أرض العسل.. غياب الدعم يبدد مئات فرص العمل ويحرم العراق من الاكتفاء الذاتي
محليات | 16-07-2020, 14:45 |
بغداد اليوم- خاص
بالقرب من سوق بعقوبة، مركز محافظة ديالى، يجتمع النحالون دورياً لمناقشة آخر المستجدات حول عملهم، يستوردون المَلِكات، ويعالجون الناس باللسعات والعسل الملكي.
المبنى الصغير هو مبنى جمعية النحالين العراقيين. ومع انخفاض أعداد النحالين وتراجع تجارتهم التي كانت رائجة في سنوات سابقة، انخفضت أعداد من يزورون المبنى.
كانت ديالى تنتج نحو 600 طن من العسل سنوياً، أما الآن، فإن ما تنتجه المحافظة لا يكاد يتجاوز الـ 100 طن، بعد مرور 7 أشهر، وذلك بعد فقدان 80% من مناحل بالمحافظة.
بلدة العسل
ويقول حقي الجبوري، وهو رئيس لجنة الزراعة في مجلس محافظة ديالى، قبل حل المجلس، إن "قطاع شمال المقدادية والذي يضم عشرات القرى تحيط بها مساحات شاسعة من البساتين والأراضي الزراعية، كانت بمثابة بلدة العسل في ديالى".
ويضيف الجبوري لـ (بغداد اليوم)، إن "توفر الغطاء النباتي بمختلف انواعه، كان أحد أسباب انتشار المناحل، وقد فقدنا أكثر من 80% من مناحل ديالى بعد أحداث حزيران 2014".
في العام المذكور، سيطر تنظيم داعش على مناطق شاسعة من العراق، من بينها مناطق بديالى، وارتكب جرائم.
ويرى الجبوري، أن "محاولات إحياء المناحل محدودة جداً، لعدم وجود دعم حكومي"، ويشدد أن "القطاع يمكن أن يتحول إلى مورد اقتصادي يوفر مئات وربما آلاف فرص العمل".
جمعية النحالين: الخسائر فادحة!
يصف رئيس الجمعية النموذجية للنحالين العراقيين علوان عبد الرزاق المياحي، الخسائر التي تكبدتها تجارة العسل في المحافظة، بأنها "خسائر فادحة".
ويقول المياحي لـ (بغداد اليوم)، إن "عدداً ليس بقليل من نحالي ديالى فقدوا مناحلهم في أحداث حزيران 2014 خاصة التي تم نقلها إلى المحافظات الشمالية".
ويضيف، أن "إنتاج العسل انخفض بشكل كبير بعد 2014 لكن العام الجاري، هناك تحسن وتجاوز العراق حاجز الـ 100 طن".
ويبين، أن "العسل في ديالى يتميز بكثرة انواعه حسب الغطاء النباتي ولحد هذه اللحظة لا يوجد أي دعم حكومي لقطاع المناحل وإنتاج العسل رغم أنه قطاع اقتصادي مهم في الكثير من بلدان العالم ومنها المجاورة للبلاد".
رحلة الملكات الشاقة
يتبادل النحالون في الجمعية الأحاديث حول النحل والعسل، وهم يرتبطون بعلاقات تعود إلى عشرات السنين، حيث تُتوارث المهنة من الأجداد إلى الأبناء في هذه المنطقة، وتعود إلى القرن الثامن عشر.
من بين ما يشغلهم، صعوبة الحصول على "ملكة النحل" التي يتم في الغالب استيرادها من الخارج، وتختلف نوعياتها وأسعارها من ملكة الى أخرى.
ما موجود في ديالى، بحسب كريم حسن وهو أحد النحالين الذين تحدثت معهم (بغداد اليوم)، هي "ملكات النحل الهجينة، وتتراوح أسعارها بين 25-30 ألف دينار، أما الملكات التي يتم استيرادها، فيبلغ سعرها نحو 60 دولاراً".
وديالى هي أول محافظة عراقية افتتحت عيادة طبية لمعالجة المرضى بلسعات النحل، وخصوصاً للأمراض المتعلقة بالأعصاب، والأمراض الصدرية.
ومن أنواع التي تشهد اقبالاً في المحافظة، ما يسمى "العسل الملكي"، والذي يستخدم في علاج تأخر الانجاب، بحسب ما توصيات المعالجين بالأعشاب للناس هنا.
متاعب كبيرة
ابو مصطفى القيسي، وهو نحال من أهالي بعقوبة، تحدث عن واقع العمل المتراجع في المناحل، في ظل الظروف التي تمر بها المحافظة.
ويقول القيسي: لـ (بغداد اليوم): "نواجه تعقيدات كبيرة في ديالى خاصة بالسنوات الاخيرة ومنها تجريف البساتين والتغير المناخي ولجوء الكثير من المزارعين إلى استخدام المبيدات بشكل عشوائي".
ويبين، أن "تربية النحل وإنتاج العسل ليست مهمة يسيرة ولكنها تعطيك ارتياحاً نفسيا ومردوداً مالياً جيداً".
نسبة كبيرة من نحالي ديالى ينقلون مناحلهم مع الصيف إلى مناطق شمالية سواء في الموصل أو كردستان بسبب أجوائها المعتدلة قياساً بالمحافظة، بحسب القيسي.
ويؤكد، أن "تربية النحل وإنتاج العسل لو توفر لها الأدوات الداعمة ستكون مهنة مدرة للأرباح".
منعت وزارة الزراعة العراقية، نهاية العام الماضي، استيراد العسل ومن جميع المنافذ الحدودية، لكن رغم ذلك، ما يزال العسل المستورد يملأ الأسواق.