بغداد اليوم – تقرير : محمود المفرجي الحسيني
يبدو ان المعادلة السياسية في الشرق الأوسط تغيرت كليا، بعد عدة احداث ضربتها ابتداء من انتشار الإرهاب في العراق وسوريا، والحروب الذي احدثه هذا الانتشار، وانتهاء بالتقارب السعودي الإيراني الذي تم برعاية عراقية خالصة.
كل المتتبعين في داخل وخارج العراق، يؤكدون على ان هذا التقارب، له عدة تفسيرات، الأول: هو أهمية العراق على الصعيد الإقليمي في المنطقة، والثاني : وصول اطراف الصراع في المنطقة الى قناعة بوجود حاجة لتغيير الاستراتيجيات والخطط الجديدة تكون منسجمة مع التغيير الذي يسير نحوه العالم الجديد في ظل النهوض الصيني وتعاظم القوة الروسية، والرغبة الامريكية بالبقاء كقطب اوحد في العالم.
هذا التوجه دعمه وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن الى سدة حكم أمريكا، والذي يملك نهجا مغايرا كليا عن نهج سلفه الجمهوري ترامب ، القائم على الابتزاز والتهديد واشعال الازمات بالمنطقة.
واخطر ما يضرب الشرق الأوسط، هو الصراع الأمريكي – الإيراني، الذي يتمركز في المنطقة وبالعراق تحديدا، تسبب بانقسامات واضحة في داخله جراء هذا الصراع. الا انه يبدو ان مفتاح هذا الصراع هو العلاقة بين السعودية وايران.
وعن هذا الامر ، يقول وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، إن الصراع بين امريكا وإيران أثر على الواقع السياسي، الأمني والمجتمعي أحيانا.
وأضاف في ندوة صحافية عقدها في روما في وقت سابق "مع تغيّر الإدارة الأمريكية رأينا هناك تغييرا في هذا المجال أيضا، حيث بدأ التواصل مع إيران، والحوار والنقاش في فيينا، فضلا عن التواصل والحوار بين إيران والسعودية".
وأشار إلى أن "العراق لعب دورا في مجال هذه اللقاءات الإقليمية، وذلك لأن هذه الصراعات كانت تؤثر على الواقع السياسي العراقي، ولإدارة الصراع في الداخل كنا نحتاج إدارة الصراع في الخارج".
وتابع: "ما يحدث في العراق يؤثر على المحيط الإقليمي بأسره، لذا فإن تحركنا كان في جزء منه لمصلحة بلدنا، والجزء الآخر لمصلحة المنطقة".
هذا التحرك العراقي يراه البعض، بانه نصرا للدبلوماسية العراقية بمجرد نجاحها في الجمع بين الخصمين اللدودين على مائدة واحدة بعيدا عن الأضواء.
واهمية هذا اللقاء – الإيراني السعودي- هو قدرته على إعادة ترتيب الأوراق في المنطقة برمتها. فالعراق وجد نفسه على الدوام في منزلة بين المطرقة والسندان بين الجارين القويين.
واستضافت بغداد في التاسع من نيسان الجاري اجتماعا ضم وفدا سعوديا برئاسة رئيس جهاز المخابرات خالد بن علي الحميدان وآخر إيرانيا برئاسة مفوضين من قبل الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني.
الاجتماع الأول احتضنته العاصمة العراقية بغداد شملت الوضع في اليمن وهجمات جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران ضد السعودية.
يذكر أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي قد زار السعودية أواخر شهر آذار الماضي.
السياق الإقليمي والدولي دفع بعض المراقبين إلى توقع إمكانية تحقيق اختراق في المحادثات بين البلدين في سياق تحاول فيه واشنطن إحياء الاتفاق النووي المبرم مع إيران عام 2015، كما تضغط في اتجاه إنهاء الحرب في اليمن التي صُنفت منذ البداية على أنها حرب بالوكالة بين السعودية وإيران.
وأكدت إيران وجود محادثات مباشرة مع منافستها الإقليمية السعودية، وحسب تقارير إعلامية التقى ممثلو البلدين على الأقل مرتين الأسبوع الماضي في العراق.
وقال سعيد خطيب زاده المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية في مؤتمر صحفي إن "تخفيف التوتر بين البلدين المسلمين في منطقة الخليج الفارسي يصب في صالح الشعبين والمنطقة". كما أكد المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي أن "نوافذ الأمل مفتوحة" لحل الخلافات بين طهران والرياض. وقال بالإضافة إلى القضايا الثنائية، تمت أيضا مناقشة القضايا الإقليمية، لكننا لا نستطيع الخوض في التفاصيل حتى تنتهي المفاوضات".
وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة الإيرانية التي تجري مفاوضات حول مستقبل الاتفاق النووي أيضا، لم يبق لها سوى بضعة أسابيع، حيث ستجرى انتخابات رئاسية وستشكل حكومة جديدة، في أواسط شهر حزيران.
في الجانب الاخر أكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن المملكة تطمح إلى إقامة علاقة جيدة مع إيران باعتبارها دولة جارة، لك هناك "إشكاليات" بين الطرفين وتعمل السعودية مع شركائها على حلها.
وقال بن سلمان، خلال مقابلة ، ردا على سؤال حول ما إذا كان هناك أي عمل جار على تسوية القضايا العالقة بين الطرفين: "أخيرا إيران دولة جارة، نريد أن تكون لدينا علاقة طيبة ومميزة مع إيران".
وأضاف: "لا نريد أن يكون وضع إيران صعبا، بالعكس نريد إيران مزدهرة، لدينا مصالح فيها ولديها مصالح في السعودية لدفع العالم والمنطقة للازدهار".
وتابع ولي العهد السعودي: "إشكاليتنا هي تصرفات إيران السلبية التي تقوم بها سواء عبر برنامجها النووي أو دعمها للمليشيات الخارجة عن القانون في بعض دول المنطقة أو برنامجها للصواريخ الباليستية".
وأردف مشددا: "نعمل اليوم مع شركائنا في العالم لإيجاد حلول لهذه الإشكاليات ونتمنى أن نتجاوزها وأن تكون علاقاتنا طيبة وإيجابية في منفعة الجميع".
ويرى العراق أنه سيكون من كبار المستفيدين من تخفيض حدة التوتر، ولما لا استئناف علاقات طبيعية بين طهران والرياض اللتين قطعتا اتصالاتهما عام 2016 على خلفية اتهامات متبادلة بزعزعة استقرار المنطقة.
الا ان تسارع الاحداث في العالم، يبقي هاجس الخوف من انعكاس أي فشل في المفاوضات الإيرانية – السعودية، او الفشل في التوصل للاتفاق النوي على العراق، مما قد يرمي بظلاله على الوضع العراقي، لاسيما بعد ان تأكد تأثر العراق بها.
نينوى – بغداد اليوم شهد قضاء تلعفر، شمال غربي محافظة نينوى، حادثة تسمم جماعي طالت 11 شخصا بعد تناولهم وجبة في أحد المطاعم الشعبية داخل المدينة، ما استدعى نقلهم إلى مستشفى تلعفر العام. وأكد مصدر طبي لـ”بغداد اليوم” الأحد (11 أيار 2025)، أن "المصابين