فيها شح بمنتج البصل اليابس وارتفاع أسعاره في الأسواق المحلية، لكون هذه الفترة انتقالية بين موسم وآخر، فتشهد أسعاره ارتفاعاً بسبب قلّة الكميات المعروضة في السوق.

وعلق الخزاعي، في تصريح لوسائل إعلام محلية، على إيقاف لبنان تصدير البصل إلى العراق، بالقول: إن إنتاج لبنان من البصل ليس كبيراً ليؤثر على سوق ضخم كالسوق العراقية، ويمكن تعويض البصل اليابس في هذه الفترة بالبصل الأخضر المتوفر في الأسواق المحلية وبأسعار زهيدة، متوقعاً عودة الأسعار إلى مستوياتها الطبيعية بتوفر البصل المنتج محلياً قريباً.