بغداد اليوم – بغداد
دخلت القوات الأمريكية مرحلة جديدة من الانفتاح العسكري في سوريا، مع تعزيز وجودها في الحسكة ومناطق أخرى، وتحويل عدد من المطارات والمواقع العسكرية إلى قواعد عملياتية واستخبارية مشابهة لقاعدة عين الأسد في العراق. ويأتي هذا التطور في إطار إعادة تموضع أمريكية تهدف إلى إعادة هندسة النفوذ في الشرق الأوسط بعد تحولات ميدانية وسياسية متسارعة.
الخبير في الشؤون الأمنية أحمد التميمي أوضح لـ"بغداد اليوم" أن "القوات الأمريكية بدأت بتوسيع نطاق انتشارها داخل سبع قواعد رئيسية، بعضها يخضع لتحديثات هندسية تتيح استقبال طائرات الشحن الثقيلة، مع رفع عدد الجنود بنسبة تصل إلى 20%، وفق معلومات ميدانية موثوقة"، مشيرا إلى أن "المرحلة الثانية من الانفتاح الأمريكي تعتمد على تفاهمات غير مباشرة مع دمشق لإنشاء قواعد تُستخدم للنشاط العملياتي والاستخباري".
ويوم أمس، نقلت وكالة رويترز عن مسؤول أميركي قوله إن "تعزيز وضعنا العسكري في سوريا أمر ضروري"، مضيفاً: "لن نفصح عن موقع تأسيس الوجود العسكري الجديد لأسباب أمنية وعملياتية"، مؤكداً أن "مدرج القاعدة الجوية في سوريا جاهز للاستخدام الفوري من قبل قواتنا".
ويشير ذلك إلى أن الولايات المتحدة أنهت فعلاً المرحلة الاستطلاعية لتحديد مواقع انتشارها، في ظل التمهيد لتأسيس قاعدة تشغيل متكاملة قد تكون الأكبر منذ معركة الرقة.
وبحسب مصادر عسكرية، فإن مطار المزة يُعد الموقع الأبرز لإنشاء قاعدة جديدة، لما يتمتع به من موقع استراتيجي وقدرات لوجستية جاهزة. لكن الأهم أن بعض المؤشرات تذهب إلى أن القاعدة المحتملة قد تلعب دورًا في ضمان أمن إسرائيل، ما يمهّد لتطبيق اتفاق غير معلن في الجنوب السوري، يوازن بين الوجود الروسي والإيراني والأمريكي في المنطقة، ويفتح الباب أمام ترتيبات أمنية جديدة حول الجولان وحدود درعا والسويداء.
في موازاة التطورات الميدانية، يستعد الرئيس السوري أحمد الشرع — الذي رُفعت عنه العقوبات الأمريكية والدولية مؤخراً — لزيارة البيت الأبيض خلال الساعات المقبلة للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في أول لقاء مباشر بين الجانبين.
وبحسب مصادر دبلوماسية، من المقرر أن يوقع الشرع على وثيقة انضمام بلاده إلى التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، في خطوة قد تنهي عزلة دمشق وتعيد تشكيل خريطة التحالفات داخل سوريا.
ويُرجح أن يشمل الاتفاق المرتقب انتقال التنسيق العسكري الأمريكي مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) إلى القنوات الرسمية مع الحكومة السورية، خصوصاً أن "قسد" ما زالت تسيطر على سجون تضم آلافاً من عناصر داعش المصنَّفين من أخطر المقاتلين.
ويرى التميمي أن "الولايات المتحدة تحاول من خلال هذا التوسع تثبيت دورها المركزي في توازن القوى الإقليمي، خصوصاً بعد تصاعد النفوذ الروسي والإيراني، وظهور حاجة إسرائيل إلى مظلة ردع ميدانية مباشرة داخل العمق السوري"، موضحًا أن "واشنطن قد تعيد نشر بعض القدرات من قواعدها في العراق — مثل عين الأسد والحرير — لدعم هذا الانتشار الجديد".
المراقبون في بغداد يرون أن هذه الخطوة لن تمر دون تأثير على العراق. فإعادة تموضع القوات الأمريكية في سوريا تعني — من الناحية العملياتية — إعادة رسم مسار الإمداد العسكري والاستخباري عبر الأراضي العراقية، ما يجعل بغداد مرة أخرى محورًا استراتيجيًا في معادلة الشرق الأوسط الأمنية.
ويحذر الخبراء من أن العراق قد يجد نفسه أمام معادلة حرجة: فمن جهة، سيُطلب منه تسهيل الإمدادات والعبور الجوي واللوجستي، ومن جهة أخرى، ستتصاعد الضغوط من الفصائل المسلحة الرافضة لأي دور أمريكي موسّع في المنطقة، وهو ما قد يعيد التوترات الأمنية والسياسية إلى الواجهة.
كما يُتوقع أن يتراجع الاهتمام الأمريكي بالعراق مؤقتًا لصالح سوريا، ما قد ينعكس على وتيرة الدعم الاقتصادي والبرامج الاستشارية العسكرية. وفي المقابل، قد يُستخدم العراق كمنطقة عازلة خلفية لعمليات التموين والمراقبة الإقليمية، وهو ما يضع حكومته أمام تحدٍّ مزدوج: الحفاظ على الشراكة مع واشنطن دون استفزاز القوى الموالية لإيران، وضمان عدم تحوّل أراضيه إلى مسرح مواجهة جديدة.
وفي ظل هذه التحركات، يبدو أن القاعدة الجديدة في سوريا ليست مجرد نقطة تموضع عسكري، بل بداية فصل جديد من الصراع الخفي على النفوذ، حيث تتقاطع المصالح الأمريكية والإسرائيلية والإيرانية فوق جغرافيا واحدة تمتد ظلالها حتى حدود العراق.
المصدر: قسم الرصد والمتابعة في بغداد اليوم
بغداد اليوم - متايعة أكد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، اليوم الجمعة (7 تشرين الثاني 2025)، بأن قوة الاستقرار الدولية في غزة ستبدأ عملها قريبًا جدًا على الأرض. وقال ترامب في تصريحات تابعتها "بغداد اليوم"، إن "قوة الاستقرار الدولية في غزة