أخطر زوايا الشبكة

روبلكس تُحجب في العراق لكن.. الخطر بدأ الآن: كيف يفتح الحظر أبواب الإنترنت المظلم أمام الأطفال؟

بغداد اليوم – بغداد

أعلنت وزارة الاتصالات العراقية، يوم الأحد (19 تشرين الأول 2025)، عن قرار بحظر لعبة Roblox داخل العراق، مستندةً إلى قرار من المحكمة الاتحادية العليا، وقالت إن القرار جاء "حرصاً على حماية الأمن المجتمعي وصون القيم الأخلاقية والتربوية للأسرة والأطفال، والحفاظ على سلامة مستخدمي خدمات الإنترنت".

يجري هذا الإجراء بالتزامن مع تحذيرات تقنيّة من احتمال أن يؤدي الحظر إلى نتائج عكسية، تتمثل في زيادة استخدام تطبيقات VPN بين الأطفال والمراهقين، ما قد يفتح ثغرات أمنية أبعد خطراً من اللعبة نفسها.

علّق الخبير التقني عثمان أحمد خلال حديثه لـ"بغداد اليوم"، بأن "حجب Roblox لن يوقف الوصول لها بل سيضاعف اعتماد اللاعبين أو الأطفال على تطبيقات VPN، ويعرّضهم لمخاطر خصوصية وأمن إضافية". وأضاف أن "التقنيّاً، لا توجد آلية حجب شاملة بلا التفاف أو أضرار جانبية، حيث إن الترسانة التقنية للحجب العميق تشمل: حجب DNS وعناوين IP، وحجب المنافذ، والتصفية على مستوى SNI/TLS، والتفتيش العميق للحزم (DPI)، وحتى مطاردة تطبيقات VPN عبر تواقيع وبصمات الشبكة".

وأوضح أحمد أن "الطريق الآمن هو التعاون مع المنصّة نفسها لتشديد الضوابط المحلية والرقابة الأبوية والتثقيف الرقمي، بدل قرارات شاملة تقوّض الهدف المعلن بحماية المجتمع".

من الناحية التقنية، الحظر الكامل للعبة كهذا يتطلب تنفيذًا عالي المستوى، لكنه في الوقت نفسه لا يضمن فعالية مطلقة. في البلدان التي اعتمدت سياسات مماثلة، لوحظ أن الأطفال والمراهقين غالباً ما يلجؤون إلى تطبيقات VPN أو حتى خوادم بروكسي لتجاوز الحجب، ما يعيدهم إلى دائرة خاضعة لحركات تفلّت من الرقابة المحلية. كما أن عملية حجب DNS أو عناوين IP فقط قد تُحوّل المستخدمين إلى بدائل أبعد أماناً، مما يجعلهم معرضين لروابط مزيفة أو برامج خبيثة أثناء محاولاتهم الالتفاف.

وحسب بيانات مجلس حقوق الإنسان ومنظمات حماية الطفل، فإن إنفاق الأطفال على منصّات الألعاب أو عمليات الشراء الداخلية عبر العملة الافتراضية غالبًا ما يُعد بوابة لمشاكل مالية أو استغلال تجاري. في حالة Roblox، سبق أن أشير إلى كثرة الشكاوى حول عملة «روبوكس (Robux)» والشراء المتكرر والتأثير على التحصيل الدراسي والعزلة الاجتماعية.

مطالب بحظر Roblox ترددت في العراق منذ أشهر، خصوصاً من أولياء الأمور ومراكز حقوق الأطفال، معتبرين أنها تشكل بيئة مفتوحة للتواصل العشوائي والاستغلال الرقمي. بهذا القرار، تكون الوزارة قد استجابت للضغط المجتمعي، لكن باتجاه التنفيذ السريع بدلاً من سياسة تدريجية أو شراكة مع المنصّة.

وبينما أُعلن الحظر، دعا رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان فاضل الغراوي إلى "وضع إطار وطني لحماية الأطفال في البيئة الرقمية، وإطلاق حملات توعية وتعزيز الإشراف الأسري".

الحظر يحمل منطقاً على مستوى حماية القيم والتربية الرقمية، لكنه يقف على مفترق خطر: من جهة، قد يقلّل من الوصول السهل للمنصّة ويُرسل رسالة على المستوى القانوني والاجتماعي بأن الدولة تراقب البيئة الرقمية. ومن جهة أخرى، قد يحفّز استخدام أدوات الالتفاف مثل VPN، مما يجعل المستخدمين — خاصة الأطفال — خارج نطاق الحماية المحلية، ويعرضهم لروابط وبيئات أقل أماناً وأكثر خطورة، مما قد يؤدي إلى عكس الهدف. عادة ما يكون التعاون مع المنصّات أو توجيهها لفرض رقابة داخلية أكثر فعالية من الحظر الكامل، حسب رأي الخبراء التقنيين.

إن قرار حظر Roblox في العراق خطوة قوية من جهة التعبير عن سلطة الدولة وحرصها على حماية الأطفال، إلا أن فاعليتها الحقيقية مرهونة بكيفية التعامل مع الالتفاف التقني. إذا لم يُرفق الحظر بإجراءات مكثّفة في الرقابة الأبوية، التوعية الرقمية، وتعزيز الشراكة مع المنصّة، فإن المخاطر التقنية قد تتضاعف، ويصبح الحظر عامل تهديد مباشر أكثر منه حماية. يبقى أن التحدّي الأهم الآن هو تحويل القرار إلى استراتيجية متكاملة للحماية الرقمية، لا مجرد إجراء رمزي.

المصدر: قسم الرصد والمتابعة في "بغداد اليوم"