بغداد اليوم - طهران
بينما يكافح الاقتصاد الإيراني منذ سنوات تحت وطأة العقوبات الأحادية الأمريكية، يلوح في الأفق تهديد جديد ومختلف. تفعيل "آلية الزناد" (Snapback Mechanism)، وهو ما يهدد الاستقرار الاقتصادي للبلاد ويزيد من حالة عدم اليقين.
ووفقاً لتقرير حديث صادر عن غرفة التجارة بطهران، فإن هذه الآلية لا تقتصر على إعادة فرض بعض العقوبات البسيطة، بل تمثل إعادة هيكلة كاملة للضغوط القانونية والسياسية والاقتصادية على إيران، عبر إعادة تفعيل ستة قرارات ملزمة من مجلس الأمن صدرت بين 2006 و2010، وهو ما يعتبره العديد من الخبراء عاملًا يزيد من هشاشة الاقتصاد الإيراني وينعكس على كامل المنظومة الاقتصادية.
وقال محمد خبري زاد، خبير الأسواق المالية، لـ"بغداد اليوم"، السبت (27 أيلول 2025)، إن احتمال تفعيل آلية الزناد خلال الأيام القادمة سيؤثر مجددًا على المناخ الاقتصادي والأسواق المالية في إيران، مع سيناريوهين محتملين: واحد متشائم والآخر متوازن.
وأضاف خبري زاد "يفترض هذا السيناريو أن تفعيل آلية الزناد سيضرب الاقتصاد الإيراني بشدة، حيث ستتعرض التجارة الخارجية، الإيرادات بالعملات الأجنبية، والقطاعات الحيوية لضغوط كبيرة، ما يؤدي إلى سلسلة من التأثيرات السلبية داخل البلاد".
وعن السيناريو المتوازن، قال: "يشير هذا السيناريو إلى أن العقوبات الكبرى قد فُرضت سابقاً من قبل الولايات المتحدة، واتجهت أوروبا على نفس المنوال، وحتى الصين وروسيا التزمت إلى حد ما بسياسات الحد من التعامل مع إيران. مع ذلك، يعني هذا الافتراض عدم خلو التأثيرات الجانبية، حيث سيزيد تفعيل آلية الزناد على الأقل من تكاليف المعاملات في مختلف القطاعات".
وأكد أن "هناك نقطة إجماع، ارتفاع التوقعات التضخمية، وهو ما يرتبط عادة بارتفاع سعر الدولار في السوق الحرة، ويتأثر بشكل خاص بحجم صادرات النفط، ما قد يغير مستقبل تكلفة واردات النفط في البلاد بشكل ملموس.
وأوضح الخبير الاقتصادي الإيراني، أنه "إذا لم تشهد صادرات النفط انخفاضاً كبيراً، فسيتغير سعر الدولار وفقاً للتضخم المتوقع، مما يدعم نمو صناديق الذهب".
"أما في السيناريو المتشائم، ومع انخفاض ملموس في صادرات النفط، فستسارع قفزات الدولار، وسيرتفع سعر الذهب والعملات المعدنية بسرعة، مع مخاطر تضخم خارق للسيطرة"، بحسب خبري زاد.
وأشار إلى أن "بورصة طهران بنيت في الأشهر الأخيرة على افتراض تفعيل آلية الزناد، ووصلت المؤشرات الأساسية والفنية إلى أحد أدنى مستوياتها خلال 10 إلى 15 عاماً".
وأضاف أنارتفاع سعر الدولار، خاصة في نظام نيما أو السوق التوافقية، يمكن أن يزيد من مبيعات الشركات، رغم أن هوامش الربح قد تتأثر بالزيادة في التكاليف. كما أن أثر التضخم الناتج عن ارتفاع العملة سينعكس تدريجيًا على المبيعات والقيمة السوقية للشركات، ما قد يعيد البورصة إلى مسار صعودي".
وحذر من أن "تحقيق عوائد بالدولار في سوق الأسهم سيصبح أصعب من ذي قبل، وأن الانخفاض الكبير في المؤشرات غير مرجح، إلا إذا وقع خطر جيوسياسي كبير أو أزمة جديدة، بينما تحتاج البورصة إلى محفزات قوية للبدء في التعافي".
وبشأن سعر الدولار، قال خبري زاد، إن "أسعار الدولار شهدت ارتفاعاً بعد توترات الحرب التي استمرت 12 يومًا، ومع تصاعد الأخبار المتعلقة بآلية الزناد، بلغ الدولار مستويات قياسية جديدة، بينما سجل سوق الذهب والعملات المعدنية سقوفاً تاريخية، مع دخول كبير للسيولة إلى صناديق الذهب".
وأشار إلى أن "جزءاً كبيراً من المجتمع اتجه نحو الأصول الآمنة للحفاظ على قيمة ممتلكاتهم أمام التضخم المحتمل، ومن المتوقع استمرار هذا التوجه لبعض الوقت".
واختتم: "السوق الوحيد الذي أظهر رد فعل سلبي فهو سوق الأسهم، حيث كان الانخفاض قصير المدى مبررًا حسب طبيعة السوق، مع توقع تعافي تدريجي بمجرد تثبيت أسعار الدولار عند مستويات مرتفعة، رغم التحديات المصاحبة" .
آلية الزناد (Snapback Mechanism) هي بند ضمن الاتفاق النووي لعام 2015 (خطة العمل المشتركة الشاملة – JCPOA)، يتيح لأي طرف مشارك فيه إعادة فرض جميع العقوبات الدولية على إيران في حال خرقها للاتفاق.
وتتمثل خطورة هذه الآلية بأنها تعيد تفعيل قرارات مجلس الأمن الستة الصادرة بين 2006 و2010، والتي تشمل عقوبات اقتصادية ومالية وعسكرية مشددة.
بغداد اليوم - بغداد يقف الشرق الأوسط في لحظة إعادة تشكيل جذرية: تراجع الانخراط الأمريكي المباشر مع بقاء النفوذ، صعود أدوار إقليمية أكثر استقلالية من اتفاقيات دفاعية إلى مسارات تطبيع، ضغوط قصوى على إيران، واستقرار سوري جديد يتجه لترتيبات أمنية مختلفة،