آخر الأخبار
تركيا توقف جميع الصادرات والواردات من وإلى إسرائيل محكمة النشر والإعلام: الدولة العراقية تكفل حرية الرأي والتعبير العثور على طبيب الاسنان المتقاعد "فيصل الحويزي" مقتولا داخل منزله بالنجف واشنطن: نقترب جداً من اتفاق تطبيع بين السعودية وإسرائيل اليكتي يكشف موقفه من "تقسيم الإقليم" في حال تأجيل الانتخابات

هل تؤدي العقوبات لتركيع روسيا أم لاضطراب الاقتصاد العالمي والإضرار بالشعوب؟

اقتصاد | 17-03-2022, 09:41 |

+A -A

بغداد اليوم _ متابعة

اندفعت الولايات المتحدة والغرب في فرض عقوبات متنوعة وقاسية على روسيا، فهل ستؤدي تلك العقوبات لتركيع موسكو وإجبارها على إيقاف عمليتها العسكرية قبل تحقبق الأهداف الروسية منها؟
وفى حديث تابعته (بغداد اليوم)، قال الخبير الاقتصادي ورئيس تحرير صحيفة "الأهرام" الأسبق، أحمد السيد النجار: "قيل إن روسيا ستتعثر في سداد ديونها في ظل تجميد 250 مليار دولار من احتياطيات البنك المركزي الروسي في الخارج. ويتصدر نشرات الأنباء في القنوات الغربية خبر عن توقف روسيا عن سداد 117 مليون دولار مستحقة عليها في 16 مارس الجاري، وهو أمر مثير للسخرية من مستوى التدني الدعائي لتلك القنوات (التلفزيونية)، فالتوقف لا علاقة له بالعجز عن السداد، بل هو فعل احتجاجي ردا على العقوبات الغربية، لأن قيمة صادرات النفط والغاز الروسيين في يوم واحد في ظل الأسعار الحالية تعادل ستة أمثال هذا المبلغ"!

وأضاف: "وفقا لتقرير البنك الدولي عن الديون العالمية (INTERNATIONAL DEBT STATISTICS 2022 ) بلغت قيمة الديون الخارجية الروسية نحو 476 مليار دولار في نهاية عام 2020، وهي تعادل 33% من الناتج القومي الإجمالي الروسي المحسوب بالدولار وفقا لسعر الصرف، ونحو 10.4% فقط من الناتج الحقيقي المحسوب بالدولار وفقا لتعادل القوى الشرائية، علما بأن الديون الأمريكية تزيد عن 100% من الناتج القومي الأمريكي!"

وأشار أحمد السيد النجار إلى أن "غالبية الديون الروسية أو نحو 410 مليارات دولار طويلة الأجل. وتستهلك خدمة الديون الروسية نحو 23% من حصيلة الصادرات. وتنقسم تلك الديون إلى ديون حكومية مباشرة قدرها 84 مليار دولار، وديون للقطاع العام المضمون من الدولة قدرها 213 مليار دولار، والباقي ديون لشركات القطاع الخاص وغير مضمونة من الدولة. وتبلغ مدفوعات الفائدة عن ديون الحكومة نحو 3.4 مليار دولار، بينما تبلغ مدفوعات الفائدة عن ديون القطاع العام نحو 4.8 مليار دولار".

ونوه أحمد السيد النجار إلى أن "روسيا تمتلك احتياطيات من النقد الأجنبي تتجاوز ديونها بكثير. وحتى بعد وضع الغرب يده على 300 مليار دولار من تلك الاحتياطيات، فإنه يتبقى لديها ما يعادلها تقريبا من الاحتياطيات البعيدة عن يد الغرب".

وقال الخبير الاقتصادي إن "روسيا تمكنت مؤخرا من زيادة احتياطياتها بقوة بعد أن حققت فائضا تجاريا بلغ نحو 165 مليار دولار عام 2019، ونحو 92 مليار دولار عام 2020 وفقا لبيانات منظمة التجارة العالمية في تقريرها عن إحصاءات التجارة العالمية (WORLD TRADE STATISTICAL REVIEW 2021)، وفائضا أكبر عام 2021 الذي ارتفعت خلاله أسعار النفط والغاز اللذين تصدرهما روسيا. ووفقا لتقرير منظمة الأوابك والتقرير الاقتصادي العربي الموحد ارتفع متوسط سعر برميل النفط من نحو 41.5 دولار عام 2020 إلى نحو 69.9 دولار عام 2021. أما سعر الغاز الطبيعي (في الحالة الغازية) فقد ارتفع من نحو 2.3 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية في نهاية عام 2020، حتى بلغ نحو 6 دولارات في بورصة نيويورك في أكتوبر عام 2021. وفي نفس الاتجاه تحقق روسيا فائضا كبيرا في ميزان الحساب الجاري بلغ نحو 3.9% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2021 وفقا لتقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر عن صندوق النقد الدولي، وهو الذي يمكنها من زيادة احتياطياتها الدولية".

وتابع: "عن حظر الولايات المتحدة وبريطانيا لاستيراد النفط والغاز من روسيا وهل سوف يضر بالاقتصاد الروسي، فهذا هزل في موضع الجد، فالقرار الأمريكي والبريطاني معنوي لا أكثر، فهناك دول أخرى تحتاج لذلك النفط والغاز في ظل التزام أوبك بسقف وحصص الإنتاج. كما أن وارداتهما معا من النفط والغاز الروسي محدودة ويعوضها كليا ارتفاع سعر صادرات روسيا من النفط وحده بمقدار دولارين فقط لمدة عام. وهذا يعني أن ارتفاع الأسعار بأكثر من 40 دولارا لمدة ثلاثة أسابيع يعوض توقف الصادرات الروسية المحدودة لبريطانيا والولايات المتحدة حتى في حالة عدم وجود سوق آخر لتصدير ذلك النفط والغاز إليها. كما أن السوق العالمية ليست الغرب وحده. وكان أكثر من 58% من صادرات روسيا تتوجه للغرب قبل 10 أعوام، لكنها عملت بدأب وبشكل تدريجي للتوجه للاقتصادات النامية والناهضة وعلى رأسها الصين التي تحولت لأكبر شريك تجاري لها. وأدى ذلك لتراجع حصة الغرب من الصادرات الروسية إلى أقل من 50% من تلك الصادرات المكونة من النفط والغاز الرخيصين والمعادن الضرورية للصناعات العالية التقنية والماس والحبوب، وهي صادرات حيوية للغرب بأكثر بكثير من أهمية عائدها لروسيا التي يمكن أن تجد أسواقا بديلة لها في الدول التي لم تنضم لسعار فرض العقوبات على روسيا الذي يضر بالشعوب بأكثر كثيرا من تأثيره على الحكومات".

وأوضح النجار: "كان ملفتا أن السعودية التي تعرضت لابتزاز أمريكي لصوصي لا علاقة له بالمبادئ في أزمة (اغتيال جمال) خاشوقجي، اتخذت موقفا ينتصر لمصالحها الذاتية في سوق النفط، وحافظت على اتفاق أوبك + الذي يضمن استقرار العرض العالمي عند مستويات معادلة للطلب العالمي على النفط، وهي تدرك أن هيستيريا رفع الأسعار يعود للمضاربات وإثارة حالة مفتعلة من عدم اليقين بشأن الإمدادات النفطية العالمية، وهي أمور يقوم بها المضاربون الأمريكيون بالأساس، وبالذات من يملكون نفطا مخزونا على متن الناقلات الجاهزة للتحرك لتلبية الطلب في الأسواق الفورية. ويبلغ حجم المخزون العالمي من النفط على الناقلات نحو 1.3 مليار برميل. وإزاء الفشل الأمريكي في تغيير الموقف السعودي بادرت التابعة الأمينة بريطانيا بإيفاد رئيس وزرائها للسعودية بغية تفكيك تحالفها النفطي مع روسيا، والتحالف النفطي عموما بين أوبك وروسيا".

وأضاف: "أما حرمان البنوك الروسية، ما عدا بنكين، من الوصول لنظام السويفت، فإنه يمكن الالتفاف عليه بتركيز التعاملات من خلال البنكين وتفعيل النظم المحلية البديلة ونظم الاتصال والتسويات البديلة مثل يونيون باي الصيني، واللجوء لنظام الدفتر الحسابي لتسوية التعاملات".

وختم الخبير الاقتصادي: "أما العقوبات (الأمريكية) الشخصية على بعض كبار الأثرياء الروس ممن صنعوا ثرواتهم الفاسدة من نهب أصول الدولة الروسية في عهد يلتسين بالذات فهي إيجابية بالنسبة للاقتصاد الروسي لأنها ستجبر هؤلاء الأثرياء على استثمار أموالهم في روسيا، وستضع ما تكون منها بالفساد أو النشاطات غير المشروعة تحت نظر الأجهزة الرقابية. أما تقييد الاستثمارات الجديدة لروسيا فإن دوره الأساسي سيكون حرمان المستثمرين الغربيين من سوق كبيرة لاستثمار أموالهم، لتحل محلهم الشركات الصينية التي تملك أكبر الفوائض المالية في العالم حاليا".