سياسة / ملفات خاصة اليوم, 14:00 | --

مؤشرات انفجار احتجاجي


من شط العرب إلى باقي المحافظات.. أزمة الملوحة في البصرة تنذر بانتشار الغضب الشعبي

بغداد اليوم - البصرة

في مشهد يعيد إلى الأذهان احتجاجات عام 2018، تتصاعد في محافظة البصرة منذ ثلاثة أيام موجة غضب شعبي احتجاجاً على تفاقم أزمة المياه المالحة. الأزمة التي امتدت إلى الأحياء السكنية في التميمية والحيانية والعشار، دفعت مئات المواطنين إلى الشوارع، وسط تحذيرات من أن تجاهل هذه الأصوات قد يفتح الباب أمام احتجاجات أوسع تتخطى حدود الجنوب.

تُظهر البيانات الرسمية أن ملوحة المياه في بعض مناطق البصرة بلغت مستويات غير مسبوقة، إذ تجاوزت 6,300 جزء في المليون في مناطق مثل كرمة علي، ووصلت في أقضية دير والفاو إلى أكثر من 10,000 إلى 17,000 جزء في المليون، وهي نسب تجعل المياه غير صالحة للاستخدام البشري أو الزراعي.

محطات التحلية التي تديرها منظمات الإغاثة الدولية، بما فيها الهلال الأحمر، تعمل بأقصى طاقتها لتزويد آلاف العائلات بمياه عذبة جزئية، في حين ما تزال البنية التحتية الحكومية عاجزة عن مواجهة الكارثة.

مركز العراق لحقوق الإنسان، دعا إلى اعتماد خطة ثلاثية النقاط لمعالجة الأزمة، مؤكداً أن الوضع تجاوز حدود التحمل، وأن البصرة تواجه أزمة وجودية لا معيشية فحسب. وقال رئيس المركز علي العبادي في حديثه لـ"بغداد اليوم"، إن “المركز يتابع عن كثب الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها محافظة البصرة خلال الأيام الثلاثة الماضية، والتي أخذت منحى تصاعدياً بسبب تفاقم أزمة ملوحة المياه”، مشيراً إلى أن “ما يجري يمثل أزمة حقيقية تتطلب تفاعلاً سريعاً من الحكومة الاتحادية”.

واتسع المد الملحي القادم من الخليج العربي عبر شط العرب نتيجة انخفاض تدفقات المياه من دجلة والفرات بسبب السدود التركية والإيرانية، ما تسبب بتراجع مستويات المياه العذبة ودخول مياه البحر إلى أعماق المحافظة. هذه الظاهرة، بحسب خبراء بيئة، ليست طارئة بل هي نتاج سنوات من الإهمال وضعف التخطيط المائي، وتفاقم التغير المناخي الذي جعل الجنوب العراقي أكثر هشاشة أمام التصحر والجفاف.

العبادي أضاف: “على مجلس الوزراء عقد جلسة طارئة في البصرة للتفاعل مع المطالب المشروعة للأهالي، وبمشاركة منظمات المجتمع المدني والنشطاء والإعلاميين لنقل صوت المواطن ومعاناته بشكل مباشر”، مشدداً على “ضرورة اتخاذ معالجات عاجلة لتوفير المياه الصالحة للشرب، واحترام حق التظاهر السلمي وعدم استخدام القوة في التعامل مع المحتجين”.

تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش أشار في وقت سابق إلى أن سوء إدارة المياه في العراق وعدم محاسبة المقصرين هو السبب الرئيس وراء تفاقم الأزمات المتكررة في البصرة. وفي المقابل، ما تزال الحكومة تكتفي بالحلول الترقيعية، بينما تتصاعد نسب التلوث وتزداد الأمراض المرتبطة بشرب المياه الملوثة، خاصة بين الأطفال وكبار السن.

رئيس مركز العراق لحقوق الإنسان أكد أن “تجاهل هذه الاحتجاجات السلمية قد يؤدي إلى توسعها وانتقالها إلى محافظات أخرى”، داعياً إلى “اعتماد خارطة طريق واضحة تستجيب للمطالب المشروعة، خصوصاً ما يتعلق بتأمين المياه الصالحة للشرب لأهالي البصرة”.

وشهدت مناطق متعددة من البصرة خلال الأيام الماضية احتجاجات متفرقة تخللها قطع للطرق وحرق للإطارات في مناطق العشار والتميمية والحيانية، وسط حضور أمني مكثف. ويخشى مراقبون من انتقال هذه الاحتجاجات إلى محافظات مجاورة مثل ميسان وذي قار، خصوصاً مع تفاقم تراجع الموارد المائية في حوضي دجلة والفرات.

تجارب السنوات الماضية، ولا سيما احتجاجات صيف 2018، أظهرت أن غضب البصريين يمكن أن يتحول بسرعة إلى موجة وطنية تتجاوز البعد الخدمي إلى السياسي، حين يُترجم الإهمال المائي إلى أزمة ثقة مع الدولة.

المصدر: بغداد اليوم+ وكالات

أهم الاخبار

النهران يختنقان وصمت أنقرة يطول.. تحذير من أزمة مائية تهدد أمن العراق الغذائي

بغداد اليوم – بغداد حذر المختص في الشأن المائي والزراعي عادل المختار، اليوم الاثنين (13 تشرين الأول 2025)، من استمرار الإخفاق في حصول العراق على حصته المائية العادلة من تركيا، مؤكداً أن الأزمة تجاوزت حدود النقاش الفني لتتحول إلى تهديد استراتيجي يمس أمن

اليوم, 15:18