البصرة.. اتهامات للعيداني بـ”العنصرية” بسبب حملة إزالة تجاوزات الوافدين: استثنى الأغنياء
سياسة | 7-09-2019, 12:24 |
بغداد اليوم _ البصرة
عادت حملات إزالة العشوائيات في محافظة البصرة، وقرار تهديم منزل أي شخص "وافد" من محافظة أخرى يرتكب جريمة قتل، بانتقادات للحكومة المحلية وخاصة المحافظ أسعد العيداني، واتهامات بـ"العنصرية"، و"استثناء" المتنفذين والاغنياء.
وتقول أميرة محمد، صاحبة شهادة الماجستير، والتي تعمل كمشرفة تربوية في تربية البصرة، إنها "فرحت وأيدت كثيرا حملة إزالة التجاوزات في بادئ الأمر، لكن رأيها تغير عندما غلفت الحملة بغلاف العنصرية"، مستغربة من إطلاق وصف "وافدين" على اشخاص يسكنون في البصرة، وينحدرون من عشائر ذات ثقل في محافظة ذي قار المجاورة، متسائلة عن الحق الذي يستند إليه المسؤولين في تصنيف أبناء البلد الواحد على أساس عنصري.
وتشير المرأة ذات الـ50 عاما، إلى "حرمانها من قطعة أرض كانت من استحقاقها بسبب ولادتها في محافظة ميسان، رغم أنها أكملت دراستها الجامعية في البصرة وقضت أكثر من 20 عاما في المحافظة تعمل في دائرة التربية فيها ولاتزال بعد أن تزوجت مهندس نفط من البصرة، الذي يعاني هو الآخر من تهميش الأحزاب الإسلامية رغم بصراويته".
ومن جانبه، يوضح محافظ البصرة أسعد العيداني، المشرف على حملة إزالة التجاوزات بصفته رئيس اللجنة الأمنية في المحافظة، أن "الحملة مخطط لها وتجري وفق برنامج متكامل"، مضيفا خلال رده على مراسل (بغداد اليوم) في مجموعة صحفية على موقع "واتساب"، إن "من يعتقد أن هذه الحملة عشوائية وغير مخطط لها أو انها عبارة عن رد فعل أو تحمل جوانب عنصرية، فهو واهم"، مشددا على أن "حملة إزالة التجاوزات قانونية بحتة".
وأشار العيداني، إلى وجود "اكثر من 30 ألف قطعة ارض في محافظة البصرة سوف توزع لمستحقيها ولمن لا يمتلكون سكنا لا سيما الذين يسكنون العشوائيات شرط ان يكون مسقط رأسهم محافظة البصرة"، مبينا أن "المقصود بمصطلح (وافدين) هم الأشخاص الذين وفدوا إلى البصرة من محافظات أخرى، ولا يُقصد به مهاجمتهم أو الإساءة لهم كما يزعم البعض".
وأعرب عن "كل مشاعر الحب والاحترام لهذه الشريحة"، مؤكدا "أنه ملزم بحفظ كرامتهم، لكن ليس هناك أي باب أو فقرة قانونية تسمح له بتخصيص أراض سكنية لهم، ولذا فأن الحل الوحيد الذي أمامهم هو شراء أو استئجار منازل في المحافظة، أما العشوائيات فلا يمكن السماح بوجودها بعد الآن".
وحول قراره تهدم المنازل المتجاوزة التي يتورط أحد ساكنيها بجريمة قتل، يُبينّ محافظ البصرة، أن "هذا القرار أمني بالدرجة الأولى بغية السيطرة على الوضع في المحافظة وإعادة المتنازعين عشائريا إلى محافظاتهم، وهو أمر يصب في مصلحة أمن البصرة بعد أن تحولت إلى ساحة للصراع العشائري"، لافتا إلى أن "هناك نزاعات عشائرية وقعت في محافظات أخرى وانتقلت إلى البصرة بعد نزوح العشائر المتنازعة إليها".
"ليس كل ما قاله العيداني صحيح"
هذه الفقرة من حديث العيداني، ينتقدها الناشط المدني في البصرة حسين الباهض، الذي يؤكد أن "معظم النزاعات العشائرية في المحافظة تقع بين عشائر بصرية من شمال المحافظة تحديدا".
ويقول الباهض لـ(بغداد اليوم)، إن "العشائر التي يطلق عليها (عشائر شط)، والمقصود بها عشائر البصرة، هي الأكثر اثارة للنزاعات العشائرية وتسكن بيوتا أصولية"، متسائلا عمّا إذا كان "المحافظ سيقوم بهدمها أيضاً" عند تورط أحد افرادها بجريمة قتل.
"اقتراح"
ولدى المجلس العشائري في البصرة اقتراحا لمشكلة النزاعات العشائرية، فرئيسه رائد الفريجي يدعو إلى "سحب سلاح العشائري الذي يعادل سلاح فرقتين عسكريتين، كما صرح وأقر قائد الشرطة الفريق الركن رشيد فليح".
ويرى الفريجي، أن "الخلاص من الجريمة والنزاعات العشائرية في البصرة يتطلب نزع سلاح العشائر، وليس تهديم المنازل على رؤوس الفقراء"، لافتا إلى أن "مجلسه لاحظ أن الحملة التي لاتزال في بداياتها شملت الفقراء واستثنت بعض الاغنياء والمتنفذين".
وكان قائد شرطة محافظ البصرة الفريق رشيد في فليح، قد اعلن في وقت سابق، دعم القيادات الامنية لقرارات محافظ البصرة اسعد العيداني، وأبرزها هدم الدور المتجاوزة التي يمتلك ساكنيها سجلا اجراميا، كما قال في إحدى المؤتمرات الصحفية مؤخرا.
"لا تتنافى مع حقوق الانسان"
مكتب حقوق الانسان في البصرة، يؤكد من جهته، أن "هدم دور ساكني العشوائيات الذين لديهم سجلا اجراميا لايتنافى مع مبدأ حقوق الانسان".
ويقول مدير المكتب مهدي التميمي لـ(بغداد اليوم)، إن "هذا القرار أمنيا، وأن مكتبه يدعم هذه الخطوة لكونها تصب في مصلحة القرار الأمني في المحافظة".
رسالة من "الوافدين" إلى العيداني: الدنيا إقبال وإدبار
من جانبهم، وجه أشخاص يسكنون البصرة وينحدرون من محافظتي ميسان وذي قار رسالة إلى المحافظ أسعد العيداني.
ويقول محمد البيضاني، وهو أحد هؤلاء الأشخاص: "نحن قدمنا إلى البصرة بحثا عن العمل وهربا من معاناة الفقر والفاقة، كما اننا ضحايا نظام سياسي فاسد، ولكن هل حصل أهالي البصرة على حقوقهم لكي يحصل أبناء ذي قار وميسان على حقوقهم"، مخاطبا اسعد العيداني بالقول: "الدنيا إقبال وإدبار.. أحذر أن يلعنك التاريخ بلعنته".
أما المواطن البصري محمد خيون صبري، صاحب الـ30 عاما، فيأسف لكون شهادته الجامعية في تخصص الإدارة والاقتصاد لم تشفع له في الحصول على وظيفة حكومية، رغم طرقه لأبواب كثيرة، فلجأ إلى بسطة على رصيف شارع الكويت وسط البصرة يبيع فيها ملابس داخلية للرجال قبل أن ينقلها إلى منزله بعد أن هددته السلطات البلدية بمصادرتها وفرض غرامة مالية عليه قدرها 500 ألف دينار.
ويعترض خيون على إطلاق مفردة "وافدين" على أبناء المحافظات الأخرى الذين يسكنون البصرة ويعملون فيها، مبديا أسفه مرة أخرى لـ"تأثر محافظته برياح العنصرية رغم أنها لم تتأثر برياح الطائفية في 2006"، مرجحا "وقوف مخابرات خليجية خلف ذلك لضرب النسيج البصري المتماسك".