هل أخطأت المالية تفسير فقرة الضريبة؟.. كتاب استقطاع الرواتب يخلّف أزمة رغم النفي وتوجه لاستضافة الوزير
ملفات خاصة | 17-04-2021, 15:22 |
بغداد اليوم- بغداد
أزمة رواتب الموظفين تطل برأسها من جديد في العراق، فبعد تصويت البرلمان على قانون موازنة 2021، في نهاية آذار الماضي، خاطبت وزارة المالية أمانة مجلس الوزراء بتطبيق فقرة فرض ضريبة الدخل على رواتب الموظفين.
وكانت الحكومة قد اقترحت استقطاع جزء من رواتب الموظفين، وفق ما يعرف بضريبة الدخل، قبل أن يعلن رئيس الوزراء إلغاء الضرائب، إثر رفع سعر الدولار أمام الدينار بنحو 20 في المئة، وما سببه ذلك من آثار على الطبقات الفقيرة.
يعود تاريخ تضمين مجلس الوزراء الحالي، فقرة ضريبة الدخل على رواتب الموظفين في مشروع موازنة 2021 إلى العام الماضي، عندما ضربت اقتصاد العراق، ازمة اقتصادية، كادت أن تهوي به إلى الانهيار، وعدم قدرة الحكومة على صرف رواتب الموظفين وتأخر توزيعها إلى خمسين يوما في حينها، بسبب الإغلاق العالمي جراء جائحة كورونا وانخفاض أسعار النفط إلى ما دون الثلاثين دولارا.
وهو ما دعا البنك الدولي إلى تحذير العراق من انكماش الناتج المحلي الإجمالي للعراق بنسبة 9.7 بالمئة خلال عام 2020، متراجعا عن نسبة النمو الإيجابية البالغة 4.4 بالمئة المسجلة لعام 2019، مما يعني تسجيل أسوأ أداء سنوي منذ 2003.
واقترح وزيرُ الماليةِ علي عبد الأمير علاوي، الخميس الماضي، تطبيقِ الاستقطاعِ الضريبيِّ منْ رواتبِ الموظفينَ اعتباراً منْ شهرِ نيسانَ الجاري وبأثرٍ رجعيٍّ للأشهرِ الثلاثةِ الماضيةِ.
وسُربت وثيقةٍ لوزارة المالية، تظهرُ مُخاطبةَ وزيرِ الماليَّةِ لأمانة مجلسِ الوزراءِ وتنصُّ على اقتراحِ تطبيقِ الاستقطاعِ الضريبيِّ منْ الراتبِ الكُليِّ للموظفينَ، على أنْ تُستقطعُ الضريبةُ المتحققةُ على إجماليِّ الراتبِ الشهريِّ ويشملُ الراتبَ الاسميَّ والمخصصاتِ والحوافزَ والأرباحَ الشَّهريةَ والسنويةَ والمكافآتِ والإيفاداتِ اعتباراً منْ شهرِ نيسانَ وأنْ يُقسطَ مبلغُ الضريبةِ المتحققِ للأشهرِ كانونَ الثاني وشباطَ واذارَ منْ العامِ الحالِيِّ.
غضب سياسي قد يتحول لاستجواب
وما إن خاطب وزير المالية أمانة مجلس الوزراء، انهالت البيانات السياسية الغاضبة، حيث دعت عضو اللجنة المالية النيابية، ماجدة التميمي، في بيان لها، وزير المالية علي عبد الأمير علاوي، إلى التراجع عن الاستقطاع الضريبي للموظفين فيما توعدت باستجوابه في مجلس النواب، مؤكدة أن ما جاء في كتاب وزارة المالية المرقم 880 في 2021/4/13 والخاص بالاستقطاع الضريبي وتوصية الوزير بالعودة للعمل بالتعليمات المالية رقم 1 لسنة 2007.
وأشارت التميمي إلى أنها ترفض تطبيق التعليمات المشار إليها في اعلاه، أذ لا يجوز تعرض الموظف الى انخفاض مزدوج خلال فترة لا تتجاوز الاربعة اشهرمن تخفيض قيمة الدينار مقابل الدولار فضلاً عن الاستقطاع الضريبي".
غير أن رئيس كتلة "بيارق الخير" النيابية، محمد الخالدي، قال لـ (بغداد اليوم)، إن "موازنة 2021، لم تتضمن استقطاعاً من رواتب الموظفين أو فرض ضريبة الدخل وهناك جمع تواقيع في البرلمان لاستجواب وزير المالية علي علاوي".
من جانبها، ردت وزارة المالية، في بيان توضيحي، أن "الكتاب الذي يحمل توقيع الوزير علي عبد الامير علاوي بشأن الاستقطاع الضريبي جاء تطبيقاً لأحكام المادة 34 فقرة (ج) من قانون الموازنة العامة المتضمنة (إلغاء مجلس النواب جميع الإعفاءات والاستثناءات الجمركية والضريبية الممنوحة بقرار مجلس الوزراء ما لم تنص عليه القوانين النافذة)".
وأكدت الوزارة أنها "تطبق القانون في دفع الضريبة على جميع الدخل بما فيها الراتب الاسمي والمخصصات وما حصل من إعفاء من مجلس الوزراء كان استثنائياً".
وأشار بيان الوزارة، إلى أن "الاستقطاع الضريبي المقترح لا يشمل الطبقات الدنيا ولمجلس الوزراء صلاحية إلغائه".
إلى ذلك، اوضح عضو اللجنة المالية النيابية ناجي السعيدي، المادة التي يتحدث عنها وزير المالية في بيان التوضيح والخاصة بالضرائب، مؤكداً أن "الوزارة لا تميز بين انواع الضرائب، إذا يعلمون، أن ما يسمى بالتعرفة الجمركية العامة، هي الضريبة الجمركية بالنظام الاقتصادي وهناك ضريبة الدخل وضريبة الدخل المباشر وغير المباشر وما تكلمت عنه اللجنة المالية بهذا الموضوع يتحدث عن الضرائب الجمركية ولا علاقة له بالمطلق بضريبة الدخل وأنواع ضريبة الدخل، الكلام للسعيدي".
وأضاف السعيدي، في حديث لـ (بغداد اليوم)، أنه "بالنتيجة هناك مادة تخص ضريبة الدخل، أرسلت من الحكومة وتم التصويت على حذفها وموقف اللجنة المالية مستغرب من الضعف في وزارة المالية وخبرائها في تفسير مادة لا علاقة لها بالمطلق بالرواتب".
ماذا تريد الحكومة؟
الخبير الاقتصادي، منار العبيدي، قال في معرض حديثه عن الموضوع، إن "وزير المالية، علي علاوي، عندما تسنم المنصب، أعلن واضحا أن إشكالية الدولة العراقية ليست الإيرادات بل في المصروفات وتحديدا الرواتب".
وأوضح العبيدي، أن "الوزير يقوم بهذه الإجراءات لأسباب ثلاثة، أولا خفض سعر الدينار أمام الدولار من أجل تقليص المصروفات التشغيلية بشكل عام وتحديدا الرواتب، التي انخفضت قيمتها بحدود 25 بالمئة وأيضا زاد من الضرائب على رواتب الموظفين والسبب الثالث هو التطابق مع متطلبات البنك الدولي الذي أعلن بشكل واضح، إن على العراق أن يقلل من المصروفات التشغيلية ويرفع الضرائب ومن ضمنها الضرائب على القطاع الحكومي".
وتابع الخبير الاقتصادي، أن "كل هذه الأمور تهدف إلى تقليل دعم القطاع الحكومي وجعله قطاعاً ليس ذات جدوى اقتصادية للمواطن العراقي وتحويل تركيز المواطن العراقي إلى القطاع الخاص بدلا من القطاع العام ودفع اهتمام المواطنين نحو القطاع الخاص من خلال تخفيض الرواتب وهو هذا أحد الأهداف التي ذكرها الوزير".
وأضاف العبيدي، في حديث لـ (بغداد اليوم)، أنه "لا توجد أزمة اقتصادية في العراق وسعر النفط مرتفع، ومشكلتنا في الإدارة المالية والمصروفات بشكل عام وأغلبها تذهب للرواتب"، موضحاً أن "توجه وزير المالية لتقليل الاعتماد على الرواتب ودفع المواطنين للتوجه نحو القطاع الخاص ولكن أيضا لم تتخذ أي إجراءات حقيقية لدفع القطاع الخاص من الجانب الحكومي ويجب أن تتوافق هذه الإجراءات مع إجراءات القطاع الخاص وإيجاد المشاريع الاستثمارية ولكن لم نشهد هذه الإجراءات من الحكومة إطلاقا".
لا استقطاع على رواتب الموظفين
ومن جانبه، نفى مصدر حكومي، أمس الجمعة، وجود أي قرار أو توجه حكومي بفرض ضرائب إضافية على رواتب الموظفين والمتقاعدين.
وقال المصدر للوكالة العراقية الرسمية، إن "رئيس مجلس الوزراء كان قد أشار في أكثر من مناسبة إلى ضرورة الاهتمام بدخل الطبقات الفقيرة وتجنيبها اثار التقلبات والأزمات الاقتصادية".