البصرة … الاغنى على وجه الارض واهلها الأفقر في العالم
سياسة | 11-12-2021, 11:30 |

بغداد اليوم - تقرير : محمود المفرجي الحسيني
عندما نتحدث عن البصرة، فاننا نتحدث عن اكبر واعقد قصة تراجيدية على مر العصور، فهي المدينة التي تكاد تكون الاغنى في العالم، واهلها الافقر في العالم، ففيها من الثروات والخيرات مالا يحصى، وفيها من المقومات ما لا تملكه مدينة غيرها.
حذر مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان في محافظة البصرة أقصى جنوبي العراق، اقبل عامين، من ارتفاع نسبة الفقر في المحافظة، وأشار إلى أنها تقترب من الـ40%.
وذكر بيان للمكتب، أن "الأوضاع الاقتصادية السيئة والزيادة المستمرة في نسبتي الفقر ودون خط الفقر شارفت أن تصل إلى 40% في مدينة أصبح الخوض بوصف خيراتها وحجم ثرواتها لا ينفع أهلها الا بالمزيد من الآثار القاتلة من الأمراض والبطالة ونقص في الحرث والنسل".
ودعا مكتب المفوضية وهي مؤسسة مرتبطة بالبرلمان العراقي، الحكومة العراقية إلى "العدالة ازاء أبنائها من العاطلين من الخريجين وغير الخريجين، ومنهم من لا زال يتظاهر من مهندسين ومحاضرين دون أي اعتبار لهم، والمطالبة بإطلاق الأموال الخاصة بالعقود والإجراء وإيصالها لمستحقيها بكرامة".
يذكر أن البصرة واحدة من أغنى مدن العالم لما تمتلكه من ثروة نفطية حتى وصفها البعض بأنها "مدينة تنام على بحر نفط".
هذه المدينة التي يأكل كل العراق من شماله الى جنوبه، من خبزها، في حين لا احد يعطيها كسرة خبز صغيرة، فاي كرم تقدمه البصرة، واي جحود تقدمه شقيقاتها وحكام العراق.
وتطفو مدينة البصرة، مركز المحافظة التي تحمل الاسم نفسه، على النفط والغاز. لكن سكان أقصى الجنوب العراقي "لا يتلمسون طعمها"، حيث تنتج البصرة نحو سبعين في المئة من الخام العراقي. لكن البطالة فيها تبلغ بين 20 إلى 25% من السكان في سن العمل، وتصل حتى 30% بين الشباب، حسب الخبير الاقتصادي العراقي بارق شبّر، الذي أوضح أن تلك مجرد تقديرات في ظل غياب أي بيانات رسمية.
ويطغى التلوث الناجم عن تنقيب الموارد النفطية على شوارع المدينة. أما مشاكل التزود بالكهرباء والمياه في البصرة فلا حدود لها، ما يجعل حياة سكانها وسكان المحافظة البالغ عددهم أربعة ملايين، تغص بالمشقات.
وأطلقت بعض مشاريع الاستثمار، مثل ملعب جديد جرى بناؤه لمناسبة كأس الخليج المزمع عقده في البصرة بشهر يناير 2023.
وهناك عتب شديد من اهل البصرة على الحكومة في بغداد لأنها أخفقت حسب رأيهم بتوزيع الموارد الاتحادية بشكل عادل.
وشهد صيف 2018 تظاهرات هائلة في البصرة، ندد فيها المتظاهرون بالفساد المزمن والمستشري، والتدهور الحاد في البنى التحتية.
ويقول المدير التنفيذي لمركز الدراسات الإقليمية والدولية في إقليم كردستان، ماك سكيلتون، إن "الزبائنية" تهيمن على فرص التوظيف بقطاع النفط في البصرة.
ويضيف أن "الأحزاب الكبرى تتنازع في ما بينها على شركة النفط في البصرة، لا سيما على المناصب الأمنية في الحقول النفطية، وكمية فرص العمل المرتبطة بها".
ويلفت إلى أنه لا حاجة للراغبين في التوظيف بالقطاع أن يكونوا أعضاء في أحد الأحزاب، لكن "العلاقات" تكفي للوصول إلى تلك المؤسسات.
ويشير إلى أنه "في بعض الأحيان، تصل الأمور إلى حدها في عدد من يمكن لهم الاستفادة" من هذا النظام.
واكبر مشكلة تواجهها البصرة هي سرقة نفطها، وانباء السرقات اعلن عنها الكثير من مسؤولي المحافظة وفي اكثر من مناسبة، منها ما كشف النائب السابق صادق المحنا، قبل سنوات عن وجود عمليات "سرقة" في عدادات النفط بمحافظة البصرة تتراوح ما بين 100 - 300 ألف برميل يومياً،
ليس هذا فحسب انما هناك مشاكل اخرى تتعرض لها البصرة، منها ارتفاع نسبة الملوحة القاتلة، وانتشار مرض السرطان بين ابناءها.
وكشفت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في البصرة، اليوم الجمعة، عن تسجيل عددا كبير من الإصابات بمرض السرطان لأسباب عديدة بينها النفط.
وقال مدير مكتب مفوضية حقوق الإنسان في البصرة، مهدي التميمي، لـ(بغداد اليوم) إنه "من المؤسف ان تسجل محافظة البصرة إعداد كبيرة للمصايين بمرض السرطان".
وأوضح أن "الإصابات المسجلة لكل شهر تجاوزت الـ800 اصابة منذ 2019 واستمرارا لهذه السنة"، مؤكدا أن "هذه الإصابات بتزايد".
وأضاف أن "هنالك أسباب عديدة تقف خلف هذا العدد المتزايد من الإصابات ومن بين أهم هذه الأسباب هو الغاز المنبعث من استخراج النفط حيث لوحظ ان المناطق القريبة من انبعاث هذه الغازات تسجل أعداد أكثر من المناطق الأخرى".
الى متى تبقى البصرة مظلومة، والى متى يبقى هذا حالها الذي لا يسر العدو قبل الصديق، ومتى يتحلى القائمين على العراق بالوفاء لمنحها حقها.