بغداد اليوم - بغداد
يشهد الشرق الأوسط اليوم حالة من إعادة التشكيل السياسي والأمني، حيث تتقاطع مصالح القوى الإقليمية والدولية في ساحات النفوذ الممتدة من طهران إلى دمشق فبغداد. ومع انحسار الصراع العسكري في سوريا وبروز ملامح نظام جديد ذي طابع جهادي-مدني، باتت العلاقات بين إيران وسوريا تمرّ بمرحلة "برود استراتيجي" بعد أعوام من التحالف العسكري الوثيق. هنا، يبرز العراق لاعبًا محوريًا محتملًا في هندسة تقارب جديد بين العاصمتين، مستفيدًا من موقعه الجغرافي وصلاته الدبلوماسية المفتوحة مع الطرفين.
تؤكد مؤشرات عديدة أن بغداد، التي لطالما أدت دور الوسيط الإقليمي بين خصوم المنطقة، تحاول اليوم توظيف هذه المكانة لترميم الشرخ القائم بين حليفين سابقين، في ظل حسابات دقيقة تتعلق بالسيادة، والاصطفاف الدولي، والتوازن بين طهران وموسكو ودمشق.
أستاذ العلوم السياسية، خليفة التميمي، بيّن أن العراق يمكن أن يلعب دورًا في خلق تقارب بين طهران ودمشق، في ظل ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من تطورات سياسية وأمنية.
وقال التميمي في حديث لـ"بغداد اليوم"، إن "بغداد لديها علاقات مباشرة مع السلطة الحاكمة في سوريا، وهو أمر واضح من خلال اللقاءات المعلنة سواء من قبل رئيس مجلس الوزراء أو رئيس جهاز المخابرات، الذي زار العاصمة السورية مرات متكررة لبحث مواضيع متعددة".
وأضاف أن "العراق بالفعل يمكن أن يسهم في تقريب وجهات النظر بين طهران ودمشق إذا رغبت أي من الطرفين في ذلك، إلا أن إيران قد تؤجل أي تقارب حاليًا لتفادي إحراج أمام جمهورها، نظرًا لوجود أجنحة متشددة داخلها ونظرتها الخاصة تجاه دمشق".
وأشار التميمي إلى أن "قرار التقريب أو فتح قنوات التعاون بين الطرفين هو قرار استراتيجي لا يمكن اتخاذه بين ليلة وضحاها، ويحتاج إلى دراسة مصالح واضحة سيتم مناقشتها"، متوقعًا أن "حالة الجمود بين إيران وسوريا لن تستمر طويلًا، خاصة في ظل لغة المصالح المشتركة التي قد تكسر جليد التوتر بينهما".
وتداولت أنباء تفيد بأن العراق يعمل على تقريب وجهات النظر بين الحكومة السورية الحالية والحكومة الإيرانية، تمهيدًا لعقد صلح مستقبلي يرضي الطرفين. وحسب المعلومات، فإن مسؤولين عراقيين زاروا دمشق سرًا والتقوا مسؤولين في الخارجية السورية، وناقشوا إمكانية الوساطة لعقد مصالحة بين دمشق وطهران، خصوصًا بعد لقاءات سورية روسية مكثفة، حيث كانت الحكومة الحالية في سوريا تعتبر روسيا وإيران "عدوين تقليديين" خلال مراحل سابقة من الصراع.
وأكدت أن إيران هي من أوعزت للعراق سابقًا بالتواصل مع دمشق، وطلبت من بغداد أن تكون وسيطًا في فتح القنوات السياسية مجددًا، في محاولة لاستعادة حضورها الرسمي داخل سوريا وتأمين مصالحها التي تم تثبيتها في حقبة النظام السوري المخلوع.
ويرى متخصصون بالشأن الإقليمي، أن هذه التطورات، بعد تحولات جوهرية في الموقف السوري من التحالفات الإقليمية، خصوصًا عقب صعود حكومة جديدة في دمشق تتكوّن من شخصيات كانت على خصومة سابقة مع طهران. كما أن الانخراط الروسي في سوريا بدأ يشهد تراجعًا تدريجيًا لصالح ترتيبات أمنية جديدة تقودها أطراف عربية وغربية، ما يجعل إيران تبحث عن نافذة عودة آمنة تضمن مصالحها الاقتصادية والعسكرية.
أما العراق، فوجد في هذه اللحظة فرصة لإعادة تثبيت موقعه كـ"وسيط توازن" في صراع المحاور، مستندًا إلى شبكة علاقاته المتشابكة مع طهران ودمشق وموسكو، وساعيًا إلى تقليل التوتر في جبهته الغربية والشرقية في آنٍ واحد.
ويبدو أن هذا الدور الوسيط يحمل أبعادًا أبعد من مجرد "مبادرة دبلوماسية"، إذ يعكس محاولة عراقية لإعادة التموضع في الخارطة الإقليمية الجديدة، حيث تتقاطع خطوط الغاز والنفط والسياسة بين العواصم الثلاث، بحسب مراقبين.
المصدر: قسم الرصد والمتابعة في "بغداد اليوم"
بغداد اليوم- متابعة في خطوة مفاجئة ومثيرة للجدل، أعلنت منصة "يوتيوب" عن إطلاق برنامج جديد بعنوان "فرصة ثانية"، يتيح لعدد من منشئي المحتوى الذين أُغلِقت قنواتهم سابقًا فرصة لإنشاء قناة جديدة والعودة إلى المنصة مجددًا. ويهدف البرنامج